Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 27, Ayat: 20-28)

Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَتَفَقَّدَ ٱلطَّيْرَ فَقَالَ مَالِيَ لاَ أَرَى ٱلْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ ٱلْغَآئِبِينَ } : عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : " تدرون كيف تفقد سليمان الهدهد ؟ ثم قال : إنه إذا كان في فلاة من الأرض ، دعا الهدهد وسأله عن بعد الماء في الأرض وغوره ، فهو يعلمه من بين غيره من الطيور ؛ لذلك تفقد وسأل عن حاله " . وذكر أنه سأل ابن سلام عن ذلك ، فأخبر ذلك . لكن هذا بعيد ؛ لأن سليمان - صلوات الله عليه - كانت له الريح مسخرة ، ذكر أنها كانت تحمله وتسير به كل غداة مسيرة شهر وكل عشية كذلك ، وهو قوله : { وَلِسُلَيْمَانَ ٱلرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ } [ سبأ : 12 ] ؛ فلا يحتمل أنه إذا وقعت له الحاجة إلى الماء ألا يبلغ إلى الماء حتى يحتاج إلى أن يحفر له البئر ، فيستخرج منه الماء ، وما كان له من الشياطين والجن مسخرين له مذللين حتى قال واحد منهم : { أَنَاْ آتِيكَ بِهِ } يعني : عرش بلقيس { قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ } ، وقال الآخر : { أَنَاْ آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ } ، فمن له سلطان وقوة على القدر الذي ذكر لا يحتمل أن يقع له الحاجة إلى الماء ، وإذا وقعت لا يحتاج إلى أن يتكلف وصوله إليه بالهدهد مع تكلف الحفر في الأرض ، هذا يبعد بمرة - والله أعلم - إلا أن يخرج على الامتحان ، ويكون تفقده الطير لما كان عليه حفظهم جميعاً ، ومنعه إياهم عن الانتشار في الأرض والتفرق ، لا لما ذكروا هم - والله أعلم - لما على كل ملك وأمير حفظ رعيته وحاشيته ، والتفقد عن أحوالهم وأسبابهم ؛ فعلى ذلك هذا . ثم يحتمل أن يكون من كل صنف من الطير واحد لا عدد حتى قال : { مَالِيَ لاَ أَرَى ٱلْهُدْهُدَ } ؛ إذ لو كان عددا من الهداهد لقال : مالي لا أرى هدهدا من الهداهد ، إلا أن يكون الذي فقده كان رئيساً لغيره من الهداهد وسيدهم ؛ فجائز أن يقال ذلك : { مَالِيَ لاَ أَرَى ٱلْهُدْهُدَ } من بين غيرهم يغيب عن بصري ولا أدركه { أَمْ كَانَ مِنَ ٱلْغَآئِبِينَ } عنهم ؛ فكأنه سأل واحدا منهم عن ذلك ، فأخبر أنه من الغائبين ، فعند ذلك قال : { لأُعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً … } الآية ، فقالت الباطنية في ذلك : إن سليمان لا يحتمل أن يعذب من ليس بمخاطب في شيء ، ولا يجري عليه القلم ؛ فدل وعيده إياه من التعذيب والذبح أنه لم يكن هدهدا معروفاً ، ولكن كان رجلا ممن يخاطب ويجري عليه القلم ؛ وكذلك قالوا في النملة : إنه كان رجلا ممن يكون منه الكلام والفهم ، وأما النملة المعروفة فلا يحتمل . لكن الجواب لهم في ذلك : أن الله خلق هذه الدواب والطير وغيرها من الأشياء لمنافع البشر ولحاجاتهم ، فجائز تعذيبها وذبحها للرد إلى منافعهم إذا امتنعت عن الانتفاع بها ، على ما تؤدب الدواب وتعذب للرياضة والتعليم ؛ لردها إلى الانتفاع بها . أو يعذبه لما يشغله عن ذكر الله والقيام ببعض أموره ، على ما ذكر في آية أخرى حيث قال : { إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِٱلْعَشِيِّ ٱلصَّافِنَاتُ ٱلْجِيَادُ * فَقَالَ إِنِّيۤ أَحْبَبْتُ حُبَّ ٱلْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي حَتَّىٰ تَوَارَتْ بِٱلْحِجَابِ … } الآية [ ص : 31 - 32 ] لما شغله عن ذكر ربه ؛ فعلى ذلك جائز أن يكون تعذيب الهدهد على الوجوه التي ذكرنا . ومن الناس من استدل بهذا على مخاطبة الطيور والدواب وغيرها ، وتكليفها بأمور كما يكلف غيرها من الخلائق ، واحتج على هذا بقوله : { وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ } [ الأنعام : 38 ] ، أخبر أن الطير وغيره أمم أمثالنا ، وقد أخبر في آية أخرى أنه لم تخل أمة عن أن يكون فيها نذير بقوله : { وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلاَ فِيهَا نَذِيرٌ } [ فاطر : 24 ] ، الأمة التي هي أمثالنا من الإنس والجن ، دليله قوله : { وَمَا خَلَقْتُ ٱلْجِنَّ وَٱلإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ } [ الذاريات : 56 ] ، وقوله : { وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْسِ … } [ الأعراف : 179 ] ونحوه كثير ، وقوله : { إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ } [ الأنعام : 38 ] ليس في الخطاب والتكليف ، ولكن في أشياء كثيرة . وقوله : { فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ } أي : لم يمكث طويلا حتى جاءه . وفي حرف ابن مسعود : { فمكث غير بعيد ثم جاءه } . { فَقَالَ أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ } : كأنه سأله : أين كنت ؟ فقال عند ذلك له : { أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ } . وفي حرف أبي : { أحطت بما لم تحط به أنت ولا أحد من جنودك } ، أي : بلغت ما لم تبلغ أنت ، أي : علمت ما لم تعلم أنت ولا أحد من جنودك . ثم قال : { وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ } : لا شك فيه ؛ فكأنه سأله عن ذلك النبأ ، فقال عند ذلك - والله أعلم - : { إِنِّي وَجَدتُّ ٱمْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ } يؤتى الملوك على ما ذكرنا في قوله : { وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ } . ثم العجب من أمر بلقيس أن كيف خفي خبرها وأمرها على سليمان كل ذلك الخفاء ، وكانت بقرب منه ، وكانت ملكة جبارة ذات سلطان وملك ، وكان يذهب في كل غدو مسيرة شهر ، وفي كل رواح كذلك ، كيف لم يطلع على أمرها وخبرها ؟ ! وكانت الجن والشياطين مسخرين له ومذللين ، يعملون له الأعمال الصعبة الشديدة ، ويطوفون في الآفاق والأفق ، وكان هو بعث إلى الدعاء إلى توحيد الله ، كيف خفي عليه أمرها وخبرها كل هذا الخفاء ، حتى أخبره بذلك الهدهد ؟ ! هذا - والله أعلم - أمر عجيب ، ومن عادة الملوك - أيضاً - أنهم يطلع بعضهم على أمور بعض ، ويعلم بأحواله . لكن يحتمل خفاء خبرها عليه لما لا يتجاسر كل أحد أن يكلمه في ذلك ، وأن يعلمه عن حالها - وإن كان لا يعلم هو ذلك - إلا بعد السؤال وطلب الخبر ؛ تعظيماً له وإجلالا ؛ وهكذا الملوك ليس يتجاسر كل أحد أن يخبره عن كل أمر وخبر إلا بعد السؤال إياه ؛ تعظيماً لهم وتوقيرا ، فعلى ذلك أمر سليمان مع بلقيس . أو أن يكون لأمر وسبب لم يبلغنا ذلك ، ولم نشعر به . وقال بعض أهل التأويل في قوله : { وَتَفَقَّدَ ٱلطَّيْرَ فَقَالَ مَالِيَ لاَ أَرَى ٱلْهُدْهُدَ } : إنما طلبه وتفقده ؛ لأن الطير كانت تظله على رأسه من الشمس ، فلما نظر إلى الطير وجد موضع الهدهد خاليا يقع عليه الشمس ، فعند ذلك قال : { مَالِيَ لاَ أَرَى ٱلْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ ٱلْغَآئِبِينَ } . وقالوا في قوله : { لأُعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً } أي : لأنتفن ريشه حتى تصيبه الشمس ، فذلك هو العذاب الشديد ، لكن لا نفسر ما ذلك العذاب الشديد الذي أوعده سليمان مخافة الكذب والله أعلم . وقوله : { فَمَكَثَ غَيْرَ بَعِيدٍ } : قال بعضهم : غير طويل . وجائز أن يكون : فمكث وقتا يأتي في مثله مَن كان غير بعيد ؛ لأنه إنما يعبر به عن المكان لا عن الوقت في الظاهر . فقال : { أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ } كأنه يريه المناصحة له والشفقة ، يقول : أتيتك من العلم والخبر ما لم تأت أنت ولا أحد من - جنودك ، فكيف تعذبني ؟ ! وفي حرف عبد الله : { فمكث غير بعيد ثم جاءه } . قال أبو معاذ : مكَث : بنصب الكاف ورفعها مكُث لغتان . وقوله : { وَجِئْتُكَ مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ } : قال بعضهم : حق لا شك فيه ، أي : عند الهدهد ، وأما عند سليمان فلا ؛ ألا ترى أن سليمان قال له : { سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ ٱلْكَاذِبِينَ } ، وقف في خبره لينظر أصدق ما يقول أم كذب ؟ وقال بعضهم : { بِنَبَإٍ يَقِينٍ } أي : عجيب . ثم اختلف في قوله : { مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ } ؛ قال بعضهم : سبأ : اسم رجل تنسب القرية إليه . وقال بعضهم : اسم بلدة . وقال أبو عوسجة : سبأ : أبو اليمن . فمن جعلها اسم بلدة لم يجر ، ومن جعلها اسم رجل جره ، والله أعلم . وقوله : { إِنِّي وَجَدتُّ ٱمْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ } : كأنه على الإضمار ، أي : وجدت امرأة تملكهم ، أي : تملك أهل سبأ ، ألا ترى أنه قال في آخره : { وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ ٱللَّهِ } ذكر القوم في آخر الآية ؛ دل أن ( الأهل ) كان مضمرا فيه . وقوله : { وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ } أي : أوتيت من كل شيء كما يؤتى الملوك من الذكور من الأسباب والهيئة وغير ذلك . وقال بعضهم : وأوتيت من كل شيء في بلادها . { وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ } : قال أهل التأويل : أي : لها سرير حسن عظيم ضخم ، كذا كذا ذراعاً طوله ، وكذا كذا ذراعاً عرضه . وجائز أن يكون العرش كناية عن الملك ؛ كأنه قال : { وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ } أي : ملك عظيم . وقوله : { وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ ٱللَّهِ } : { يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ ٱللَّهِ } ، أي : يعبدون الشمس من دون الله . وجائز : يطيعون للشمس ويخضعون لها من دون الله . وقوله : { وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ } الخبيثة السيئة حتى رأوها حسنة { فَصَدَّهُمْ عَنِ ٱلسَّبِيلِ } : وهو سبيل الله ؛ لأن السبيل المطلق هو سبيل الله وهو الإسلام ، والكتاب المطلق كتاب الله . وقوله : { فَهُمْ لاَ يَهْتَدُونَ } : فإن كان هذا القول من الهدهد ؛ فتأويله : فصدّهم عن السبيل فهم غير مهتدين ؛ لأنه لا يحتمل أن يعرف أنهم لا يهتدون في حادث الوقت . وإن كان من الله فهو إخبار أنهم لا يهتدون أبدا ، لما علم أنهم لا يهتدون ، والله أعلم . وقوله : { أَلاَّ يَسْجُدُواْ للَّهِ ٱلَّذِي يُخْرِجُ ٱلْخَبْءَ } : اختلف في تلاوته بالتخفيف والتشديد : فمن قرأه بالتشديد : { أَلاَّ يَسْجُدُواْ } فهو يخرج على وجهين : أحدهما : على طرح ( لا ) كأنه يقول : فهم لا يهتدون أن يسجدوا ، أي : هم لا يهتدون أن يسجدوا . والثاني : صلة قوله : { فَصَدَّهُمْ عَنِ ٱلسَّبِيلِ } لئلا يسجدوا . ومن قرأ بالتخفيف فهو يخرج على الأمر ، أي : ألا فاسجدوا لله . وقال بعضهم : ألا - بالتخفيف - : هلا يسجدون لله ؛ وكذلك ذكر في حرف ابن مسعود أنه قرأ : { هلا يسجدوا لله } ، وهو حجة من قرأه بالتخفيف . وفي حرف أبيّ : { ألا تسجدوا لله } ، بالتاء على المخاطبة إلى قوله : { وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ } . وذكر في حرف حفصة : { ألا يسجدون } بالنون . قال الكسائي : ومن شدد { أَلاَّ } فتأويله : زين لهم الشيطان ألا يسجدوا على ما ذكرنا . وأما التخفيف فهو على وجه الأمر ، أي : اسجدوا و { أَلاَّ } صلة والياء صلة أيضاً . ثم قال بعضهم : من قرأه بالتخفيف يلزمه السجود ؛ لأنه أمر . وأما من قرأه بالتشديد فلا يلزم . لكن عندنا سواء يلزمه السجود بالتلاوتين جميعاً ؛ لأنه لا يحتمل أن يلزم السجود فيما يأمر غيره بالسجود ، ولا يلزم فيما يخبر عنهم أنهم لا يسجدون ، بل لزوم السجود فيما يخبر أنهم لا يسجدون أولى ؛ خلافاً لصنيعهم وإظهاراً للطاعة لله في ذلك ، والله أعلم . وقوله : { يُخْرِجُ ٱلْخَبْءَ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } الخبء : ما يخبأ من الشيء ما كان . قال بعضهم : خبأ في السماء المطر فيخرج ، وفي الأرض النبات فيخرج ذلك النبت . ويحتمل الخبء ما يخبئ بعضهم من بعض ويسر بعضهم بعضا ، يخبر أنه يظهر ذلك ويعلمه ؛ ألا ترى أنه قال : { وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ } على الوعيد ؛ ليكونوا على حذر أبداً . وفي حرف حفصة : { ألا يسجدون لله الذي له الغيب في السماوات والأرض } . وقوله : { ٱللَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْعَظِيمِ } ذكر هذا - والله أعلم - جواب قوله : { وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ } ، يقول : رب العرش العظيم هو الله الذي لا إله إلا هو ، لا هي ، أعني : بلقيس . وقوله : { سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ ٱلْكَاذِبِينَ } أي : ننظر أصدقت فيما أخبرت وأتيت من أمر بلقيس ، أم كنت من الكاذبين في ذلك ؟ وقف في خبره ، ولم يصدقه ولم يكذبه إلى أن يظهر له الصدق أو الكذب ؛ وهكذا الواجب على كل من أخبر بخبر أن يقف فيه إلى أن يظهر له الحق في ذلك ، إذا كان الخبر ممن يحتمل الغلط والكذب . ثم قال له : { ٱذْهَب بِّكِتَابِي هَـٰذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ } : لا يحتمل أن يكون سليمان أمر الهدهد بذهاب الكتاب إليها ويوليه تبليغ ذلك إليها ، وهو أعظم من خبره الذي أخبره بذلك بعدما وقف في خبره قبل أن يتبين ويظهر له صدقه في خبره ؛ فدل توليته إياه تبليغ الكتاب إليها أنه قد ظهر له صدقه فيما أخبره من أمر تلك المرأة ، إما بوحي من الله تعالى إليه ، أو انتهى إليه من الخبر ما قد علم بذلك علم يقين وإحاطة ، فعند ذلك ولاه تبليغ الكتاب إليها حيث قال له : { ٱذْهَب بِّكِتَابِي هَـٰذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَٱنْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ } . وقوله : { ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَٱنْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ } يحتمل وجهين : أحدهما : ألق الكتاب إليهم ثم تول ، أي : استتر واختف عنهم ، فانظر ماذا يقولون ، وماذا يرددون فيما بينهم من الكلام والجواب ؟ والثاني : على التقديم والتأخير ؛ كأنه قال : ألق الكتاب إليهم ، فانظر ماذا يرجعون من الجواب ؟ ثم تول عنهم ، أي : أعرض عنهم ؛ ففعل ما قال له سليمان من إلقاء الكتاب إليها ، وإن لم يذكر في الآية .