Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 26, Ayat: 10-17)

Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَإِذْ نَادَىٰ رَبُّكَ مُوسَىٰ } أي : أمر ربك موسى وأوحى . { أَنِ ٱئْتِ ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } : فيه دلالة أن موسى - صلوات الله عليه - كان مبعوثاً مرسلا إلى فرعون وقومه ، وإن كان لم يذكر في بعض الآيات قومه حيث قال : { ٱذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ } [ طه : 24 ] وقال في بعضها : { إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلإِيْهِ } [ الأعراف : 103 ] ؛ فهذا لأنهم كانوا الرؤساء والقادة ، فإذا آمنوا هم اتبعهم الأتباع في ذلك ، وإلا كان مبعوثاً في الحقيقة رسولا إليه وإلى قومه جميعاً الأتباع والمتبوعين لما ذكر . وقوله : { قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلا يَتَّقُونَ } : كأنه على الإضمار : أن ائت القوم الظالمين ، وقل لهم : ألا تتقون . ثم قوله : { أَلا يَتَّقُونَ } يحتمل وجهين : أحدهما : ألا تتقون مخالفة أمر الله ونهيه . أو يقول : ألا تتقون نقمة الله وعقوبته ، والله أعلم . وقوله : { قَالَ رَبِّ إِنِّيۤ أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ } : لم يقطع موسى القول في التكذيب ، ولكنه على الرجاء قال ذلك ، وذلك - والله أعلم - كقوله : { فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ } [ طه : 44 ] ، فكأنه رجا ذلك منه لهذا ، والله أعلم . وجائز أن يكون على القطع والعلم منه بالتكذيب ؛ كأنه قال : إني أعلم أن يكذبون ، وذلك جائز في اللغة . وقوله : { وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلاَ يَنطَلِقُ لِسَانِي } : لأن عليه أن يغضب لله إذا كذبوه ، فإذا اشتد بالمرء الغضب ضاق صدره وكَلَّ لسانه ، وهو ما دعا ربه وسأله حيث قال : { رَبِّ ٱشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِيۤ أَمْرِي * وَٱحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي } الآية [ طه : 25 - 27 ] ، وهو ما ذكرنا أن الغضب إذا اشتد بالمرء يضيق صدره حتى يمنعه عن الفهم ، ويكل لسانه حتى يمنعه عن العبارة والبيان . وجائز أن يكون ذلك لآفة كانت بلسانه . ثم ضيق الصدر يكون لوجهين : أحدهما : لعظيم أمر الله وجلال قدره إذا كذبوه وردوا رسالته وأمره - ضاق لذلك صدره . أو يضيق لما ينزل عليهم من عذاب الله ونقمته بالتكذيب ؛ إشفاقاً عليهم منه ، والله أعلم . وقوله : { فَأَرْسِلْ إِلَىٰ هَارُونَ * وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنبٌ فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ } : قوله : { فَأَرْسِلْ إِلَىٰ هَارُونَ } لسؤاله إياه حيث قال : { وَٱجْعَل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * ٱشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِيۤ أَمْرِي } [ طه : 29 - 32 ] ؛ فعلى ذلك قوله : { فَأَرْسِلْ إِلَىٰ هَارُونَ } يكون معي في الرسالة ؛ وكقوله : { هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَاناً فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءاً … } الآية [ القصص : 34 ] . وذنبه الذي ذكر أنه عليه : هو قتل ذلك القبطي وهو قوله : { فَوَكَزَهُ مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَيْهِ } [ القصص : 15 ] ذلك ذنبه الذي لهم عليه . ثم قال : { كَلاَّ فَٱذْهَبَا بِآيَاتِنَآ إِنَّا مَعَكُمْ مُّسْتَمِعُونَ } . وقوله : { كَلاَّ } ردّ على قول موسى : { فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ } ؛ كأنه قال : لا تخف ، وهو ما قال في آية أخرى حيث قالا : { إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَآ أَوْ أَن يَطْغَىٰ } [ طه : 45 ] فقال عند ذلك { لاَ تَخَافَآ إِنَّنِي مَعَكُمَآ أَسْمَعُ وَأَرَىٰ } [ طه : 46 ] ؛ فعلى ذلك قوله : { كَلاَّ فَٱذْهَبَا بِآيَاتِنَآ إِنَّا مَعَكُمْ مُّسْتَمِعُونَ } ، وقال في تلك الآية : { إِنَّنِي مَعَكُمَآ أَسْمَعُ وَأَرَىٰ } [ طه : 46 ] ، أي : أسمع ما يقولون لكما ، وأرى ما يفعلون بكم ، فأمنعهم عنكما ؛ لأنهما ذكرا الخوف منه من شيئين : من الفعل والقول حيث قالا : { إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَآ } : بالفعل ، { أَوْ أَن يَطْغَىٰ } باللسان . وقوله تعالى : { فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولاۤ إِنَّا رَسُولُ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ * أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } . قوله : { أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } ليس على حقيقة الإرسال معه ، ولكن على ترك استعبادهم ؛ كقوله : { فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ وَلاَ تُعَذِّبْهُمْ } [ طه : 47 ] أي : خلّ بينهم وبين استخدامك إياهم واستعبادك ، والله أعلم .