Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 168-169)

Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي ٱلأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ ٱلشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } . قيل فيه بوجوه : قيل : إنهم كانوا يحرمون التناول من أشياء والانتفاع من نحو البحائر ، والسوائب ، والوصائل ، والحوامي ، فيقولون : حرم الانتفاع ؛ فأنزل الله تعالى فقال : { كُلُواْ مِمَّا فِي ٱلأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً } وانتفعوا بها ؛ فإن الله لم يحرمها عليكم ، كقوله : { مَا جَعَلَ ٱللَّهُ مِن بَحِيرَةٍ وَلاَ سَآئِبَةٍ وَلاَ وَصِيلَةٍ وَلاَ حَامٍ وَلَـٰكِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَفْتَرُونَ عَلَىٰ ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ } [ المائدة : 103 ] . وقيل : خلق في الأرض ما هو حلال وما هو حرام ؛ فأباح التناول من الحلال ونهى عن الحرام . وقيل : إن قوماً يحرمون التناول من الرفيع من الطعام والرفيع من الملبوس ، ويتناولون من الدرن والرثة ، فنهوا عن ذلك . ولا يحتمل أن يراد بالطيبات الحلال منها ، ولكن ما تطيب النفس من التناول ؛ لأن النفس لا تتلذذ بالتناول من كل حلال ، ولكن إنما تطيب بما هو لها ألذ وأوفق . والله أعلم . وعلى ذلك قوله : { قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ ٱللَّهِ ٱلَّتِيۤ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ ٱلرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ … } الآيات [ الأعراف : 32 - 33 ] . فيكون كأنه الذي في الأرض حلالاً وحراماً ، ثم فما حل طيب دون ما حرم . فأمر بأكل ما طاب من ذلك إذا قدر عليه ؛ لأنه على قدر طيبه يعظم محله في القلب ، وعلى ذلك يرغب نفسه بالشكر لمن أنعم به عليه ، والتعظيم لمن أكرمه بالذي طابت له به النفس . والله أعلم . واختلف في قوله : { وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ ٱلشَّيْطَانِ } . قيل : آثار الشيطان . وقيل : وساوس الشيطان . وقيل : سبل الشيطان ؛ كقوله : { وَأَنَّ هَـٰذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَٱتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ } [ الأنعام : 153 ] . فهو يرجع إلى واحد . وقوله : { إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } ، وذكر في موضع آخر ، وسماه وليّاً بقوله : { أَوْلِيَآؤُهُمُ ٱلطَّاغُوتُ } [ البقرة : 257 ] . فالوجه فيه أنه يريهم في الظاهر الموالاة ولكنه يريد في الباطن إهلاكهم ، فإذا كان كذلك فهو في الحقيقة عدو . وجائز أن يكون { أَوْلِيَآؤُهُمُ } [ البقرة : 257 ] أي هو أولى بهم إذ عملوا ما عملوا بأمره ، أو أولياؤهم بما وافقوهم في الفعل ، وشاركوهم في الأمر ، وكانوا في الحقيقة لهم أعداء ، إذ ذلك هلاكهم . ولا قوة إلا بالله . وقوله : { إِنَّ كَيْدَ ٱلشَّيْطَٰنِ كَانَ ضَعِيفاً } [ النساء : 76 ] ؛ لأنه يوسوس ويدعو فإن أطاعه - وإلا ليس له عليه سلطان سوى ذلك - فهو ضعيف ؛ لأن من لا ينفذ على رعيته سوى قوله فهو ضعيف ، يوصف بالضعف - والله أعلم - ويكون ضعيفا على من يتأمل مكائده ويتحفظ أحواله . وقوله : { إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِٱلسُّوۤءِ وَٱلْفَحْشَآءِ } . قيل : يحتمل : أن يكون السوء هو الفحشاء ، والفحشاء هو السوء . لما أن كل واحد منهما يشتمل على كل نوع من الآثام . ويحتمل : أن يكون السوء ما خفي من المعاصي ، والفحشاء ما ظهر منها . وقيل : السوء ما لا حد فيه ، والفحشاء ما فيه حد من نحو الزنى وشرب الخمر وغيره . وقيل : الفحشاء ما فحش في العقل ، والسوء ما ينتهي بالنهي عنه . وقوله : { وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } . يخرج على الأول وهو السوء والفحشاء ، يأمرهم بذلك فيقولوا : الله أمرنا بها . ويحتمل قوله : { وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } ما قالوا : إن الله حرم هذه الأشياء ، أو القول على الله ما لا يعلمون بما لا يليق به من الولد وإشراك غيره فى عبادته . والله أعلم .