Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 30, Ayat: 46-54)

Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وقوله : { وَمِنْ آيَاتِهِ أَن يُرْسِلَ ٱلرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ } . إن في الرياح آيات في نفسها ، وفيها بشارات . أما الآيات : فهي آيات سلطانه وتدبيره من وجوه : أنه أنشأ هذه الرياح في الهواء وفي الأرض وفي الجبال وفي السماء ، تصيب الخلائق وتميتهم وتؤذيهم وتصرعهم وتضرهم ، من غير أن يروها أو يقع عليها البصر ، ومن غير أن يدركوها أو يدركوا كيفيتها ، أو ما يتهيأ ؛ ليعلم أن من الأجسام ما هي غير مدركة ولا أخذ البصر عليها . وترى منها طيبة لينة ، وخبيثة وشديدة كاسرة عاصفة ، يعذب بها قوم ، وينصر بها قوم ؛ على ما ذكر في الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " نُصِرتُ بالصَّبا ، وأُهِلكَ عادٌ بالدَّبور " . ومن بشارتها : ما تلقح الأشجار والنخيل ، وتشق الأرض وينبت النبات منها ، وتجمع السحاب وتأتي بالمطر ، وتجري بهم السفن والفلك في البحار في الماء الراكد والفلك لولا الريح ، فذلك كله من البشارة وأنواع المنافع التي جعل فيها ، يعلم كلٌ بالأعلام والآثار أنها نافعة أو ضارة مهلكة ؛ ثم سماها : مبشرات ؛ ليعلم أن البشارة قد تكون بدون النطق والكلام : من نحو الكتاب والإشارة أو الرسالة ؛ إذ ليس للريح نطق ولا كلام ، ثم سماها : مبشرة ، والله أعلم . وقوله : { وَلِيُذِيقَكُمْ مِّن رَّحْمَتِهِ } . هذا يدل أن هذه البشارة والمنافع التي جعل لهم كان من رحمته وفضلا ، لا استيجابا ولا استحقاقا ، وسمى ذلك كله : رحمة ؛ لأنه برحمته يكون ، والله أعلم . وقوله : { وَلِتَجْرِيَ ٱلْفُلْكُ بِأَمْرِهِ } . قوله : { بِأَمْرِهِ } يحتمل بتدبيره ، أي : بتدبيره تجري السفن في البحار ، على ما ذكرنا . أو أن يريد بأمره : تكوينه ، كقوله : { إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَآ أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } [ النحل : 40 ] ، وكقوله : { إِنَّمَآ أَمْرُهُ إِذَآ أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ } [ يس : 82 ] . وقوله : { وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ } . هذا يدل على أن ما يصل إليهم من المنافع إنما يصل من فضله ورحمته ، لا يصل إليهم بتلك الأسباب والمكاسب ؛ لئلا يروا ذلك من تلك الأسباب ، ولكن يرون ذلك من فضل الله ورحمته . وقوله : { وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } . أي : لكي يلزمهم الشكر لله على ذلك كله ، والله أعلم . وقوله : { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلاً إِلَىٰ قَوْمِهِمْ فَجَآءُوهُم بِٱلْبَيِّنَاتِ فَٱنتَقَمْنَا مِنَ ٱلَّذِينَ أَجْرَمُواْ } . في هذه الآية يصبر رسول الله على أذى الكفرة ؛ حيث قال : { أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلاً إِلَىٰ قَوْمِهِمْ فَجَآءُوهُم بِٱلْبَيِّنَاتِ } . وفيه أيضاً بشارة للمؤمنين ، ونذارة لأولئك الكفرة . أما النذارة لهم فقوله : { فَٱنتَقَمْنَا مِنَ ٱلَّذِينَ أَجْرَمُواْ } ، أخبر أن أولئك لما كذبوا الرسل ، وعاملوهم بما تعاملون أنتم يأهل مكة رسول الله ؛ فانتقمنا منهم جزاء معاملتهم ؛ فعلى ذلك ينتقم منكم كما انتقم من أولئك . وأما البشارة للمؤمنين فقوله : { وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ ٱلْمُؤْمِنينَ } ، أخبر أن عاقبة الأمور تكون للمؤمنين . وفيه أن الرسل الذين كانوا من قبل كانوا من البشر ؛ فكيف تنكرون رسالة محمد إذ كان من البشر . وفيه : [ أنه ] قد أتى قومه بالبينات كما أتى أولئك الرسل قومهم بالبينات . وقوله : { وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ ٱلْمُؤْمِنينَ } . هو يخرج على وجهين : أحدهما : أي : كان حقّاً علينا جعل العاقبة للمؤمنين ، لا أن يكون عليه حقّاً نصر المؤمنين في الدنيا ؛ ولكن جعل العاقبة للمؤمنين حقّاً ؛ كقوله : { وَٱلْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ } [ الأعراف : 128 ] . والثاني : كان حقّاً علينا نصر المؤمنين بالحجج التي أعطاهم ، أي : كان حقا إعطاء الحجج لهم والنصر والمعونة بالحجج ، أي : إعطاء الحجج لهم . وقال بعضهم : نصره إياهم : أنه أنجاهم مع الرسل ، وأهلك أولئك ، والله أعلم . وقوله : { ٱللَّهُ ٱلَّذِي يُرْسِلُ ٱلرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَيَبْسُطُهُ فِي ٱلسَّمَآءِ كَيْفَ يَشَآءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً } . كأنه يخبر عن قدرته وسلطانه ؛ حيث أنشأ الرياح بحيث يجمع السحاب ويفرقه ، ويبسطه ويجعله قطعاً : يمطر في مكان ، ولا يمطر في مكان ، يقول - والله أعلم - : إن من قدر أن يسلط الرياح في جمع السحاب ، وتفريقه - يملك تسليط الرياح على تعذيبكم ، ويقول : إن المعبود المستحق للعبادة هو الذي يرسل الرياح لما ذكر والأمطار ، لا الأصنام التي تعبدون ؛ إذ تعلمون أنها لا تملك شيئاً مما ذكر . أو يذكر نعمه التي عليهم ؛ ليتأدى بها شكرها ، أو يطمعهم إيمان بعض منهم بعدما كانوا آيسين عن إيمانهم ، كما أطمعهم المطر والسعة بعد ما قحطوا وكانوا آيسين عنه ؛ ألا ترى أنه قال : { فَإِذَآ أَصَابَ بِهِ مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِّن قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ } . قال أبو عوسجة : { فَتُثِيرُ سَحَاباً } ، أي : ترفعه . وقال أبو عبيدة : تجمعه ؛ كما يستثير الرجل العلم فيجمعه . وقوله : { وَيَجْعَلُهُ كِسَفاً } . قال بعضهم : قطعاً قطعاً . وقال بعضهم : يضم بعضه إلى بعض ، ويحمل بعضه على بعض . وقوله : { فَتَرَى ٱلْوَدْقَ يَخْرُجُ } . أي : المطر يخرج من خلال السحاب ، أي : من بين السحاب ، ويقرأ { خَللهِ } ، ومعناه : نقبه . وقوله : { لَمُبْلِسِينَ } آيسين ، والإبلاس : الإياس ؛ ولذلك سمى إبليس : إبليس لأنه أُويِسَ من رحمة الله . وقوله : { فَٱنظُرْ إِلَىٰ آثَارِ رَحْمَتِ ٱللَّهِ } . يحتمل أن يكون قوله : { إِلَىٰ آثَارِ رَحْمَتِ ٱللَّهِ } ، أي : المطر ، أراد بالرحمة : المطر ، سمى المطر : رحمة ؛ لأنه يكون برحمته . أو أن يكون الآثار هو المطر نفسه ، جعله من آثار رحمته وأعلامه . ثم الأمر بالنظر والاعتبار بآثار رحمته يحتمل وجوهاً : أحدها : أمرهم بالنظر إلى ذلك ؛ ليعلموا أنه رحيم ؛ كي يرغبوا فيما رغبهم ويرجوا فيما أطمعهم ودعاهم إليه ؛ إذ قد ظهر آثار رحمته ؛ فكل رحيم يرغب فيما رغب وأطمع . أو أن يكون الأمر بالنظر إلى آثار رحمته ؛ إذ ذلك راجع إلى منافع أبدانهم وأنفسهم وما به قوامهم ؛ ليتأدى بذلك شكره ، وفي ذلك يقع الحاجة إلى من يعرفهم تلك النعم ويعرف شكرها ؛ فيكون في ذلك الترغيب في قبول الرسالة وإثباتها . أو أن يكون سمى المطر : رحمة ؛ لما يرجع ذلك إلى منافع أبدانهم وما به قوام أنفسهم ؛ ليعرفوا الرحمة هي راجعة إلى منافع دينهم وآخرتهم ، وهو رسول الله ؛ إذ سماه في غير موضع : رحمة بقوله : { وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } [ الأنبياء : 107 ] . أو أن يأمر بالنظر إلى ذلك المطر ، وأنه كيف يحيي هذه الأرضين الموات ، وينبت فيها من ألوان النبات ؟ ! وهذه الأشجار اليابسة كيف تخضر بعد يبوستها بهذه الأمطار ؟ ! ليعرفوا أن من ملك هذا ، وقدر على ذلك ، وهو خارج عن وسعهم وتقديرهم لقادر على إحياء الموتى وبعثهم بعد الممات ، وإن كان خارجاً عن تقديرهم ووسعهم ، وهو على كل شيء قدير لا يعجزه شيء . قوله : { وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحاً فَرَأَوْهُ مُصْفَرّاً } . يعني به : الزرع والنبات الذي أخرج من الأرض بالمطر . قال بعضهم : رأوه يابساً إذا أصابته الريح الباردة . { لَّظَلُّواْ مِن بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ } . أي : لأقاموا على كفرهم إذا أصابهم ما ذكر ، وهو كقوله : { وَإِذَآ أَذَقْنَا ٱلنَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُواْ بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ } [ الروم : 36 ] ؛ فعلى ذلك قوله : { لَّظَلُّواْ مِن بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ } أي : يقنطون من رحمته ، والله أعلم . وقوله : { فَإِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ ٱلْمَوْتَىٰ وَلاَ تُسْمِعُ ٱلصُّمَّ ٱلدُّعَآءَ إِذَا وَلَّوْاْ مُدْبِرِينَ } . جائز أن يكون { لاَ تُسْمِعُ ٱلْمَوْتَىٰ } ، يريد بالموتى : أنفسهم ، { وَلاَ تُسْمِعُ ٱلصُّمَّ ٱلدُّعَآءَ } الصم : أنفسهم أيضاً ، يقول : لا تسمع الكفار والضلال إذا ولوا مدبرين . أو أن يكون قوله : { لاَ تُسْمِعُ ٱلْمَوْتَىٰ } كناية عن الكفار ، وكذلك الصم والعمي ، وقد سمى الله الكفار : موتى وصما وعميا في غير موضع من القرآن . ثم في قوله : { وَلاَ تُسْمِعُ ٱلصُّمَّ ٱلدُّعَآءَ إِذَا وَلَّوْاْ مُدْبِرِينَ } حكمة ، وهو ألا يقدر أن يسمع الأصم الدعاء إذا ولى مدبرا ، ولكن يقدر أن يفهم الأصم إذا أقبل ، وأما إذا أدبر فلا يقدر أن يسمعه ، وكذلك الحكمة في قوله : { وَمَآ أَنتَ بِهَادِ ٱلْعُمْيِ عَن ضَلاَلَتِهِمْ } . أي : لا تقدر أن تهدي العمي عن ضلالتهم ، وهو الذي يعمى عن ضلالته ويظن أنه على الهدى وغيره على الضلال ، فأما من كان مقرّاً بالضلال فإنك تقدر أن تهديه ، يخبر عن شدة سفههم وتعنتهم وعماهم في ضلالتهم ، والله أعلم . وقوله : { إِن تُسْمِعُ إِلاَّ مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا } . أي : ما تسمع إلا من يؤمن بآياتنا ، هذا يدل على أن قوله : { فَإِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ ٱلْمَوْتَىٰ وَلاَ تُسْمِعُ ٱلصُّمَّ ٱلدُّعَآءَ } ، وقوله : { وَمَآ أَنتَ بِهَادِ ٱلْعُمْيِ عَن ضَلاَلَتِهِمْ } هي المواعظ لا نفس الهدى ؛ حيث قال : { إِن تُسْمِعُ إِلاَّ مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُّسْلِمُونَ } . ثم يحتمل قوله : { إِن تُسْمِعُ إِلاَّ مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا } كقوله : { إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ ٱتَّبَعَ ٱلذِّكْرَ } [ يس : 11 ] ، أي : إنما ينتفع بإنذارك من اتبع الهدى . أو أن الذي يقبل النذارة من اتبع الهدى ، فأما من لم يتبع الهدى فلا ينتفع ؛ فعلى ذلك يحتمل قوله : { إِن تُسْمِعُ إِلاَّ مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا } ، أي : ما ينتفع أو لا يسمع المواعظ إلا من يؤمن بذلك ، والله أعلم . وقوله : { ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً } . هذا يحتمل وجهين : أحدهما : قوله : { خَلَقَكُمْ مِّن ضَعْفٍ } ، أي : من النطفة ، وهو ما قال في آية أخرى : { أَلَمْ نَخْلُقكُّم مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ } [ المرسلات : 20 ] ، أي : ضعيف . ثم قوله : { ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً } ، أي : إنساناً يقوى على أمور وعلى أشياء . { ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً } أي : شيخاً فانياً ؛ كقوله - تعالى - : { وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ ٱلْعُمُرِ لِكَيْ لاَ يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً } [ النحل : 70 ] . وجائز أن يكون قوله : { خَلَقَكُمْ مِّن ضَعْفٍ } ، أي : أطفالا على الخلقة التي أنتم عليها اليوم ، ضعفاء لا تقوون على أشياء وأمور ، ولا يقوى شيء منكم على شيء ، ثم جعلكم من بعد ذلك الضعف أقوياء تقوون على أشياء وأمور ، ثم يجعلكم من بعد تلك القوة والقدرة ضعفاء شيوخاً لا تقدرون على شيء ، على ما يكون ؛ يحتمل هذين الوجهين . ثم فيه وجهان من الدلالة : أحدهما : على البعث ؛ والثاني : على القدرة على إنشاء الخلق والأشياء لا من أصول . أما الدلالة على البعث ؛ لأنهم كانوا ينكرون البعث وإنشاء الشيء لا من أصل ؛ لخروج ذلك عن قواهم وتقديرهم ؛ فيخبر أن النطفة تصير علقة ، وليس فيها من العلقة ولا من آثارها شيء ، وكذلك العلقة تصير مضغة ، وليس فيها من آثار المضغة شيء ؛ وكذلك المضغة تصير إنسانا فيه عظم وجلد وشعر ولحم ، وليس شيء من ذلك فيها ؛ فمن قدر على ما ذكر لقادر على خلق الشيء لا من أصل ، وقادر على البعث ؛ إذ كل ما ذكر أقروا به ، وهو خارج عن قواهم وعن تقديرهم ؛ فلزمهم الإقرار بالبعث والإنشاء لا عن أصل وألا يقدروا قدرتهم وقواهم بقدرة الله وقوته ، على ما شاهدوا أشياء خارجة عن قواهم وعن تقديرهم ، بقوته وقدرته . والثاني : أن ما ذكر من تحويل النطفة إلى العلقة ، والعلقة إلى المضغة ، والمضغة إلى الصورة والإنسان - لم يخلقهم ولم ينقلهم ؛ ليكون كما ذكر بلا عاقبة تكون لهم ولا بعث ؛ فلو لم يكن بعث لكان ما ذكر من تحويل حال إلى حال عبثاً باطلا ، على ما ذكر ، وكذلك فيما أحدث في الأطفال من القوة والقدرة ، بعد ما كانوا ضعفاء لا يقوون ولا يقدرون على شيء أنه إنما أحدث ذلك فيهم ؛ ليمتحنوا ، ويجعل لهم [ ما ] يثابون ويعاقبون ، إذ لو لم يكن بعث ولا عاقبة لكان فعل ذلك عبثاً باطلا . وفيه القدرة على إنشاء الشيء وإحداثه لا من شيء ؛ إذ كان التركيب موجودا على التمام ولا قوة بهم ، ثم حدث القوة ولا أصل لها ولا أثر من آثارها ؛ دل أن تقدير قوى الخلق وقدرتهم ، بقوى الله وقدرته محال ، والله الموفق . وقوله : { يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ وَهُوَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْقَدِيرُ } . بأحوالهم ، والقدير على إنشاء الأشياء لا من أشياء ، وعلى البعث بعد الموت ، والله أعلم .