Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 77-82)
Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله - عز وجل - : { وَلَقَدْ أَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي } : وهو السير بالليل . وقوله - عز وجل - : { فَٱضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي ٱلْبَحْرِ يَبَساً } أي : اضرب بعصاك البحر ، اجعل لهم طريقاً في البحر يابساً ؛ كقوله : { فَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنِ ٱضْرِب بِّعَصَاكَ ٱلْبَحْرَ فَٱنفَلَقَ … } الآية [ الشعراء : 63 ] . وقوله - عز وجل - : { لاَّ تَخَافُ دَرَكاً وَلاَ تَخْشَىٰ } . أي : لا تخاف لحوق فرعون وجنوده ، ولا تخشى غرق البحر ، ليس على النهي ، ولكن على رفع الخوف عنه والأمن عن أن يدركهم ويلحقهم ؛ ألا ترى أنه قال : { قَالَ أَصْحَابُ مُوسَىٰ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ } [ الشعراء : 61 - 62 ] . وقوله - عز وجل - : { فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ } . دل قوله : { بِجُنُودِهِ } على أن كان معه جنود لا جند واحد ، وأما العدد فإنهم كذا وكذا ألفا وقوم موسى كذا وكذا ألفا ، فذلك لا يعلم إلا بالخبر وليس بنا إلى معرفة ذلك حاجة . وقوله - عز وجل - : { فَغَشِيَهُمْ مِّنَ ٱلْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ } ؛ أي : من الغرق والهلاك . وقوله - عز وجل - : { وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَىٰ } . قال بعضهم : وأضل فرعون قومه وما هداه الله . وقال بعضهم : وأضل فرعون قومه وما هداهم حيث قال : { وَمَآ أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ ٱلرَّشَادِ } [ غافر : 29 ] . وقيل : أضل قومه وما هدى نفسه . وقال بعضهم : { وَذٰلِكَ جَزَآءُ مَن تَزَكَّىٰ } [ طه : 76 ] ، أي : آمن ؛ وذلك أنه بالإيمان تزكو الأعمال وتنمو ، وبه يثاب عليها ويؤجر . وقال القتبي : { لاَّ تَخَافُ دَرَكاً } أي : لحاقاً . وقوله : { فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ } أي : لحقهم . وقوله - عز وجل - : { يٰبَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنجَيْنَاكُمْ مِّنْ عَدُوِّكُمْ } . هذا خبر يخبر عما أنعم عليهم ومن على أوائلهم وآبائهم من حضر رسول الله ، يذكر هؤلاء بما أنعم ومَنَّ على أولئك ، وإلا لم يكن هؤلاء يومئذ ، وفيه تذكير النعم والمنن على الصحابة في أواخر أمورهم ؛ لأنه أمنهم في آخر أمرهم من عدوهم وأيأسهم عن عود هؤلاء إلى دينهم . وفيه تذكير لنا فيما أنعم علينا ومَنَّ في أوائل أمورنا وآخرها ، ليس التذكير لبني إسرائيل خاصة ، ولكن لكل من أنعم عليه . وقوله - عز وجل - : { وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ ٱلطُّورِ ٱلأَيْمَنَ } . لسنا ندري أن الأيمن هو اسم ذلك الجبل ، أو سماه الأيمن ؛ ليمنه وبركته ، وقال - عز وجل - في آية أخرى : { فَلَمَّآ أَتَاهَا نُودِيَ مِن شَاطِىءِ ٱلْوَادِي ٱلأَيْمَنِ } [ القصص : 30 ] . أو سماه الأيمن من يمين موسى عليه السلام . فإن كان هو من اليمن والبركة فهو كذلك ؛ لأنه به كان بدء وحي موسى عليه السلام . وقوله - عز وجل - : { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ ٱلْمَنَّ وَٱلسَّلْوَىٰ } . يذكر هؤلاء ما وسع على أوائلهم من الرزق وأخصهم ؛ ليستأدي بذلك الشكر على ما أنعم عليهم ، وذلك تذكير لنا ولمن وسع عليه ذلك ؛ إذ لم يزل علينا يوسع الرزق من أول عمرنا إلى آخره . وقوله - عز وجل - : { كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ } . أي : قلنا لهم : كلوا من طيبات ما رزقناكم . ثم يحتمل وجهين : أحدهما : أن يكون قوله : { طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ } أي : من حلالات ما رزقناكم ، فإن كان على هذا ففيه دلالة أنه يرزق ما ليس بحلال . والثاني : { مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ } أي : ما تطيب به أنفسكم ، ففيه دلالة أنه يجوز لنا أن نختار من الأطعمة ما هو أطيب إن كان على ما تستطيب به الأنفس . وقوله تعالى : { وَلاَ تَطْغَوْاْ فِيهِ } . الطغيان : هو المجاوزة عن الحدود التي جعلت ، أي : لا تطغوا فيما رزقكم من الطيبات وتجعلونه في غير ما جعل وتتجاوزوا عن القدر الذي جعل . وقوله - عز وجل - : { فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي } برفع الحاء والخفض جميعاً ، يحل أن ينزل عليكم غضبي ؛ ويحل بالرفع : يجب . وقوله : { وَمَن يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَىٰ } . قيل : { هَوَىٰ } : هلك ، أي : من يجب عليه عذابي فقد هلك ، وكذلك قال القتبي : { هَوَىٰ } ، أي هلك ، يقال : هوت أمه : هلكت . وقيل : { فَقَدْ هَوَىٰ } ، أي : سقط في النار ، يقال : هوى في موضع كذا . وقوله - عز وجل - : { وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحَاً ثُمَّ ٱهْتَدَىٰ } . يحتمل قوله : { لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ } عن الشرك ، ورجع عنه ، وآمن بتوحيده ، وعمل صالحاً فيما بين ذلك ، { ثُمَّ ٱهْتَدَىٰ } : في حفظ أمره والنهي عما نهى . والثاني : { لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ } : عن جميع المناهي وآمن بجميع ما أمر . وقوله : { ثُمَّ ٱهْتَدَىٰ } أي : دام على ذلك وثبت ؛ كقوله : { إِنَّ ٱلَّذِينَ قَالُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ ثُمَّ ٱسْتَقَامُواْ } [ فصلت : 30 ] .