Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 99-104)
Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله - عز وجل - : { كَذٰلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَآءِ مَا قَدْ سَبَقَ } . أي : هكذا نقص عليك من أنباء ما قد سبق ؛ ليكون آية لرسالتك ونبوتك . أو أن يقول : كما قصصنا عليك هذا النبأ كذلك نقص عليك سائر النبأ ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِن لَّدُنَّا ذِكْراً } . قال أهل التأويل : الذكر هاهنا : القرآن ، وهو الظاهر ؛ ألا ترى أنه [ قال ] على أثره : من أعرض عنه فإنه كذا ، وجائز أن يكون قوله : { آتَيْنَاكَ مِن لَّدُنَّا ذِكْراً } أي : شرفا وذكرا ، يذكر هو بعده أبداً ، ومن اتبعه وأجابه إلى ما دعاه يصير مذكوراً به . وقوله : { مَّنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وِزْراً } . والوزر : الحمل ، وسميت الآثام : حملا ؛ لأن الآثام تنقض ظهور أصحابها في النار وتكسرها ؛ كالحمل في الدنيا ينقض ظهر صاحبه ويكسره ، وهو ما ذكر : { وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ * ٱلَّذِيۤ أَنقَضَ ظَهْرَكَ } [ الشرح : 2 - 3 ] . وقوله - عز وجل - : { خَالِدِينَ فِيهِ } ، أي : في ذلك الوزر ، أي : لن تفارقهم أوزارهم أبد الآبدين . وقوله - عز وجل - : { وَسَآءَ لَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ حِمْلاً } . حمل السوء ، حمل يورد صاحبه النار ، بئس الحمل حمل يورد صاحبه النار ، ويقال : بئسما حملوا على أنفسهم من الأعمال . وقوله : { مَّنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وِزْراً } يحتمل الإعراض عنه وجهين : أحدهما : { أَعْرَضَ عَنْهُ } ، أي : كفر به وكذبه ولم يلتفت إليه . والثاني : { أَعْرَضَ عَنْهُ } ، أي : لم يعمل بما فيه ، ومن لم يعمل من المسلمين بما فيه يخاف أن يكون في وعيد هذه الآية . وقوله - عز وجل - : { يَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ وَنَحْشُرُ ٱلْمُجْرِمِينَ يَوْمِئِذٍ زُرْقاً * يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ عَشْراً } . قيل : يتسارون بينهم ويتكلمون فيما بينهم كلاما خفيا { إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ عَشْراً } مثل هذا الكلام ، إنما يقولون تلهفاً وتحزنا على ما كان منهم في وقت قليل ؛ لاستقلالهم واستصغارهم الدنيا ، يقولون : كيف كان منا كل هذا العمل في ذلك الوقت القليل ؟ ! ثم اختلفوا في ذلك اللبث الذي قالوا ذلك ؛ قال بعضهم : في الدنيا ، استقلوا مقام الدنيا ؛ لما عاينوا الآخرة ، وقال بعضهم : ذلك في القبور ، ويستدل من ينكر عذاب القبر بهذه الآية ، يقول : لأنهم استقلوا مقامهم في القبور ، ولو كان لهم عذاب في ذلك لاستعظموا ذلك واستكثروا ؛ لأن قليل اللبث في العذاب يستعظم ويستكثر لا يستقل ولا يستحقر ، فلما استقلوا ذلك ، دل أنهم لا يعذبون في القبور . واستدلوا أيضاً لنفي العذاب فيه بقوله : { يٰوَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا } [ يس : 52 ] . ومن يقول بعذاب القبر يزعم أن ذلك إنما قالوا في القبر يقول : ذلك بين النفختين ، يقول : هم يعذبون ويكونون في العذاب إلى النفخة الأولى ، ثم يرفع عنهم العذاب إلى النفخة الثانية ، عند ذلك يرقدون فيستصغرون مقامهم للنوم ، وقد يستصغر الوقت الطويل ويستقل في حال النوم على ما ذكر في قصة أصحاب الكهف حين قالوا : { لَبِثْنَا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ } [ الكهف : 19 ] وهم قد ناموا ثلاثمائة سنة وزيادة . وجائز أن يكون عذاب القبر عذاب عرض وعذاب الآخرة عذاب عين ؛ كقوله : { ٱلنَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً } [ غافر : 46 ] ، فاستصغروا عذاب العرض واستقلوه عند معاينة عذاب العين . ومن يقول ذلك في الدنيا ، يقول : تحاقرت الدنيا في أعينهم ومقامهم فيها حين عاينوا الآخرة وأهوالها . وقوله تعالى : { نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ يَوْماً } . قوله : { أَمْثَلُهُمْ } قيل : أعقلهم ، وقيل : أفضلهم { إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ يَوْماً } من كان أبصر وأعلم بأمور الآخرة وأهوالها ، كان أكثر استخفافاً بالدنيا واستحقاراً لها . وفي حرف ابن مسعود : ( نحن أعلم بما يقولون إذ عيل عليهم إذ يقول أمثلهم طريقة ) قال أبو معاذ : قوله : ( عيل عليهم ) أي : اشتبه وخفي وفاتهم علمه ، وقال : ومنه يقول : عالت الفريضة تعول عولا : إذا جاوزت السهام فأشكل على الفارض واشتبه ، ومنه قيل : عيل صبري .