Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 135-138)

Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَقَالُواْ كُونُواْ هُوداً أَوْ نَصَارَىٰ تَهْتَدُواْ قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ * قُولُوۤاْ آمَنَّا بِٱللَّهِ وَمَآ أُنْزِلَ إِلَيْنَا … } . الآية . فالآية تنقض على من يسْتثنى في إيمانه ؛ لأَنه أَمرهم أَن يقولوا قولاً باتّاً ، لا ثُنْيا فيه ولا شك . وكذلك قوله : { فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَآ آمَنْتُمْ بِهِ } . ثم يحتمل : أن يكون هذا ردّاً على أُولئك الكفرة ، حيث فرقوا بين الرسل ، آمنوا ببعضهم وكفروا ببعض . وكذلك آمنوا ببعض الكتب وكفروا ببعضها ؛ فأَمر الله - عز وجل - المؤمنين ، ودعاهم : إلى أن يؤمنوا بالرسل كلهم ، والكتب جميعاً ، لا يفرقون بين أَحد منهم ، كما فرق أُولئك الكفرة . ويحتمل : أَن يكون ابتداء تعليم الإيمان من الله - عز وجل - لهم بما ذكر من الجملة . ثم اختلف في الحنيف . قيل : الحنيف : المسلم . وقيل : الحنيف : الحجاج . وقيل : كل حنيف ذكر بعده مسلم فهو الحجاج ، وكل حنيف لم يذكر بعده مسلم فهو مسلم . وقيل : الحنيف : المائل إلى الحق والإسلام . وقوله : { فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَآ آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ ٱهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ } . روي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : لا تقرأ { فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَآ آمَنْتُمْ بِهِ } ؛ فإِن الله ليس له مثل ، ولكن اقرأ : { فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَآ آمَنْتُمْ بِهِ } ، أو { بمَآ آمَنْتُمْ بِهِ } . وكذلك في حرف ابن مسعود - رضي الله عنه - : { فَإِنْ آمَنُواْ بمَآ آمَنْتُمْ بِهِ } ، تصديقاً لذلك . وعلى ذلك قوله : { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ } [ الشورى : 11 ] إِن الكاف زائدة ، أَي : ليس مثله شيء . وهو في حرف ابن مسعود - رضي الله عنه - كذلك . ويحتمل : آمنوا بلسانهم ، بمثل ما آمنتم بلسانكم ، من الرسله والكتب جميعاً فقد اهتدوا . ويحتمل بمثل ما آمنتم به : أَي بلسانٍ غير لسانهم فقد اهتدوا . وقوله : { فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ } . قيل : الشقاق هو الخلاف . وقيل : الشقاق هو الخلاف الذي فيه العداوة ، والله أعلم . وقوله : { فَسَيَكْفِيكَهُمُ ٱللَّهُ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } . هذا وعيد من الله - عز وجل - لهم ، ووَعْدٌ وَعَدَ نَبيَّه بالصبر له ؛ لأَن أُولئك كانوا يتناصرون بتناصر بعضهم ببعض ، فوَعَد له عز وجل النصر له بقتل بعضهم ، وإجلاء آخرين إلى الشام وغيره . وقوله : { صِبْغَةَ ٱللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ ٱللَّهِ صِبْغَةً } . قيل : دين الله . وقيل : فطرةُ الله ؛ كقوله : " كل مولود يولد على الفطرة " . وقيل : { صِبْغَةَ ٱللَّهِ } : حجة الله التي أقامها على أُولئك . وقيل : { صِبْغَةَ ٱللَّهِ } : سنة الله . ثم يرجع قوله : { وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ ٱللَّهِ صِبْغَةً } أي : ديناً [ وسنة ] وحجة تدرك بالدلائل التي نصبها وأَقامها فيه ، ليس كدين أُولئك الذين أَسسوا على الحيْرة والغفلة بلا حجة ولا دليل . وقيل : إن النصارى كانوا يصبغون أولادهم في ماءٍ ليطهروهم بذلك ؛ فقال الله عز وجل : { صِبْغَةَ ٱللَّهِ } يعني الإسلام هو الذي يطهرهم لا الماء . وقوله : { وَنَحْنُ لَهُ عَابِدونَ } . قيل : موحدون . وقيل : مسلمون مخلصون . ويحتمل : ونحن عبيده .