Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 33, Ayat: 35-35)

Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { إِنَّ ٱلْمُسْلِمِينَ وَٱلْمُسْلِمَاتِ وَٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ … } إلى آخر ما ذكر . إن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وامرأة يقال لها : نسيبة بنت كعب ، أتييا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالتا : يا رسول الله ، ما بال ربنا يذكر الرجال في القرآن بالخير ، ولا يذكر النساء في شيء ؟ فنزل : { إِنَّ ٱلْمُسْلِمِينَ وَٱلْمُسْلِمَاتِ … } . ثم قوله : { إِنَّ ٱلْمُسْلِمِينَ وَٱلْمُسْلِمَاتِ وَٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ } يدل أن الإسلام والإيمان هما في الحقيقة واحد - أعني : في الحقيقة المعنى واحد - وإن كانا مختلفين بجهة ؛ لأنّ الإسلام هو أن يجعل كل شيء لله سالماً خالصاً ، لا يجعل لغيره فيه شركاً ولا حقّاً ، والإيمان هو التصديق لله بشهادة كل شيء له بالوحدانية والربوبية والألوهية ، فمن جعل الأشياء كلها لله ، خالصة سالمة له ، والذي صدق الله بشهادة كلية الأشياء له بالوحدانية والربوبية واحد ؛ لأن المخلص هو الذي يرى كل شيء لله خالصاً ، والموحد هو الذي يرى الوحدانية له والربوبية في كل شيء ؛ فهما في حقيقة المعنى واحد ، والله أعلم . وقوله : { وَٱلْقَانِتِينَ وَٱلْقَانِتَاتِ } القنوت : هو القيام في اللغة ؛ روي " أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن أفضل الصلاة ؟ فقال : " طول القنوت " ، وفي بعضه : " طول القيام " ، فسّر القنوت بالقيام ؛ فثبت أن القنوت هو القيام ، فيكون تأويله - والله أعلم - : القائمين والقائمات بجميع أوامر الله ومناهيه . وكذلك يخرج تأويل أهل التأويل : القائمين : المطيعين والمطيعات لله ؛ لأن كل قائم بأمر آخر فهو مطيع له ، هذا كأنه يقول : يكون في الاعتقاد ، والله أعلم . وقوله : { وَٱلصَّادِقِينَ وَٱلصَّادِقَاتِ … } إلى آخره ؛ يكون في المعاملة في تصديق ما اعتقدوا وقبلوا ، يصدقون ويوفون بالأعمال فيما اعتقدوا وقبلوا . وقوله : { وَٱلصَّابِرِينَ وَٱلصَّابِرَاتِ } الصبر : هو كف النفس وحبسها عن التعاطي في جميع المحرمات المحظورات ، وعلى ذلك يخرج قول أهل التأويل : الصابرين على أمر الله وطاعاته ، وعلى الأذى والمصائب ، يكفون عن جميع ما لا يحل فيه ، ويرون ذلك من تقديره . وقوله : { وَٱلْخَاشِعِينَ وَٱلْخَاشِعَاتِ } قال بعضهم : الخاشع : المتواضع . وأصل الخشوع : هو الخوف اللازم في القلب ؛ وهو قول الحسن : يخافون الله في كل حال ، لا يخافون غيره ، ويرجون الله ، ولا يرجون غيره ؛ هكذا عمل المؤمن : يكون حقيقة خوفه ورجائه منه . وأمّا الكافر فإنه لا يخاف ربه ، ولا يرجو منه ؛ لأنه لا يعرفه ولا يخضع له ، وعلى ذلك المعتزلة إنما خوفهم من أعمالهم السيئة ورجاؤهم منها - أعني : من أعمالهم الحسنة - لا من الله حقيقة ، وكذلك على قولهم : لا يكون لأحد رجاء في شفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما رجاؤه في أعماله ؛ لقولهم : أن ليس لله في أفعال العباد شيء من تدبيره ولا تقديره . وقوله : { وَٱلْمُتَصَدِّقِينَ وَٱلْمُتَصَدِّقَاتِ } أي : المنفقين في طاعة الله { وٱلصَّائِمِينَ وٱلصَّائِمَاتِ } قد ذكر أن هذا راجع إلى حقيقة الفعل في الصيام ، والصدقة ، والصدق في القول والمعاملة ، والخشوع منه . وجائز أن يكون في القبول والاعتقاد ؛ على ما ذكرنا ، والله أعلم . وقوله : { وَٱلْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَٱلْحَافِـظَاتِ } فيما لا يحل ؛ كقوله : { وَٱلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلاَّ عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ } [ المعارج : 29 - 30 ] . وقوله : { وَٱلذَّاكِـرِينَ ٱللَّهَ كَثِيراً وَٱلذَّاكِرَاتِ } قال بعضهم : أي : المصلون لله الصلوات الخمس . وقال بعضهم : الذاكرين الله كثيراً والذاكرات باللسان على كل حال ، لكن غيره كأنه أولى بذلك ؛ أي : الذاكرين حق الله الذي عليهم كثيراً والذاكرات { أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً } .