Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 29, Ayat: 7-9)
Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ } : كأن ما عملوا من الحسنات والصالحات يكفر بها سيئاتهم . وقوله : { وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ ٱلَّذِي كَانُواْ يَعْمَلُونَ } هذا يحتمل وجوهاً : أحدها : أن جزاءهم الذي يجزون بتلك الأعمال أحسن من أعمالهم التي عملوا ؛ لأن قدر ذلك الجزاء عندهم أعظم وأحسن من قدر [ ما علموا ] من أعمالهم ؛ إذ ليس لأعمالهم عندهم كبير قيمة وقدر ؛ إذ منهم من يحيي ليله بدرهم وبما يسد به حاجتهم في يوم أو ليلة . والثاني : أن الأعمال التي يعملها المرء تكون على وجوه سيئات تكفر بالتوبة أو بما كان يعاقبون عليها ، وحسنات يجزون بها الثواب الجزيل ، وإباحات يعملون لحوائج أنفسهم مما لا يعاقبون عليه ولا يثابون ، فيقول - والله أعلم - : لنجزينهم أحسن الذي عملوا وهو الحسنات والخيرات عملوها لله . أو أن يكون قوله : { وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ ٱلَّذِي كَانُواْ يَعْمَلُونَ } أن نكفر سيئاتهم بنوع من الحسنات ويثابون على أحسنها ، وهو ما قال : { لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ ٱلَّذِي كَانُواْ يَعْمَلُونَ } ، والله أعلم بذلك . وقوله : { وَوَصَّيْنَا ٱلإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناً } . وقرئ أيضاً : { إحسانا } قال الزجاج : قوله : { حُسْناً } أجمع وأقرب ؛ لأنه يرجع إلى حسن الشيء في نفسه ، وإلى حسنه عند ذلك الإنسان ؛ يقال : حسن كذا إذا كان في نفسه حسنا ، والإحسان : هو ما يحسن عند ذلك المعمول له ، أو كلام نحو هذا . قال الشيخ - رضي الله عنه - : لكن الإحسان هو اسم ما حسن أيضاً في نفسه ، يقال : أحسن ، فإذا أحسن ، فقد حسن ، والله أعلم . وقوله : { وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ } : إن كان هذا الخطاب لأهل الإيمان فيكون تأويل الآية : { وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ } أي : بأن له شريكاً ، أي : تعلم بأن ليس له شريك فلا تشرك به ؛ وهو كقوله : { قُلْ أَتُنَبِّئُونَ ٱللَّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلاَ فِي ٱلأَرْضِ } [ يونس : 18 ] أي : يعلم بخلاف ما يقولون ؛ فعلى ذلك قوله يحتمل { مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ } بأن له شريكا ، أي : لك العلم بخلافه : بأن ليس له شريك . وإن كان الخطاب لأهل الكفر يقولون على الله ما ليس لهم به علم . وقوله : { فَلاَ تُطِعْهُمَآ } : أمر بالبرّ للوالدين والإحسان إليهما والطاعة لهما ما لم يكن في طاعتهما معصية الربّ ؛ ليعلم أن ليس يجب طاعتهما في كل شيء وفي كل ما كان عندهما إحساناً ، ولكن فيما كان في ذلك طاعة الخالق . وقوله : { إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } : وعيد لتكونوا أبداً على حذر في أعمالكم لا تعملون بما فيه معصية الرب . وقوله : { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي ٱلصَّالِحِينَ } : كأنه قال : والذين آمنوا وعملوا الصالحات ولهم سيئات ، لنكفرن عنهم تلك السيئات بأعمالهم الصالحات ، ثم لندخلنهم في الصالحين الذين لا سيئة لهم وهم الأنبياء ، إذ أكثر ما ذكر في الكتاب الصالحين إنما أريد بهم الأنبياء - صلوات الله عليهم - وهو ما ذكرنا - والله أعلم - على تكفير السيئات عنهم على ما ذكر فيما تقدم ، وهو ما قال : { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ ٱلَّذِي كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [ العنكبوت : 7 ] . أو أن يكون قوله : { لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي ٱلصَّالِحِينَ } أي : لنجعلنهم من الصالحين . فإن قيل : ما معنى قوله : { لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي ٱلصَّالِحِينَ } وهم قد عملوا الصالحات ؟ قيل : معناه ما ذكرنا بدءاً : أنهم قد عملوا الصالحات إلا أن لهم سيئات يكفرها بالصالحات ، ثم ليجعلنهم في الصالحين الذين لا سيئة لهم ، والله أعلم .