Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 16, Ayat: 30-32)
Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله - عز وجل - : { وَقِيلَ لِلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ خَيْراً } . قال أهل التأويل : هذا قول المؤمنين ؛ مقابل قول المشركين : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَّاذَآ أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } [ النحل : 24 ] . ثم اختلف في قوله : { قَالُواْ خَيْراً } : قال بعضهم : قوله : { قَالُواْ خَيْراً } أي : قولهم الذي قالوا أنه أرسل بحق ، وأنه كذا خير . وقال بعضهم : قوله : { قَالُواْ خَيْراً } حكاية عما أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم : و { خَيْراً } : أي : أنزل عليه ربنا خيراً ، أو أن يكون الناس الذين يأتون من الآفاق يسألون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا سألوا للمؤمنين : ماذا أنزل ربكم ؟ قالوا : خيراً ، وإذا سألوا الكفرة قالوا : أساطير الأولين . وجائز أن يكون أتباع المؤمنين سألوا كبراءهم : ماذا أنزل ربكم ؟ قالوا : خيراً ، مقابل ما كان من كبراء الكفرة لأتباعهم أساطير الأولين . وقوله - عز وجل - : { لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِي هٰذِهِ ٱلْدُّنْيَا حَسَنَةٌ } من النصر لهم ، والظفر على عدوهم . { وَلَدَارُ ٱلآخِرَةِ خَيْرٌ } لهم مما كان أعطاهم في الدنيا . وقال بعضهم : للذين أحسنوا العمل في هذه الدنيا لهم حسنة في الآخرة ، ولدار الآخرة خير [ لهم مما كان أعطاهم في الدّنيا ] ؛ أي : الجنة خير وأفضل للمؤمنين مما أوتوا في الدنيا . { وَلَنِعْمَ دَارُ ٱلْمُتَّقِينَ } : قال هذا للمؤمنين مكان ما قال للكافرين : { فَلَبِئْسَ مَثْوَى ٱلْمُتَكَبِّرِينَ } [ النحل : 29 ] ثم نعت الدار التي وعد المتقين ؛ فقال : { جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَآؤونَ } من اللذات والشهوات . فإن قيل : أرأيت لو شاءوا أن يكون لهم درجات الأنبياء ومنازل الأبرار والصديقين ؛ أيكون لهم ما شاءوا ؟ قيل : لا يشاءون هذا ؛ لأن مثل هذا إنما يكون في الدنيا إمّا حسداً ؛ وإمّا تمنياً ، فلا يكون في الجنة حسد ؛ لأن الحسد هو [ أن يرى ] لأحد شيئاً ليس له ؛ فيحسد أو يتمنى مثله ، فأهل الجنة يجدون جميع ما يتمنون ويخطر ببالهم ، فلا معنى لسؤالهم ربهم ما لغيرهم ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { كَذَلِكَ يَجْزِي ٱللَّهُ ٱلْمُتَّقِينَ } ظاهر . وقوله - عز وجل - : { ٱلَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ ٱلْمَلاۤئِكَةُ طَيِّبِينَ } . على تأويل الحسن : تتوفاهم الملائكة وهم طيبون من بين يدي الله يوم الحساب ، يقولون لهم : { سَلامٌ عَلَيْكُمُ ٱدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ } وقد ذكرنا : أن السلام هو تحية ؛ جعل الله بين الخلق في الدنيا والآخرة ؛ وقد ذكرناه في غير موضع . وقال بعضهم : الذين تتوفاهم الملائكة بقبضهم الأرواح في الدنيا ، يقبضون أرواحهم وهم طيبون . وقال بعضهم : طيبون أحياء وأمواتاً ، وهم المؤمنون الذين طابت أعمالهم في الدنيا . يحتمل السلام وجهين : أحدهما : تحييهم الملائكة بالسلام في الجنة ؛ كما يحيي أهل الإيمان في الدنيا بعضهم بعضاً . والثاني : السلام يكون منهم أمن عن جميع الآفات والمكروهات ، والله سبحانه أعلم .