Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 23, Ayat: 73-77)

Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَإِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } . المستقيم : القائم بالآيات والحجج ، ليس كالسبيل التي يسلكون هم بلا آيات ولا حجج ولا برهان . وقوله : { وَإِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ عَنِ ٱلصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ } . هذا يحتمل وجهين : أحدهما : أن إنكارهم البعث والآخرة هو الذي حملهم على العدول عن الصراط المستقيم . والثاني : الصراط الذي في الدنيا هو المجعول للآخرة ؛ فإذا تركوا سلوكه ؛ لشهوات منعتهم عن ذلك - أنكروا الآخرة ، أو كلام نحو هذا ، وقوله : { لَنَاكِبُونَ } ، أي : لعادلون ، من العدول عنه والمجانبة والميل إلى غيره . وقوله : { وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِّن ضُرٍّ لَّلَجُّواْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ } . ذكر الضر ، ولم يذكر أي شيء كان ، وليس لنا أن نقول : كان الجوع أو كذا إلا بثبت ، وفيه وجهان من المعتبر : أحدهما : أن رفع المحن التي امتحنهم من البلايا والشدائد إنما يكون برحمة منه وفضل ، لا على ما قاله بعض الناس بالاستحقاق ؛ حيث ذكر رحمته بكشف ذلك عنهم . والثاني : فيه دلالة إثبات رسالة محمد صلى الله عليه وسلم لأنه أخبر أنه ، إن كشف ذلك الضر عنهم ، { لَّلَجُّواْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ } ؛ فكشف عنهم ذلك فلجوا في طغيانهم على ما أخبر ؛ فدل أنه بالله عرف ذلك ، والله أعلم . وقوله : { وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِٱلْعَذَابِ فَمَا ٱسْتَكَانُواْ لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ } . يخبر عن سفههم وجهلهم بالله ، وقسوة قلوبهم ، وتمردهم وعنادهم ؛ حيث أخبر أنهم وإن أخذوا بالعذاب لم يتضرعوا إليه ، وما استكانوا له بجهلهم بعذاب الله ؛ حيث أخبر أنهم ، وإن أخذوا [ لم يستكينوا ] . [ وقوله : ] { حَتَّىٰ إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ } . اختلف في قوله : { مُبْلِسُونَ } : قال بعضهم : المبلس : الآيس من كل خير ، وهو ما وصفهم أنهم : { لَيَئُوسٌ كَفُورٌ } [ هود : 9 ] ، و { فَيَئُوسٌ قَنُوطٌ } [ فصلت : 49 ] ، ونحوه . وقال الزجاج : المبلس : الساكن المتحير لا يدري ما يعمل به فعلى ذلك هم كانوا حيارى لما نزل بهم العذاب ، لا يدرون ما يعملون به في دفع ذلك عنهم . وقال الكسائي : المبلس : المقطع السيئ الظن ، قال : ومنه سمي إبليس ؛ لأنه أيس من رحمة الله ، وانقطع رجاؤه عنده . وقال أبو عوسجة : [ المبلس ] البائس الحزين ، ويقال : أبلس الرجل ، أي : أيس فحزن ، وأبلس غيره أيضاً ، وإنما سمي إبليسُ إبليس ؛ لأنه يئس عن رحمة الله فحزن . قال : وقوله : { فَمَا ٱسْتَكَانُواْ لِرَبِّهِمْ } ، أي : لم يذلوا لربهم بالطاعة له ، والخضوع لما ذكرنا .