Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 14, Ayat: 31-31)
Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله - عز وجل - : { قُل لِّعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ يُقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ } . يحتمل [ إقامة الصلاة ] إقامة الإيمان بها ؛ كقوله : { فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَٰوةَ وَءَاتَوُاْ ٱلزَّكَٰوةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ } [ التوبة : 5 ] هو إقامة الإيمان به ، إذ لا يحتمل الحبس إلى أن يقيموا إقامة الفعل والوفاء ؛ إذ في ذلك حبسهم أبداً . ويحتمل إقامة الوفاء بها والفعل ؛ لأنه إنما خاطب المؤمنين على إقامتها ، وقد سبق [ منهم ما ذكرنا ؛ من ] الإيمان بها . [ كيف يحتمل الأمر بإقامتها إقامة الإيمان به ، وقد سبق منهم ما ذكرنا من الإيمان بها ] قيل : هذا جائز يأمرهم بإقامة الإيمان بها في حادث الوقت ؛ إذ للإيمان حكم التجدد في كل وقت ؛ وهو كقوله : { يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ءَامِنُواْ بِٱللَّهِ } [ النساء : 136 ] أي : آمنوا في حادث الوقت ؛ فعلى ذلك هذا يحتمل الأمر بإقامتها - إقامة الإيمان بها . ويحتمل ما ذكر من إقامة الصلاة في الآية ؛ والإنفاق - هي الصلاة المعروفة المعهودة ، والزكاة المعروفة المفروضة ؛ والإدامة لهما واللزوم بهما ، ويحتمل القبول والوفاء بهما . [ وقوله - عز وجل - : ] { وَيُنْفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً } . قال الحسن : الأمر بالإنفاق مما رزقناهم الزكوات المفروضات ؛ ألا أنه ذكر الوعيد في آخره وقال : { مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خِلاَلٌ } ولا يحتمل الوعيد في صدقات التطوع ؛ وهو ما ذكر أيضاً في آية أخرى : { وَأَنفِقُواْ مِن مَّا رَزَقْنَاكُمْ مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ ٱلْمَوْتُ } [ المنافقون : 10 ] ولا يحتمل طلب الرجوع والتأخير إلى أجل في النوافل ؛ دل أنه أراد به الزكوات المفروضات . وقال بعضهم : { وَيُنْفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً } : هي التطوع ، والعلانية : الفريضة ؛ لأن الفريضة لا بدّ من أن تظهر وتعلن ، وليس في أدائها رياء والله أعلم . [ وقوله - عز وجل - ] : { مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خِلاَلٌ } . { يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ } : أي : يوم لا يقدر أحد أن يبيع نفسه من ربه ؛ وفي الدنيا يقدر أن يبيع نفسه من ربه ؛ كقوله : { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ٱبْتِغَآءَ مَرْضَاتِ ٱللَّهِ } [ البقرة : 207 ] وقوله : { إِنَّ ٱللَّهَ ٱشْتَرَىٰ } [ التوبة : 111 ] وقوله : { مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ } لا يقدر أحد بيع نفسه من ربه ، ويحتمل نفسه . قوله : { يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ } : أي : لا ينفعه بيع نفسه منه في ذلك اليوم ؛ وإن باع ؛ كقوله : { لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ ءَامَنَتْ مِن قَبْلُ } [ الأنعام : 158 ] ، وقوله : { فَلَمَّا رَأَوْاْ بَأْسَنَا … } الآية [ غافر : 84 ] فعلى ذلك الأول . وقوله - عز وجل - : { وَلاَ خِلاَلٌ } : هو مصدر خاللت ؛ وهو من الخلة والصدقة . ثم هو يحتمل وجهين : أحدهما : ألا تنفعهم الخلة التي كانت بينهم في الدنيا ؛ لأن كل خلة كانت في الدنيا مما ليست لله فهي تصير عداوة في الآخرة ؛ كقوله : { ٱلأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ … } الآية [ الزخرف : 67 ] أخبر أن الأخلاء ؛ الذين كانوا يخالون في الدنيا ؛ للدنيا - فهم الأعداء إلا الخلة التي كانت لله ؛ فهي تنفع أهلها ؛ وهو ما ذكر - عز وجل - : { ثُمَّ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً } [ العنكبوت : 25 ] وأمثاله ، يخبر أن الخلة [ التي ] كانت بينهم في الدنيا ؛ لا لله ؛ فهي تصير عداوة في الآخرة ؛ حتى يتبرأ بعضهم من بعض ؛ ويلعن بعضهم بعضا . والثاني : أن يكون لهم شفعاء وأخلاء ؛ ولكن لا يشفعون ؛ كقوله : { وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ٱرْتَضَىٰ } [ الأنبياء : 28 ] أو يشفع لهم لكن لا تقبل ؛ كقوله : { فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ ٱلشَّافِعِينَ } [ المدثر : 48 ] .