Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 25, Ayat: 10-14)
Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { تَبَارَكَ ٱلَّذِيۤ إِن شَآءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِّن ذٰلِكَ } قد ذكرنا أنه خرج جواب ما سألوه من الأشياء : من الملك والكنز والجنة وأنواع الطعن الذي طعنوه ، أي : لو شاء لأعطاك خيراً من ذلك . ثم أخبر أن الذي حملهم على ذلك السؤال وأنواع الطعن فيه هو تكذيبهم بالساعة ؛ حيث قال : { بَلْ كَذَّبُواْ بِٱلسَّاعَةِ } حيث لم يروا لأمورهم عاقبة ينتهون إليها ؛ يثابون عليها أو يعاقبون . ثم أخبر ما أعدّ لهم بتكذيبهم الساعة فقال : { وَأَعْتَدْنَا لِمَن كَذَّبَ بِٱلسَّاعَةِ سَعِيراً } . ثم وصف ذلك السعير فقال : { إِذَا رَأَتْهُمْ مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُواْ لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً } . وقوله : { رَأَتْهُمْ مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ } : يحتمل وجهين : أحدهما : يجعل لها أسباباً تراهم كما يرونها . والثاني إذا صاروا في مكان بحيث يرونها كأنها رأتهم . وقوله : { وَإَذَآ أُلْقُواْ مِنْهَا مَكَاناً ضَيِّقاً } : قيل : إن النار ترفع ويعلو لهبها ، وترد من كان في أعلاها إلى أسفلها ، ويرد من كان من أسفلها إلى أعلاها ، فيجمعهم جميعاً فيضيق عليهم المكان ويشتد بهم العذاب ، كلما ضاق عليهم المكان كان العذاب لهم أشد . وقوله : { مُّقَرَّنِينَ } : قال بعضهم : مقيدين بعضهم ببعض . ثم قال بعضهم : الشيطان يقرن ، ويَقَيَّدُ كل بشيطانه الذي دعاه إلى دعائه واتبعه ؛ كقوله : { وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ ٱلرَّحْمَـٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً … } الآية [ الزخرف : 36 ] . وقال بعضهم : يقرن العابد والمعبود من دون الله ، وهو الأصنام التي عبدوها ؛ كقوله : { ٱحْشُرُواْ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ … } الآية [ الصافات : 22 ] . وقوله : { دَعَوْاْ هُنَالِكَ ثُبُوراً } أي : هلاكا ، والثبور : الهلاك ؛ كقوله : { وَإِنِّي لأَظُنُّكَ يٰفِرْعَونُ مَثْبُوراً } [ الإسراء : 102 ] أي : هالكاً . والثبور والويل : هما حرفان يدعو بهما كل من كان في الهلكة والشدة ، فقال : { لاَّ تَدْعُواْ ٱلْيَوْمَ ثُبُوراً وَاحِداً وَٱدْعُواْ ثُبُوراً كَثِيراً } ، أي : لا تدعوا هلاكاً واحداً ؛ كما يكون في الدنيا أن من هلك مرة لا يهلك ثانياً ، وأما في النار فإن لأهلها هلكات لا تحصى ؛ كقوله : { وَيَأْتِيهِ ٱلْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ } [ إبراهيم : 17 ] أي : أسباب الموت تأتيهم من كل مكان وما هو بميت ؛ وكقوله : { كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ … } الآية [ النساء : 56 ] . وإنما يسألون ويدعون بالهلاك لما يرجون من الهلاك النجاة من ذلك العذاب ؛ وهكذا كل من ابتلي ببلاء شديد يتمنى الهلاك والموت .