Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 11-15)

Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله - عز وجل - : { وَكَمْ قَصَمْنَا مِن قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً } . قصمنا : أهلكنا ، وأصل القصم : الكسر ، يخوف أهل مكة بتكذيبهم محمداً ما نزل بأولئك بتكذيبهم الرسل . وقوله - عز وجل - : { وَأَنشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْماً آخَرِينَ } . وقوله - عز وجل - : { فَلَمَّآ أَحَسُّواْ بَأْسَنَآ إِذَا هُمْ مِّنْهَا يَرْكُضُونَ } . قوله : { أَحَسُّواْ } قال بعضهم : علموا بالعذاب ، إذا هم يركضون ، أي : يفرون ويهربون . وقال بعضهم : يعدون ، وهو واحد . وقوله - عز وجل - : { لاَ تَرْكُضُواْ وَٱرْجِعُوۤاْ إِلَىٰ مَآ أُتْرِفْتُمْ فِيهِ } . أي : أنعمتم فيه : مساكنكم ، مثل هذا يخرج مخرج الاستهزاء بهم . وقوله - عز وجل - : { لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ } . قال بعضهم : تعذبون . وقال بعضهم : تحاسبون . وقال بعضهم : لعلكم تسألون الإيمان كما سئلتموه قبل نزول العذاب . وقيل : لعلكم تسألون عن قتل نبيكم ؛ لأنهم قتلوا نبيهم ، تسألون فيم قتلتموه ؟ وقال بعضهم : كان هذا في نازلة - والله أعلم - تلقتهم الملائكة وهم هاربون فارون ، فقالوا لهم : { لاَ تَرْكُضُواْ وَٱرْجِعُوۤاْ إِلَىٰ مَآ أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ } استهزاء بهم . وقال بعضهم : { لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ } : تفقهون . قال أبو عوسجة : { أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ } [ الأنبياء : 5 ، يوسف : 44 ] : قال : الضغث : ما لا تأويل له ، ويقال : حلم وأحلام ، ويقال : حلم يحلم حلما فهو حالم : إذا رأى شيئاً في النوم ، واحتلم يحتلم ، لا يكون مثل حلم يحلم ، ويقال من الحلم : حلم حلما فهو حليم ، ويقال : حلمته ، أي : جعلته حليما ، والافتراء : الكذب ، والشاعر : إنما سمي : شاعراً ؛ لأنه يشعر من الكلام ما لا يشعر به غيره ، والقصم : الكسر ، والمراد منه الهلاك ، قصمه غيره وانقصم بنفسه ، أي : انكسر ، وقال : { أَحَسُّواْ } ، أي : استيقنوا بعذابنا ، ويقال : أحسست ، أي : وجدت ، وأحسست : علمت واستيقنت ، يقال : أحسست : قطعت ، وتحسست ، أي : تخبرت ، والمحسسة الفِرْجَون . وقال : يركضون : يهربون { إِلَىٰ مَآ أُتْرِفْتُمْ فِيهِ } أي : أنعمتم ومتعتم ، والإتراف : الإكرام . وقال أبو عبيدة : { يَرْكُضُونَ } يعدون ، وقوله : { لاَ تَرْكُضُواْ وَٱرْجِعُوۤاْ إِلَىٰ مَآ أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ } ، ليس على الأمر ، ولكن أي : لو رجعتم إلى ما أترفتم فيه ، وكذلك { قُلْ سِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَٱنظُرُواْ … } [ النمل : 69 ] كذا ، ليس على الأمر ، ولكن لو سرتم فانظروا كذا ؛ فعلى ذلك قوله : { وَٱرْجِعُوۤاْ إِلَىٰ مَآ أُتْرِفْتُمْ فِيهِ } ، أي : لو رجعتم لعلكم تسألون [ كما كنتم تسألون ] من قبل ، فيخرج ذلك مخرج الاستهزاء جزاء لصنيعهم ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { قَالُواْ يٰوَيْلَنَآ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ } . يقرون يومئذ بالظلم ، لكن لا ينفعهم ذلك ويندمون على سوء صنيعهم ، فيطلبون العودة إلى دنياهم ؛ كقوله : { يٰلَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي } [ الفجر : 24 ] . وقوله - عز وجل - : { فَمَا زَالَت تِلْكَ دَعْوَاهُمْ } . أي : ما زالت تلك ، أي قولهم : { قَالُواْ يٰوَيْلَنَآ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ } دعواهم ، { حَتَّىٰ جَعَلْنَاهُمْ حَصِيداً خَامِدِينَ } ، فإن كان هذا القول منهم في الدنيا فيكون قوله : { حَتَّىٰ جَعَلْنَاهُمْ حَصِيداً خَامِدِينَ } بالقتل بالسيف والإهلاك . وإن كان ذلك في الآخرة فيكون قوله : { حَصِيداً خَامِدِينَ } في النار في الآخرة ، والله أعلم . و { حَصِيداً } ، أي : هالكاً وهو محصود ، و { خَامِدِينَ } : كما يقال : خمدت النار : إذا طفيت .