Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 93-94)
Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { كُلُّ ٱلطَّعَامِ كَانَ حِـلاًّ لِّبَنِيۤ إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَىٰ نَفْسِهِ } الآية . قال ابن عباس - رضي الله عنه - : " وكان الطعام كله حلالاً ، إلا الميتة والدم ولحم الخنزير . { إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَىٰ نَفْسِهِ } ، يعني : يعقوب ، حرم على نفسه لحم الإبل وألبانها ، وكان من أحب الطعام إليه ، إن ثبت ما ذكر في القصّة : أن يعقوب - عليه السلام - أقبل يريد بيت المقدس ، فلقيه ملك ، فظن يعقوب أنه لص ؛ فعالجه يصارعه حتى أضاء له الفجر ، فلما أضاء لهما الفجر غمز الملك فخذ يعقوب ، فتهيج عليه عرق النسا ؛ فكان يبيت الليل ساهراً من وجعه ، فأقسم : لئن شفاه الله ليحرّمنّ أحبّ الطعام والشراب إليه على نفسه ؛ فشفاه الله من ذلك ؛ فحرم لحم الإبل وألبانها ؛ لأنها من أحب الطعام والشراب إليه . فإن ثبت هذا فهو إنما حرم ذلك على نفسه بالإذن من الله - تعالى - والأمر منه . ثم إن اليهود قالوا : إنما كان تحريم ذلك من الله في التوراة ؛ فأمر الله - تعالى - نبيّه أن قل لهم : { فَأْتُواْ بِٱلتَّوْرَاةِ فَٱتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } : أن ذلك التحريم من الله في التوراة . ويحتمل أن يكون التحريم كان بظلم منهم ؛ كقوله - تعالى - { فَبِظُلْمٍ مِّنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ … } الآية [ النساء : 160 ] ؛ ثم أنكروا تحريم ذلك بظلمهم ، فدعوا بإحضار التوراة ؛ ليظهر كذبهم ، فأبوا ذلك . فلا ندري كيف كانت القصة ؟ ولكن فيه إثباب دلالة رسالة [ رسولنا ] محمد صلى الله عليه وسلم حيث أخبر عمّا أسرّوا ، وأظهر ما كتموا . قال أبو يزيد : إنما قدر أهل الكتاب على تغيير كتابهم ، والزيادة فيه والنقصان ، ولم يكن لأحد تغيير القرآن عن وجهه ، أو زيادةٍ فيه أو نقصان منه ؛ لأن كتبهم تشبه كلام غيره من الحكماء ؛ فغيروا بغيره من كلام الحكماء ، وأمّا القرآن : فهو آية معجزة ، لم يقدروا على تحريفه ولا تبديله ، وإن علم أنه كان كما ذكر ؛ وإلا فهو - والله أعلم - ليهتك عليهم أستارهم ، وليظهر منهم ما كتموا ، وفيه إثبات لرسالة محمد صلى الله عليه وسلم .