Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 22, Ayat: 8-10)
Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { ومِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي ٱللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ } يحتمل قوله : { بِغَيْرِ عِلْمٍ } حسي { وَلاَ هُدًى } أي : لا بيان دليلي من جهة العقل { وَلاَ كِتَابٍ مُّنِيرٍ } أي : ولا وحي ينير ما يجادل فيه ويخاصم . ويحتمل أن يكون قوله : { بِغَيْرِ عِلْمٍ } أي : بغير إذعان ممّن عنده العلم { وَلاَ هُدًى } لا استسلام لمن عنده الدليل ، ولا خضوع لمن عنده كتاب منير . وقوله : { ثَانِيَ عِطْفِهِ } قال بعضهم : لاوي عنقه إلى معصية الله . وقال بعضهم : ناظر في عطفه ، أي : في جانبه ، ومثل هذا . لكن حقيقته تخرج على وجهين : أحدهما : على التمثيل والكناية عن إعراضه عن دين الله الحق والصدود عنه ، كقوله : { ٱنْقَلَبَ عَلَىٰ وَجْهِهِ } [ الحج : 11 ] وقوله : { ٱنْقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ } [ آل عمران : 144 ] ونحوه ، كله على التمثيل والكناية عن الإعراض عن الحق والصدود ، لا على حقيقة الانقلاب على الأعقاب ؛ فعلى ذلك جائز قوله : { ثَانِيَ عِطْفِهِ } يخرج على التمثيل والكناية عن الإعراض عن الحق . وجائز أن يكون على حقيقة عطف العنق والميل عنهم تكبّراً وتجبراً منه عليهم . ثمّ بين أنه لِمَ يفعل ؟ فقال : { لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } . ثم أخبر ما له في الدنيا بصنعه ؟ فقال : { لَهُ فِي ٱلدُّنْيَا خِزْيٌ } . قال بعضهم : الخزي : هو العذاب الذي يفضحه ، وأصل الخزي : الهوان والذل ، وهم لما أعرضوا عن عبادة الله ودينه بلوا بعبادة الأصنام واتباع الشيطان ، فذلك الخزي لهم في الدنيا . ثم أخبر ما له في الآخرة من الجزاء ؟ فقال : { وَنُذِيقُهُ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ } وعامة أهل التأويل يصرفون الآية إلى واحد منهم وهو النضر بن الحارث ، ويقولون : { لَهُ فِي ٱلدُّنْيَا خِزْيٌ } ؛ لأنه أسر يوم بدر ، فضرب عنقه ، وقتل صبرا ، فذلك الخزي له . والحسن يقول : هذا الخزي لجميع الكفرة ؛ لأنه لم يزل هذا صنيعهم منذ كانوا ، فلهم الخزي في الدنيا : الخسف والحصب ، على ما كان في الأمم الخالية . وقوله - عز وجل - : { ذٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ } ليس على تحقيق تقديم الأيدي ، ولكن على التمثيل ؛ لما بالأيدي يقدم ، فذكر اليد لذلك على ما ذكرنا من انقلاب الأعقاب . وقوله - عز وجل - : { وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّٰمٍ لِّلعَبِيدِ } ؛ لأنّه لا يأخذ أحداً بغير ذنب ولا يأخذه بذنب غيره .