Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 33, Ayat: 41-44)

Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً } : أما أهل التأويل يقولون : اذكروا الله في كل حال وفي كل وقت ، ذكراً كثيراً باللسان . وجائز أن يكون تأويل أمره بالذكر له كثيراً ، أي : اذكروا نعمه ؛ لتشكروا له ، واذكروا أوامره ؛ لتأتمروا ، ونواهيه ومناهيه ؛ لننتهي ، ومواعيده ؛ لنخاف ، وعداته ؛ لنرغب ، واذكروا عظمته وجلاله وكبرياءه ؛ ليهاب ، { ذِكْراً كَثِيراً } ، أي : دائماً يذكرون ما ذكرنا ؛ ليكون ما ذكرنا ؛ إذ إنما يكون ذلك بالذكر ؛ والله أعلم . وقوله : { وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً } . البكرة : هي ختم الليل وابتداء النهار ، والأصيل : هو ختم النهار وابتداء الليل ؛ فكأنه أمر بالذكر له ، والخير في ابتداء كل ليل وختمه ، وابتداء كل نهار وانقضائه ؛ ليتجاوز عنهم ويعفو ما يكون منهم من الزلات في خلال ذلك ؛ وعلى ذلك ما روي في الخبر : " أن من صلى العشاء الأخيرة والفجر بالجماعة فكأنما أحيا ليلته " . وجائز أن يكون ذلك ليس على إرادة البكرة والأصيل ؛ ولكن على إرادة كل وقت وكل حال ، ليس من وقت ولا من حال إلا ولله على عباده شكر أو صبر : الشكر على نعمائه ، والصبر على مصائبه . وقال بعضهم : الأمر بالذكر له بالبكرة والأصيل هي الصلوات الخمس : من الظهر إلى آخر الليل أصيل ؛ فيدخل فيه صلوات الظهر والعصر والمغرب والعشاء ، وفي البكرة صلاة الفجر . وقوله : { هُوَ ٱلَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلاَئِكَتُهُ } . أما صلاة الله : هي الرحمة والمغفرة ، وصلاة الملائكة : الاستغفار وطلب العصمة والنجاة ؛ كقوله : { وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُواْ رَبَّنَا وَسِعْتَ كُـلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْماً … } الآية [ غافر : 7 ] ، وقوله : { رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ ٱلَّتِي وَعَدْتَّهُمْ … } الآية [ غافر : 8 ] ، وقوله : { وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي ٱلأَرْضِ } [ الشورى : 5 ] جائز أن يكون المؤمنين خاصة . وجائز أن يكون الكل : الكافر أو المؤمن ؛ فإن كان هذا فيكون استغفارهم طلب الأسباب التي بها يستوجبون المغفرة ، وهو الهدى ؛ كقول هود : { وَيٰقَوْمِ ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوۤاْ إِلَيْهِ } [ هود : 52 ] ، وقول : نوح : { ٱسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً } [ نوح : 10 ] لا يحتمل أن يستغفروا وهم كفار ؛ ولكن يطلبون منه التوبة عن الكفر ؛ ليستوجبوا المغفرة ؛ وكذلك استغفار إبراهيم لأبيه لا يحتمل أن يستغفر له وهو كافر ؛ ولكن كان يطلب له من الله أن يجعله بحيث يستوجب المغفرة والرحمة ، وهو الهدى ، والله أعلم . وقوله : { لِيُخْرِجَكُمْ مِّنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ } . قال بعضهم : رحمهم ؛ حيث أخرجهم من أصلاب آبائهم قرنا فقرنا إلى أن بلغوا ما بلغوا . وجائز إخراجه إياهم من ظلمات الكفر إلى نور الهدى بدعاء الملائكة واستغفارهم لهم . { وَكَانَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً } . لم يزل الله بالمؤمنين رحيماً . وقوله : { تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلاَمٌ } . جائز أن يكون تحية الملائكة عليهم : سلام ؛ كقوله : { سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ } [ الرعد : 24 ] . أو تحية بعضهم على بعض : سلام لا غير ، ليس كتحيتهم في الدنيا : أطال الله بقاءك ؛ وكيف حالك ؟ ونحو ما يقولون في الدنيا ، ويسأل بعضهم بعضا عن أحوالهم ، يقول : ليس تحية أهل الجنة ذاك ؛ ولكن : سلام ، كقوله : { لاَ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلاَ تَأْثِيماً * إِلاَّ قِيلاً سَلاَماً سَلاَماً } [ الواقعة : 25 - 26 ] . أو أن يكون قوله : { تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلاَمٌ } ، أي : صوابا وسدادا لا غير ؛ كقوله : { وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُواْ سَلاَماً } [ الفرقان : 63 ] ليس أن يقولوا : سلام عليكم ؛ ولكن يقولون قولا صوابا سدادا ، لا يقابلونهم بمثل ما خاطبوهم ؛ فعلى ذلك جائز أن يكون قولهم : { تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلاَمٌ } ، أي : صواب من الكلام وسداد . { وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً } ، أي : حسناً .