Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 177-177)

Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قيل : { لَّيْسَ ٱلْبِرَّ } في نفس التوجه إلى ما ذكر دون الإيمان . ويحتمل : { لَّيْسَ ٱلْبِرَّ } في ذلك ، ولكن البر لمن يقصد إليه ، إذ قد يقع ذلك لحوائج تعرض ، تخرج عن القربة . ويحتمل : { لَّيْسَ ٱلْبِرَّ } في التوجه إلى كذا ، ولكن البر في الائتمار لأمره والطاعة له ، والبر هو الطاعة في الحقيقة . وقيل : { لَّيْسَ ٱلْبِرَّ } تحويل الوجه إلى المشرق والمغرب ، { وَلَـٰكِنَّ ٱلْبِرَّ } ما ثبت في القلب من طاعة الله وصدقته الجوارح . وقيل : { لَّيْسَ ٱلْبِرَّ } أن تصلوا ولا أن تعملوا غير الصلاة . كل ذلك يرجع إلى واحد . وجملته أن يقال : ليس البر كله ذلك ، لكن ما ذكر ، إذ ذلك الوجه هم استعظموه حتى قال الله تعالى : { وَلَئِنْ أَتَيْتَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَّا تَبِعُواْ قِبْلَتَكَ } [ البقرة : 145 ] . والثاني : أن يكون ذلك بنفسه ليس ببر ، وإنما صار برًّا بالأمر به ، أو بما ذكر من الإيمان والخيرات . فلمَّا زال عنه الوجهان سقط فعله أن يكون برًّا . وقوله : { وَلَـٰكِنَّ ٱلْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِٱللَّهِ } ، بأنه واحد ، لا شريك له . يعني صدق بالله بأنه واحد ، لا شريك له . { وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ } ، وصدق بالبعث الذي [ فيه ] جزاء الأعمال ، وصدق بالكتب ، والملائكة ، [ والكتاب ] والنبيين . وللبر تأويلان : أحدهما : ما قيل . والثاني : على الإضمار ؛ كأنه قال : ليس البر بر من يولي وجهه ، ولكن البر بر من آمن بالله ، كما قال : { أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ ٱلْحَاجِّ وَعِمَارَةَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ لاَ يَسْتَوُونَ عِندَ ٱللَّهِ } [ التوبة : 19 ] ، أي جعلتم سقاية الحاج كإيمان من آمن بالله ؟ وقيل : أجعلتم صاحب السقاية كمن آمن بالله ؟ وقيل : إن البر بمعنى : البار ، يقول ليس البار من يحول وجهه قبل كذا ، ولكن البار " من آمن بالله " الآية . وقوله : { وَآتَى ٱلْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ } . قيل : أعطى على حاجته . وقيل : على قلته آثر غيره على نفسه ؛ كقوله : { وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّآ أُوتُواْ وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ } [ الحشر : 9 ] . وقيل : { عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي ٱلْقُرْبَىٰ } أي ذوي قرابته . وفيه دلالة أن الأفضل أن يبدأ بصلة قرابته ، ثم اليتامى ؛ لأن على جميع المسلمين حفظهم ؛ ولأنهم أضعف ، فيبدأ بهم قبل المساكين . روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : " ليس المسكين الذي ترده اللقمة واللقمتان ، والتمرة والتمرتان . قيل : فما المسكين يا رسول الله ؟ قال : الذي لا يجد ما يغنيه ولا يسأل الناس ، ولا يفطن به فيتصدق عليه " . { وَٱبْنَ ٱلسَّبِيلِ } . قيل : هو الضعيف ينزل بالمسلمين . وقيل : هو المنقطع - حاج أو غاز - وقيل : هو المجتاز وهو واحد . { وَفِي ٱلرِّقَابِ } . قيل : هم المكاتبون . { وَأَقَامَ ٱلصَّلاةَ وَآتَى ٱلزَّكَاةَ } ، ظاهر . { وَٱلْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ } . يحتمل : العهود التي بينهم وبين الناس . ويحتمل : العهود التي فيما بينهم وبين ربهم . وقد ذكرنا العهد من الله تعالى - هو ؟ - فيما مضى . وفي حرف ابن مسعود ، رضي الله عنه ، ( والموفين ) على النسق على الأول . قيل : إذا عاهدت عهداً بلسانك تفي به بعملك وفعلك . ثم ليس في القرآن آية أجمع لشرائط الإيمان من هذه ، وكذلك روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنه سئل عن الإيمان ، فقرأ هذه الآية . وهكذا روي عن عبد الله بن مسعود ، رضي الله عنه ، أنه سئل عن الإيمان ، فتلا هذه الآية . وقوله : { وَٱلصَّابِرِينَ فِي ٱلْبَأْسَآءِ وٱلضَّرَّآءِ } . قيل : في الآية تقديم وتأخير : " السائلين وفي الرقاب والصابرين " . وعلى هذا يخرج حرف ابن مسعود - رضي الله تعالى عنه : " والموفين بعهدهم " . وقوله : { ٱلْبَأْسَآءِ } . من البأس ، وهو الفقر . { وٱلضَّرَّآءِ } . قيل : هو المرض والسقم . { وَحِينَ ٱلْبَأْسِ } . قيل : عند القتال . وقوله : { أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ } . في إيمانهم ، أنهم مؤمنون ، وصبروا على طاعة ربهم . وقوله : { وَأُولَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُتَّقُونَ } . وقيل : الذين صدقوا في إيمانهم وأولئك هم المتقون . روي عن عمرو بن شرحبيل ، أنه قال : " من عمل بهذه الآية فهو مستكمل الإيمان " . قال الفقيه ابن منصور : تمام كل شيء باجتماع ما يزينه . ألا ترى أن المصلي إذا اقتصر على فرائضها لم يتم له ؟ !