Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 13, Ayat: 6-7)

Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله - عز وجل - : { وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِٱلسَّيِّئَةِ قَبْلَ ٱلْحَسَنَةِ } . الاستفعال يكون على وجهين : يكون طلب الفعل ويكون الفعل نفسه ؛ كقوله : { ٱدْعُونِيۤ أَسْتَجِبْ لَكُمْ } [ غافر : 60 ] قيل : أجيب لكم ، وقوله تعالى : { فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي } [ البقرة : 186 ] أي : ليجيبوا لي ، وقوله : { وَيَسْتَعْجِلُونَكَ } فإن كان على طلب الفعل ؛ فهو ما سألوا [ رسول الله العذاب ] كقوله : { سَأَلَ سَآئِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ } [ المعارج : 1 ] وكقوله : { وَقَالُواْ رَبَّنَا عَجِّل لَّنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ ٱلْحِسَابِ } [ ص : 16 ] وقولهم : { إِن كَانَ هَـٰذَا هُوَ ٱلْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِّنَ ٱلسَّمَآءِ … } الآية [ الأنفال : 32 ] فبدءوا بسؤالهم [ الهلاك قبل سؤالهم ] تأخير العذاب وإمهاله ، [ وتأخير العذاب عندهم وإمهاله ] من الحسنة ؛ فاستعجلوا بهذا قبل هذا . وإن كان الفعل نفسه . فقوله : { وَيَسْتَعْجِلُونَكَ } أي : عجلوك - يا محمد - بالسيئة إليك ، قبل أن تكون منهم إليك حسنة ؛ حيث كذبوك في الرسالة ، وآذوك في نفسك ، ولم يكن منهم إليك إحسان من قبل والله أعلم بذلك . وقيل : { بِٱلسَّيِّئَةِ } : العذاب ؛ على ما ذكرنا . { قَبْلَ ٱلْحَسَنَةِ } . أي : قبل العفو ، وسؤالهم السيئة والعذاب بجهل منهم أنه رسول وأنه صادق ؛ [ لأنهم لو علموا أنه رسول ، وأنه صادق ] فيما يخبر ويوعد من العذاب ، كانوا لا يسألون ؛ لأنهم يعلمون أن الله يقدر على أن ينزل عليهم العذاب ، لكن سألوا ذلك ؛ بجهلهم بأنه رسول سؤال استهزاء وسخرية . فإن كان على هذا سؤالهم - كان فيه دلالة أن العقوبة والعذاب ؛ قد يلزم من جهل الأمر ؛ إذا كان بسبيل العلم به والنظر والتفكر فيه ، وهؤلاء جهلوا أنه رسول الله ؛ لتركهم النظر والتفكر . والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ ٱلْمَثُلاَتُ } . قال بعضهم : العقوبات ؛ أي : قد كان في الأمم الخالية العقوبات ؛ بسؤالهم العذاب والمعاندة في الآيات إذا جاءت ؛ كأنه - والله أعلم - يصبر رسوله على سفه قومه ؛ لسؤالهم العذاب والآيات ثم المعاندة فيها ، يقول : كان في الأمم الماضية من سؤال العذاب والآيات ثم المعاندة من بعد نزولها ؛ فنزلت لهم العقوبات ؛ فعلى ذلك هؤلاء . وقال بعضهم : المثلات : الأمثال والأشباه . وكذلك ذكر في حرف حفصة ( وقد خلت من قبلهم الأمثال ) وتأويله - والله أعلم - أي : فقد خلت من [ قبلهم الأمثال ] ؛ ما لو اعتبروا بها كان مثلا لهم ، ولكن لا يعتبرون ؛ فيمنعهم عن أمثال ذلك . وقوله - عز وجل - : { وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَىٰ ظُلْمِهِمْ } . قال بعضهم : { لَذُو مَغْفِرَةٍ } أي : لذو ستر على ظلمهم ؛ وتأخير العذاب إلى وقت ؛ كقوله : { إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ } [ إبراهيم : 42 ] ، وقوله : { وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلاَّ لأَجَلٍ مَّعْدُودٍ } [ هود : 104 ] . وقال بعضهم : لذو مغفرة [ للناس على ظلمهم إذا تابوا ، وماتوا عليها ، أو يكون قوله { لَذُو مَغْفِرَةٍ } للمؤمنين على ظلمهم ، وإن ربك لشديد العقاب ] لمن لم يتب ، ومات على الظلم والشرك . وقوله : { وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ ٱلْعِقَابِ } للكفار ؛ وعلى التأويل الأول : وإن ربك لشديد العقاب ؛ إذا عاقب . وقوله - عز وجل - : { وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلاۤ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ } وقال في موضع آخر : { فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَآ أُرْسِلَ ٱلأَوَّلُونَ } [ الأنبياء : 5 ] وقال في آية أخرى : { لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ تَفْجُرَ لَنَا مِنَ ٱلأَرْضِ يَنْبُوعاً } [ الإسراء : 90 ] إلى آخر ما ذكر ؛ فيحتمل سؤالهم الآية { كَمَآ أُرْسِلَ ٱلأَوَّلُونَ } [ الأنبياء : 5 ] عين تلك الآيات التي أتت بها الرسل الأولون ، وليس عليه أن يأتي بعين تلك الآية ؛ إنما عليه أن يأتي بآية تخرج عن عرفهم وطباعهم ، والرسل جميعاً لم يأتوا بآية واحدة ؛ إنما جاءوا بآيات مختلفات ، كلٌّ جاء بآية سوى ما جاء بها الآخر ؛ فقال له : ليس عليك ذلك إنما أنت منذر . أو سألوا آيات سؤال الاعتناد لدى هلاكهم ، [ على ما فعل الأولون ؛ فقال : { إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرٌ } قد عفا هذه الأمة إحضار آيات وإنزالها لدى هلاكهم ] وإن كانوا هم في سؤالهم الآيات معاندين ؛ لأنهم قد جاءهم من الآيات ؛ على إثبات رسالته وإظهارها ؛ ما كفتهم ، لكنهم يعاندون . وقوله - عز وجل - : { إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرٌ } : لا تملك إتيان الآيات ، { قُلْ إِنَّمَا ٱلآيَاتُ عِندَ ٱللَّهِ } [ العنكبوت : 50 ] وقال : { لَّوْ أَنَّ عِندِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ ٱلأَمْرُ } الآية [ الأنعام : 58 ] . أو يقول : { إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرٌ } : ليس إليك إنشاء الآيات واختراعها ؛ { قُلْ إِنَّمَا ٱلآيَاتُ عِندَ ٱللَّهِ } [ العنكبوت : 50 ] . وقوله - عز وجل - : { وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ } . أي : داع يدعو إلى توحيد الله ودينه ؛ كقوله : { وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلاَ فِيهَا نَذِيرٌ } [ فاطر : 24 ] . وقوله : { وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ } يحتمل : لكل وقت هادٍ . ثم اختلفوا أنه : مَنْ ذلك الداعي ؟ قال بعضهم : الله ، وقال بعضهم : نبي من الأنبياء ، وقال بعضهم : داع ؛ دليل سوى النبي . وقالت الباطنية : هو إمام يكون معصوماً مثل النبي لئلا يزيغ عن الحق ؛ ولكن عندنا معصوماً [ أو لم يكن معصوماً ] فإن في القرآن ما يمنع عن الزيغ ؛ ويعرف ذلك منه إذا زاغ ؛ وضل عن الحق . { وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ } أي : داع وهو كما قال : { وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلاَ فِيهَا نَذِيرٌ } [ فاطر : 24 ] .