Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 80-82)

Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَقَالُواْ لَن تَمَسَّنَا ٱلنَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَةً } . أَجمع أَهل التفسير والكلام على صرف الأَيام المعدودة المذكورة في هذه الآية إلى أَيام عبادة العجل . وذلك لا معنى له ؛ لوجهين : أحدهما : أَن هؤلاء لم يعبدوا العجل ، وإنما عبد آباؤُهم ؛ فلا معنى لصرف ذلك إلى هؤلاء . والثاني : لو صرف ذلك إلى آبائهم الذين عبدوا العجل لم يحتمل أيضاً ؛ لأَنهم قد تابوا ورجعوا عن ذلك ؛ فلا معنى للتعذيب على عبادة العجل بعد التوبة والرجوع إلى عبادة الله ؛ كقوله : { إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُمْ مَّا قَدْ سَلَفَ } [ الأنفال : 38 ] ، والله أعلم . وتصرف الأَيام المعدودة إلى العمر الذي عَصَوْا فيه ؛ لما لم يروا التعذيب إلا على قدر وقت العصيان والذنب ، أَو لما لم يكونوا يروْن التخليد في النار أَبداً ، أَو لما هم عند أنفسهم ، كما أَخبر الله عنهم ، بقوله : { لَن يَدْخُلَ ٱلْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَىٰ } [ البقرة : 111 ] ، وكقولهم : { نَحْنُ أَبْنَاءُ ٱللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ } [ المائدة : 18 ] . يقولون : إنا لا نُعذَّب أَبداً ، إنما نعذَّب تعذيب الأَبِ ابنَه أَو الحبيبِ حبيبَه ؛ يعذِّب في وقت قليل ، ثم يرضى ، ويدخل الجنة . ولكن عقوبة الكفور أبداً ، والتخليد فيها لا لوقت ، وكذلك ثوابُ الإيمان للأَبد لا لوقت ؛ لأَن من اعتقد ديناً إنما يعتقده للأَبد لا لوقت ؛ فعلى ذلك جزاؤه للأَبد لا لوقت . وأَما من ارتكب ذنباً من المسلمين ؛ بشهوةٍ تغلبه في وقت ، فيرتكبه ، ثم يتركه - فإنما يعاقب إن عوقب على قدر ما ارتكب في وقتٍ ؛ لأَنه لم يرتكبه للأَبد ؛ لذلك افترقا ، والله أعلم . وقوله : { قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ ٱللَّهِ عَهْداً فَلَنْ يُخْلِفَ ٱللَّهُ عَهْدَهُ } . والعهد يحتمل : هل عندكم خبر عن الله تعالى بأَنكم لا تعذبون أَبداً ، ولكن أَياماً معدودة ؟ فإن كان لكم هذا فهو لا يخلف عهده . والثاني : أَتخذتم عند الله عهداً ، أي لكم أعمال صالحة عند الله فودعكم بها الجنة ، فهو لا يخلف وعده . أَي : ليس لكم واحد من هذين ، لا خبرٌ عن الله بأَنه لا يعذبكم ، ولا أَعمال صالحة وعد لكم بها الجنة . وقوله : { أَمْ تَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ * بَلَىٰ مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيـۤئَتُهُ فَأُوْلَـۤئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } . هذا إكذابٌ من الله - عز وجل - إياهم بذلك القول ، كأَنه قال : بل تقولون على الله ما لا تعلمون ؛ أَلا ترى أَنه قال : { بَلَىٰ مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيـۤئَتُهُ } ؟ ! يقول : { بَلَىٰ مَن كَسَبَ سَيِّئَةً } يعني : شركاً { وَأَحَاطَتْ بِهِ } ، أَي : مات عليها . { فَأُوْلَـۤئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } . لا يموتون فيها ولا يخرجون منها . وقيل : { وَأَحَاطَتْ بِهِ } : بقلبه . وقوله : { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ أُولَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } . قد ذكرنا هذا فيما تقدم .