Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 20, Ayat: 24-36)

Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله - عز وجل - : { ٱذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ } الطغيان : هو المجاوزة عن الحدود التي جعلت ، كان فرعون قد تعدى ، وجاوز الحدّ في كل شيء ، حتى ادعى لنفسه الربوبيّة ، حيث قال : { أَنَاْ رَبُّكُمُ ٱلأَعْلَىٰ } [ النازعات : 24 ] . وقوله - عز وجل - : { قَالَ رَبِّ ٱشْرَحْ لِي صَدْرِي } إن موسى سأل ربّه أن يشرح له صدره ، وذكر محمد أنه شرح له صدره بقوله : { أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ * وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ } [ الشرح : 1 - 2 ] ، ثم جائز أن يكون شرح صدرهم لتسع ما حمل عليهم من ثقل النبوة والرسالة ؛ ليتسع صدرهم لذلك ، ويقدروا على القيام بذلك والوفاء به . أو أن يكون سأله شرح صدره ؛ لما كان الرسل يغضبون لله عند تكذيبهم قومهم حين دعوهم إلى دينه ، ويحزنون على ذلك ، فيمنعهم غضبهم وحزنهم عن القيام بتبليغ الرسالة ، كقوله : { قَالَ رَبِّ إِنِّيۤ أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ … } الآية [ الشعراء : 12 ] ، أخبر أنه يخاف عند تكذيب قومه ضيق صدره وثقل لسانه ؛ لذلك أن يشرح له صدره ، ويطلق له لسانه . ويحتمل ما قاله بعض أهل التأويل : { ٱشْرَحْ لِي صَدْرِي } ، أي : ليّن لي قلبي ؛ لأن الرسل قد امتحنوا في حال واحدة بشيئين متضادين : بالغضب لله عند تكذيب قومهم إياهم ، والرأفة لهم ، والرحمة بما حل بهم بالتكذيب من العذاب ، فذلك أمران يتضادان خصّ الرسل بهما ، فجائز أن يكون سأل ربه أن يشرح له صدره ؛ ليتسع للأمرين جميعاً : الغضب له ، والرحمة عليهم . وقوله - عز وجل - : { وَيَسِّرْ لِيۤ أَمْرِي } : يحتمل : تبليغ الرسالة إليهم ، والقيام بها ، أو سأله التيسير بجميع ما أمره به ونهاه عنه . وقوله - عز وجل - : { وَٱحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي * يَفْقَهُواْ قَوْلِي } : يحتمل ما ذكرنا أنه إذا اشتد به الغضب يحبس لسانه ويثقل حتى يمنعه عن النطق به ؛ فيظن ذلك اللعين أنه لخوف صار كذلك . أو أن يكون سأل ذلك لآفة كانت بلسانه ما كان يمنعه عن التكلم به ، فسأله أن يحل تلك الآفة والرتوتة التي كانت به . وأمّا قول أهل التأويل : إنه أخذ بلحية فرعون ، فلطمه ، فأراد أن يعاقبه ، فقالت له امرأته : إن فعل ذلك ؛ فإنه لا يعقل . فأتى بطشت من جمر وطشت من حلو ، فهم أن يتناول من الحلو ، فأهوى جبريل بيده إلى الجمر ، فأخذه وجعله في فيه ، فتلك الرتوتة التي سأله أن يحلها لذلك ، لكن ذلك لا يعلم إلا بالوحي عن الله أنه كذلك ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { وَٱجْعَل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي } سأل ربّه أن يجعل أخاه معه وزيراً له ويشاوره ؛ ليتحمل عنه بعض ما حمل عليه من الأثقال ؛ إذ قيل : الوزير : هو الذي يتحمل عن الملك بعض ثقل ما حمل . وقوله - عز وجل - : { ٱشْدُدْ بِهِ أَزْرِي } : قال بعضهم : { أَزْرِي } ظهري . وقال بعضهم : { ٱشْدُدْ بِهِ أَزْرِي } أي : عوني ، وكذلك ذكر في حرف حفصة . وقرأ بعضهم : { ٱشْدُدْ بِهِ أَزْرِي } على الخبر من موسى ، وكذلك في قوله : { وَأَشْرِكْهُ فِيۤ أَمْرِي } ، وأمّا قراءة عامة القراء فهي على الدعاء والسؤال . وقال أبو عوسجة : { ٱشْدُدْ بِهِ أَزْرِي } ، أي : ظهري ، ويقال : آزرته : أعنته ، ويقال : توازروا : أي : تعاونوا ، واستوزرته : أي : استعنت به ، ومن هذا أخذ الوزير . وقال القتبي : { أَزْرِي } : ظهري ، ويقال : آزرت فلاناً على الأمر ، أي : قويته عليه ، فأمّا وازرته : فصرت له وزيراً ، وأصل الوزارة من الوزر : وهو الحمل ، كأنّ الوزير يتحمل عن السلطان بعض الثقل ويرفع عنه . موسى سأل ربه أن يعينه بأخيه ، ويقويه به فيما حمله ، وأن يشركه فيما قلّده من الرسالة والقيام بها ، فأجابه الله لذلك ، حيث قال : { سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ } [ القصص : 35 ] . وقوله - عز وجل - : { كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً } يحتمل : كي نسبّحك كثيراً بالجماعة ؛ لأن الصلاة بالجماعة تتضاعف على الصلاة وحده ، وأن يعين بعضنا على التسبيح لك والذكر ، ونحوه . وقوله - عز وجل - : { إِنَّكَ كُنتَ بِنَا بَصِيراً } ، أي : إنك بضعفنا وعجزنا فيما حملتنا وقلدتنا بصيراً ، عالماً ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يٰمُوسَىٰ } ، أي : أعطيت ما سألته ، وكان سأله أشياء فأوفي ، فقوله : [ { سُؤْلَكَ } ، وسؤالك ] ومسألتك لغات ثلاثة ، كلها واحد .