Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 183-184)

Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله - عز وجل - : { ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلاَّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّىٰ يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ } : قيل : إنهم لما دعوا إلى الإسلام - يعني - : اليهود - قالوا : { إِنَّ ٱللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلاَّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّىٰ يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ ٱلنَّارُ } ، وكان ذلك آية في بني إسرائيل ؛ فسأل اليهود من . [ نبينا ] محمد صلى الله عليه وسلم ذلك . وقيل : كان مِنْ قبلنا ، في الأمم الخالية ذلك ؛ فسألوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك ، ولكن لم يكن القربان من آيات النبوة والرسالة إن كان ؛ فهو من آيات التقوى ؛ كقوله - عز وجل - : { وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ٱبْنَيْ ءَادَمَ بِٱلْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ ٱلآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلْمُتَّقِينَ } [ المائدة : 27 ] كان القربان من آيات التقوى ؛ ألا ترى أنه قال : يا محمد { قُلْ قَدْ جَآءَكُمْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِي بِٱلْبَيِّنَاتِ وَبِٱلَّذِي قُلْتُمْ } يعنى : القربان ؛ { فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } أي : إن كان ذلك من آيات النبوة ، لم قتلتم الأنبياء أتوا به ؟ ! أو لِمَ قَتَلَ أوائِلُكُم الأنبياءَ ؛ إذ أتوا بالقربان ، { إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } : أنه من آيات النبوة ، أو { إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } : أنه عهد إليكم ألا تؤمنوا به حتى يأتي بقربان ، والله أعلم . وفي قوله - عز وجل - : أيضاً - : { قُلْ قَدْ جَآءَكُمْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِي بِٱلْبَيِّنَاتِ وَبِٱلَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } - فهو ، والله أعلم ، ادَّعَوْا أن أوائلهم ادَّعَوُا الذي ذكروا من العهد ، وهم تَبِعُوا أولئك ، فعرَّفهم صُنْعَ من بدعواهم احتجوا ؛ ليكون لهم فيه آيةٌ ، أما تكذيبهم بما احتجوا بوصية المتقدمين في ذلك ، فَبَطَل عذرهم ؛ إذ هم قتلوهم ؛ فلا يجوز تصديقهم على العهد الذي ادعوا وذلك صنيعهم ، أو يقروا أنهم أُخْبِروا بالعهد من غير أن كان كذباً وباطلاً ؛ فبطل حجاجهم . على أن في الآية : { إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلْمُتَّقِينَ } [ المائدة : 27 ] ، فجعل ذلك آية التُّقَى لا آية النبوة . والأصل فيه : أنا لما عرفنا آيات الرسل - عليهم السلام - لا يُذكر فيها القرابين ؛ ثبت أن هذا الذي ادعوا ليس هو بعهد جاء به الرسل - عليهم السلام - ولكنه حِيَلُ السفهاء بتلقين الشياطين وَوَحْيِهِم ؛ لذلك لم يجب الذي ذكروا ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { فَإِن كَذَّبُوكَ } : يا محمد في القول ، وما جئت من آيات تدل وَتُوَضِّحُ أنك رسول الله ، وأنك صادق في قولك . { فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ جَآءُوا بِٱلْبَيِّنَاتِ } يعزي نبيه - عليه الصلاة والسلام - ويصبِّره ؛ ليصبر على أذاهم وتكذيبهم إياه ؛ كما صبر أولئك على أذاهم وتكذيبهم ؛ كقوله - عز وجل - : { فَٱصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُواْ ٱلْعَزْمِ مِنَ ٱلرُّسُلِ … } الآية [ الأحقاف : 35 ] . وفي قوله - تعالى - أيضاً - : { فَإِن كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ جَآءُوا بِٱلْبَيِّنَاتِ } وجوه : أحدها : أن يصبِّره على ذلك بما له فيه أجر أن صبروا ، على عظم ذلك عليهم ؛ وذلك قوله تعالى : { فَٱصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُواْ ٱلْعَزْمِ مِنَ ٱلرُّسُلِ } [ الأحقاف : 35 ] . والثاني : على رفع العذر عنه في ترك الإبلاغ ؛ فإن ذلك لم يمنع من تقدمه . والثالث : على الأنبياء أنهم أصحاب تقليد في التكذيب ، لا أن يكذبوا من محنة وظهور ؛ فذلك أقل للتأذي ، ولتوهم الارتياب في الأنبياء ؛ ليستيقن من حضره ، وصدقه - أن ذلك منهم على الاعتناد والتقليد دون المحنة والظهور ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { بِٱلْبَيِّنَاتِ } : قد ذكرناها فيما تقدم في غير موضع . وقوله - عز وجل - : { وَٱلزُّبُرِ } : قيل : أحاديث الأنبياء - عليهم السلام - من قبلهم بالنبوة على ما يكون . وقيل : الزبر : هي الكتب ، أي : جاءوا بالبينات والزبر ، يعني : الكتب . { وَٱلْكِتَابِ ٱلْمُنِيرِ } : قيل : الزبر والكتاب واحد . وقيل : { وَٱلْكِتَابِ ٱلْمُنِيرِ } : هو الذي فيه الحلال والحرام ، والأحكام المكتوبة عليهم . والمنير : هو الذي أنار قلب كل من تمسَّك بالهدى ؛ كما قيل في الفرقان أنه يفصل ويفرق بين الحق والباطل ، والله أعلم . وتسمى كتب الله كلها فرقاناً ومنيراً ؛ بما تفرق بين الحق والباطل ، وتبين السبيلين جميعاً ، والله أعلم .