Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 20, Ayat: 90-94)

Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله - عز وجل - : { وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ يٰقَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ ٱلرَّحْمَـٰنُ } . يذكر - والله [ أعلم ] - بهذا رسوله : أن الذين كذبوك وجحدوا رسالتك لم يكذبوك لجهلهم بالرسالة ، ولكن لتعنتهم وعنادهم على ما ذكروا نبأه من قول هارون لقومه لما عبدوا العجل حيث قال : { يٰقَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ ٱلرَّحْمَـٰنُ } فكأنه يؤيسه عن إيمان أولئك لعنادهم ، وهو ما قال : { أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ ٱللَّهِ } [ البقرة : 75 ] . وقوله : { إِنَّمَا فُتِنتُمْ بِهِ } يحتمل وجهين : أحدهما : { فُتِنتُمْ } ، أي : صرتم مفتونين بالعجل بصوته وخواره أو بغيره . والثاني : { فُتِنتُمْ } أي : ضللتم به ، أي : بالعجل وإن ربكم الرحمن . وقوله - عز وجل - : { فَٱتَّبِعُونِي } ، أي : أجيبوا لي إلى ما أدعوكم به { وَأَطِيعُوۤاْ أَمْرِي } ، أي : ما آمركم به . وقوله - عز وجل - : { قَالُواْ لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّىٰ يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَىٰ } . قال بعضهم : { لَن نَّبْرَحَ } ، أي : لن نزال على عبادة العجل مقيمين حتى يرجع إلينا موسى . وقال بعضهم : { لَن نَّبْرَحَ } ، أي : لن نفارق عبادته ، ثم قال موسى : { يٰهَرُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوۤاْ } هذا يدل أن قول هارون لهم : { إِنَّمَا فُتِنتُمْ بِهِ } أراد به : الضلال ؛ حيث قال له موسى : { إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوۤاْ * أَلاَّ تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي } يحتمل { أَلاَّ تَتَّبِعَنِ } ، أي : ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ألا صرت إلى ما كنت صرت أنا ؟ وقد علمت إلى أين صرت أنا ، أو أن يكون قوله : { أَلاَّ تَتَّبِعَنِ } ، أي : ألا تتبع ديني وسنتي وكانت [ سنته ] ومذهبه القتال والحرب معهم إذا ضلوا وتركوا دين الله . فاعتذر إليه هارون فقال : { إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِيۤ إِسْرَآءِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي } ، هذا أيضاً يخرج على وجهين : أحدهما : أني خشيت إن اتبعتك وصرت إلى ما صرت أنت تقول لي : { فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِيۤ إِسْرَآءِيلَ } ؛ لأنك لو نهيتهم عما اختاروا من عبادة العجل وبينت لهم السبيل لعلهم يتبعونك ، فحيث لم تفعل فأنت الذي فرقت بينهم . والثاني : على تأويل القتال والحرب في قوله : { أَلاَّ تَتَّبِعَنِ } إني خشيت لو قاتلتهم ونصبت الحرب بينهم صاروا فريقين ، فإذا تفرقوا اقتتلوا وسفكوا الدماء وتفانوا ، فترك القتال لما أطمعوه الإيمان إذا رجع إليهم موسى ونهاهم عن ذلك ، فلعل سنته في القتال مع من لم يطمع منه الإيمان ، هذا على تأويل من يقول بأن هارون اعتزلهم لما عبدوا العجل مع عشرة آلاف نفر وأكثر أو أقل على ما ذكر . وأما الحسن فإنه يقول : كلهم قد عبدوا العجل إلا هارون ، فعلى قوله لا يحتمل الحرب والقتال معهم . وقوله - عز وجل - : { وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي } . قيل : هو ما قال : { وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ ٱلْمُفْسِدِينَ } [ الأعراف : 142 ] ، ودل قوله : { لاَ تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلاَ بِرَأْسِي } بأن كان له الشعر ، فكنى بالرأس عن الشعر .