Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 13, Ayat: 36-37)

Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله - عز وجل - : { وَٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ } . يشبه أن تكون الآية صلة قوله : { وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِٱلرَّحْمَـٰنِ } [ الرعد : 30 ] ؛ فأخبر - عز وجل - : { وَٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ } ؛ بذكر الرحمن . ثم اختلف في قوله : { وَٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ } : قال بعضهم : أصحاب محمد ؛ فرحوا بما أنزل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقال بعضهم : { وَٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ } : أهل التوراة يفرحون بما أنزل إليك يذكر هاهنا أنهم يفرحون بما أنزل إليك ، ويذكر في موضع : { مَّا يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ وَلاَ ٱلْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ } [ البقرة : 105 ] . وقال في موضع آخر : { ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَـٰبَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ أُوْلَـٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ } [ البقرة : 121 ] فمن تلا منهم الكتاب حق تلاوته ولم يبدله ولم يغيره - فهو يؤمن به ؛ ويفرح بما أنزل على محمد ، ومن غيَّره وبدَّله - فهو لم يفرح [ بما أنزل ] عليه . وقوله : { وَٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ } تأويله - والله أعلم - كأنه قال : والذين آتيناهم منافع الكتاب أولئك يفرحون [ بما أنزل ] إليك ، وهو ما قال في آية أخرى : { ٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَـٰبَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ } [ البقرة : 121 ] لأن أكثرهم [ لا يؤمنون ] بما أنزل على محمد . وقوله - عز وجل - : { وَمِنَ ٱلأَحْزَابِ مَن يُنكِرُ بَعْضَهُ } . يحتمل : أهل الكتاب كانوا ينكرون بعض ما أنزل إليه ؛ لا ينكرون كل ما أنزل إليه ؛ وإنما ينكرون نعته وصفته ؛ لأنهم كتموا نعته وصفته التي في كتبهم . ويحتمل قوله : { وَمِنَ ٱلأَحْزَابِ مَن يُنكِرُ بَعْضَهُ } مشركي العرب ؛ وهم أيضاً أنكروا بعض ما أنزل إليه ؛ وهو ما ذكر : { وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِٱلرَّحْمَـٰنِ } [ الرعد : 30 ] في قوله : { أَجَعَلَ ٱلآلِهَةَ إِلَـٰهاً وَاحِداً } [ ص : 5 ] ونحوه ، لم ينكروا كله . وقوله - عز وجل - : { قُلْ إِنَّمَآ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ ٱللَّهَ وَلاۤ أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو } . كأن هذا قاله على إثر قول كان منهم ؛ [ كأنهم دعوه ] إلى أن يشاركهم في عبادة الأصنام ، أو دعوه أن يكون على ما كان آباؤهم ؛ فقال : قل إنما أمرت أن أعبد الله وأمرت ألا أشرك به . ويحتمل قوله : { وَلاۤ أُشْرِكَ بِهِ } قال ذلك من نفسه . { إِلَيْهِ أَدْعُو } يقول : إلى توحيد الله أدعو غيري ثم أخالف وأعبد غيره ؟ { وَإِلَيْهِ مَآبِ } أي : إليه المرجع . وقوله - عز وجل - : { وَكَذٰلِكَ أَنزَلْنَاهُ } أي : كما علمناك آداباً وأعطيناك النبوة - كذلك أنزلنا عليك . { حُكْماً عَرَبِيّاً } قيل حكمة عربية ، وكانت العرب لا تفهم الحكمة ؛ أو أنزلنا ما فيه حكم . وتفسير قوله : { وَكَذٰلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْماً عَرَبِيّاً } ما ذكر [ في آية ] أخرى ؛ وهو قوله : { الۤر تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ * إِنَّآ أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً } [ يوسف : 1 - 2 ] سمى القرآن حكماً ؛ لأنه للحكم أنزل . وقوله - عز وجل - : { وَلَئِنِ ٱتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ مَا جَآءَكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ } . هذا يدل أنهم كانوا يدعونه إلى أن يشاركهم في بعض ما هم فيه . { مَا لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن وَلِيٍّ } ينصرك ويمنعك من عذاب الله . { وَلاَ وَاقٍ } يعني العذاب .