Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 86-89)
Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { كَيْفَ يَهْدِي ٱللَّهُ قَوْماً كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوۤاْ أَنَّ ٱلرَّسُولَ حَقٌّ … } الآية . فالآية تحتمل وجوهاً : تحتمل : ألا يهدي الله قوماً هم معاندون مكابرون فيه ، غير خاضعين له ولا متواضعين ؛ إنما يهدي من خضع له وتواضع ، فأما من عاند وكابر : فلا يهديه . ويحتمل : أن هذا في قوم مخصوصين ، علم الله منهم أنهم لا يؤمنون أبداً ؛ فأخبر الله - تعالى - أنه لا يهديهم ، وأما من علم الله أنه يؤمن وتاب : فإنه يهديهم بقوله : { إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذٰلِكَ وَأَصْلَحُواْ } الآية : أطمع من تاب وأصلح أن يهديه ويغفر له . ويحتمل : ألا يهديهم طريق الجنة ، إذا ماتوا على كفرهم ؛ كقوله : { وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً * إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ } [ النساء : 168 - 169 ] . قال الشيخ - رحمه الله - : ويحتمل : لا يهديهم في وقت اختيارهم الضلالة . وقيل : بما اختاروا من الضلالة لا يهديهم ، أي : لا يعينهم : { وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } . قال الشيخ - رحمه الله - : ودل قوله : { كَيْفَ يَهْدِي ٱللَّهُ قَوْماً كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ } - أن دين الإسلام هو الإيمان ، وأن الكفر مقابله من الأضداد ، وكيف يهدي قبل كفرهم ؟ ! . وقيل : في وقت اختيارهم . وقيل : ذلك في قوم علم الله أنهم لا يؤمنون ، وكانت همتهم التعنت والمخالفة ، والله أعلم . وقوله : { وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } . الآية ترد على المعتزلة قولهم ؛ لأنهم قالوا : إن الهدى : البيان ، والبيان للكل ، قالوا : بتقدم الفعل ، فلو كان متقدماً لكان في ذلك إعطاء الهدى للظالم ؛ فأخبر - عز وجلّ - أنه لا يهدي الظالم ، وهم يقولون : لا ، بل يهدي الظالم ؛ فذلك خروج عليه ، وأمّا على قولنا : فإن التوفيق والقدرة إنما تكون معه ؛ فكان قولنا موافقاً للآية . قال الشيخ - رحمه الله - في قوله : { وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي } من ذكر - : فلو لم يكن الهدي غير البيان ، فلقد هداهم إذن ؛ على قول المعتزلة ، والله أعلم . وقوله : { أُوْلَـٰئِكَ جَزَآؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ ٱللَّهِ } : [ قيل : { لَعْنَةَ ٱللَّهِ } ] عذاب الله . [ وقيل : ] : لعنة الله : هي الإياس من رحمته وعفوه ، واللعن : هو الطرد في اللغة ، ولعنة الملائكة : ما قيل في آية أخرى قوله : { ٱدْعُواْ رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِّنَ ٱلْعَذَابِ * قَالُوۤاْ أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِٱلْبَيِّنَاتِ قَالُواْ بَلَىٰ قَالُواْ فَٱدْعُواْ } الآية [ غافر : 49 - 50 ] . وقيل : لعنة الملائكة قولهم لهم : { وَنَادَوْاْ يٰمَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَّاكِثُونَ } [ الزخرف : 77 ] إلى آخره . وقيل : يدعون عليهم باللعن . وقيل : لعنة المؤمنين قوله : { وَنَادَىٰ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ ٱلْمَآءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى ٱلْكَافِرِينَ } [ الأعراف : 50 ] فذلك لعنهم عليهم . وقوله : { إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذٰلِكَ وَأَصْلَحُواْ فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ } : ملحق على قوله : { كَيْفَ يَهْدِي ٱللَّهُ قَوْماً كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ } : ذكر الكفر بعد الإيمان ، ثم ذكر التوبة فقال : { إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ … } الآية : أطمع لهم المغفرة والرحمة بالتوبة بعد الكفر بقوله : { فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ } . وما قيل : في القصّة - أيضاً - أن نفراً ارتدُّوا عن [ دين ] الإسلام ، ثم تاب بعضهم ، ولم يتب البعض ؛ فنزل قوله : { إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ } الآية . وفي الآية دلالة قبول توبة المرتدين ؛ لأن قوله : { إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذٰلِكَ } الآية - قيل في القصّة .