Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 25, Ayat: 15-16)

Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { قُلْ أَذٰلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ ٱلْخُلْدِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلْمُتَّقُونَ } : يشبه أن يكون قال هذا لقولهم : { لَوْلاۤ أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً * أَوْ يُلْقَىٰ إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا } [ الفرقان : 7 - 8 ] ، فيقول : أذلك الذي سألتموه أنتم خير أم جنة الخلد التي وعد المتقون ؟ ! أو يكون قال ذلك لهم لما رأوا لأنفسهم الفضل والمنزلة في الدنيا ؛ لما وسع عليهم الدنيا وأعطوا من حطامها ، فقال : أذلك الذي أعطيتم في الدنيا من السعة خير ، أم جنة الخلد التي أعطي المتقون ؟ ! والله أعلم . وقوله : { لَّهُمْ فِيهَا مَا يَشَآءُونَ خَالِدِينَ كَانَ عَلَىٰ رَبِّكَ وَعْداً مَّسْئُولاً } : يحتمل قوله : { وَعْداً مَّسْئُولاً } مما سألته لهم الملائكة ؛ كقوله : { رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ ٱلَّتِي وَعَدْتَّهُمْ … } الآية [ غافر : 8 ] ، وسؤال الرسل ؛ كقوله : { رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَىٰ رُسُلِكَ … } الآية [ آل عمران : 194 ] ، أو وعداً مسئولا مما سألوا ربهم ، فوعد لهم ذلك ؛ فهذا يدل أنهم إنما يدخلون الجنة بالسؤال والتشفع لهم والتضرع ، لا أنهم يستوجبون ذلك بأعمالهم . وقال بعضهم في قوله : { وَإَذَآ أُلْقُواْ مِنْهَا مَكَاناً ضَيِّقاً مُّقَرَّنِينَ } [ الفرقان : 13 ] : في السلاسل وذلك أنهم إذا ألقوا فيها تضايق عليهم كتضايق الزج في الرمح ، فالأسفلون يرفعهم اللهب ، والأعلون يخفضهم اللهب ، فيزدحمون في تلك الأبواب الضيقة فضايق عليهم ، فعند ذلك يدعون بالثبور ؛ يقولون : يا ثبوراه ويا ويلاه . وروي مثله عن عبد الله بن عمر ، وكان يقول : إن جهنم لتضيق على الكافر كضيق الزج في الرمح . وقوله : { دَعَوْاْ هُنَالِكَ ثُبُوراً } [ الفرقان : 13 ] يقول : ويلا وهلاكا ، قال الله تعالى : { لاَّ تَدْعُواْ ٱلْيَوْمَ ثُبُوراً وَاحِداً وَٱدْعُواْ ثُبُوراً كَثِيراً } [ الفرقان : 14 ] : ثم قيل : { أَذٰلِكَ خَيْرٌ } يعني : الذي ذكر ، { أَمْ جَنَّةُ ٱلْخُلْدِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَآءً } لأعمالهم ، { وَمَصِيراً } أي : منزلا . قال أبو عوسجة : التغيظ : من الغيظ ، والزفير : الشهيق يكون في الحلق ، وشهق يشهق شهيقاً وشهقا ، وهو نفس في الحلق شديد له صوت . وقال : { ثُبُوراً } [ الفرقان : 14 ] أي : إهلاكا ، وصرفه : ثبر يثبر ثبرا وثبورا ، فهو ثبور . وقال القتبي : { تَغَيُّظاً وَزَفِيراً } [ الفرقان : 12 ] أي : تغيظا عليهم ؛ كذلك قال المفسرون . وقال بعضهم : بل يسمعون فيها تغيظ المعذبين وزفيرهم واعتبروا ذلك بقول الله تعالى : { لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ } [ هود : 106 ] واعتبره الأولون بقوله : { تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الغَيْظِ } [ الملك : 8 ] هذا أشبه التفسيرين إن شاء الله ؛ لأنه قال : { سَمِعُواْ لَهَا } [ الفرقان : 12 ] ، ولم يقل : سمعوا فيها ، ولا منها . وقال : { ثُبُوراً } [ الفرقان : 14 ] أي : بالهلكة ؛ كما يقول القائل : واهلاكاه ، والله أعلم .