Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 33, Ayat: 56-62)

Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلاَئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِيِّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيماً } . ذكر في بعض الحديث : أنه لما نزلت هذه الآية ، قيل له : يا رسول الله ، هذا لك فما لنا ؟ فنزل قوله : { هُوَ ٱلَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلاَئِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِّنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ … } الآية [ الأحزاب : 43 ] : قد بين ما صلاته وصلاة الملائكة ؟ وهو ما ذكر من إخراجهم من الظلمات إلى النور ، وهو دعاؤهم إلى الهدى والرشد ، وذكر عن كعب بن عجرة قال : " لما نزل { إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلاَئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِيِّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيماً } قمت إليه ، فقلت : يا رسول الله ، السلام قد عرفناه ؛ فكيف الصلاة عليك يا رسول الله ؟ قال : " قل : اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد ، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد ، وبارك على محمد ، وعلى آل محمد ، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم " . ففي الآية الأمر للمؤمنين أن يصلوا على النبي ، ثم لما سئل هو عن كيفية الصلاة عليه وماهيتها ؟ قال لهم : أن تقولوا : " اللهم صل على محمد " ، وهو سؤال أن يتولى الرب الصلاة عليه . وفي ظاهر الآية : هم المأمورون بتولي الصلاة بأنفسهم عليه ، لكنه - صلوات الله [ عليه ] - لما أمروا بالصلاة عليه ، وهي الغاية من الثناء ، لم ير في وسعهم وطاقتهم القيام بغاية ما أمروا به من الثناء عليه - أمرهم أن يكلوا ذلك إلى الله ويفوضوا إليه ، وأن يسألوه ليتولى ذلك هو دونهم ؛ لما [ لم ] ير في وسعهم القيام بغاية الثناء عليه ، وإلا ليس في ظاهر الآية سؤال الرب أن يصلي هو عليه ؛ ولكن فيها الأمر : أن صلوا أنتم عليه ، والله أعلم . وقوله : " كما صليت وباركت على إبراهيم وآله " : تخصيص إبراهيم من بين غيره من الرسل يحتمل ما ذكره أهل التأويل : إنه ليس من أهل دين ومذهب إلا وهو يدعي ويزعم أنه على دينه ومذهبه ، وأنه يتأسّى به ؛ لذلك خصّه بالصلاة عليه من بين غيره من الأنبياء وجائز أن يكون لا لهذا ؛ ولكنه لمعنى كان فيه وفي ذريته ، لا نعرفه نحن ؛ فخصّه بذلك من بين غيره ، والله أعلم . وقوله : " وبارك على محمد " البركة كأنها اسم كل خير يكون أبداً على النماء والزيادة في كل وقت ، وقد ذكرنا فيما تقدم ما قيل في صلاة الله عليهم وصلاة الملائكة وصلاة المؤمنين . وقوله : { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ } : اختلف فيه : قال بعضهم : نزلت الآية في اليهود ؛ حين قالوا : { يَدُ ٱللَّهِ مَغْلُولَةٌ } [ المائدة : 64 ] ، وهو { فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَآءُ } [ آل عمران : 181 ] ، وفي النصارى ؛ حين قالوا : { ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ ٱللَّهِ } [ التوبة : 30 ] ، وإنه { ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ } [ المائدة : 73 ] ؛ وفي مشركي العرب ، حين قالوا : الملائكة بنات الله ، والأصنام آلهة ، ونحو ذلك ، وأذاهم رسول الله حين شجُّوه وكسروا رباعيته ، وقالوا : إنه مجنون ، أو ساحر ، وأمثال ذلك ؛ فأنزل الله : { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ } ، يقول : عذبهم الله { فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ } : فأما تعذيبه إياهم في الدنيا : قتلهم بالسيف يوم بدر - يعني : مشركي العرب - وأهل الكتاب : بالجزية إلى يوم القيامة . وفي الآخرة : النار . وقال بعضهم قريباً من ذلك : { ٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } هم أصحاب التصاوير والتماثيل ؛ فلهم ما ذكر . وقوله : { وَٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا ٱكْتَسَبُواْ } . أي : يقعون فيهم . وقال بعضهم : { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ } هم الذين قذفوا عائشة بصفوان ؛ آذوا رسول الله في زوجته عائشة حين قذفوها ، وهي بريئة مما قذفوا . وقوله : { ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ } : صفوان وعائشة . وقال بعضهم : نزلت في علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - فعلى هذا : عذابهم في الدنيا الجلد ، وفي الآخرة : النار . وجائز أن يكون هذا الوعيد في قاذف كل مؤمن ومؤمنة بغير ما اكتسب به ، والله أعلم . وقوله : { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ } إضافة الأذى إلى الله ؛ على إرادة رسوله خاصة ؛ لأن الله لا يجوز أن يقال : إنه يتأذى بشيء ، أو يؤذيه شيء ؛ لأن الأذى ضرر يلحق ، والله يتعالى عن أن يلحقه ضرر أو نفع ؛ بل هو القاهر الغالب القادر الغني بذاته ، ويكون المراد بإضافة الأذى إليه : رسوله خاصة ، على ما ذكرنا في قوله : { يُخَادِعُونَ ٱللَّهَ } [ البقرة : 9 ] ؛ أي : يخادعون رسوله ، أو يخادعون أولياءه ؛ لأن الله - تعالى - لا يخادع ، وكقوله : { إِن تَنصُرُواْ ٱللَّهَ يَنصُرْكُمْ } [ محمد : 7 ] ، أي : إن تنصروا دين الله ينصركم ، أو إن تنصروا رسوله وأولياءه ينصركم ، وأمثال ذلك كثير في القرآن ؛ نسب ذلك إلى نفسه على إرادة أوليائه ، فعلى ذلك هذا ، والله أعلم ، وبالله العصمة والتوفيق . إلا أن يريد بالأذى - أعني : ما ذكر من أذى الله - : المعصية ؛ فهو جائز ، وكذلك ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من آذاني فقد آذى الله " ، أي : من عصاني فقد عصى الله . وفي الآية بيان وقوع المراد على الاختلاف والتفاوت من لفظ واحد ؛ لأنه ذكر - هاهنا - أذى رسول الله ، وعقب الوعيد الشديد من اللعن والعذاب في الدنيا والآخرة ، وذكر في الآية التي قبلها ، حيث قال : { إِنَّ ذَٰلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي ٱلنَّبِيَّ } [ الأحزاب : 53 ] ، و { وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تؤْذُواْ رَسُولَ ٱللَّهِ } [ الأحزاب : 53 ] ، وما ذكر من الأذى ، ثم لا شك أن المفهوم من هذا الأذى المذكور في هذه الآية - غير المفهوم من الأذى المذكور في قوله : { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ } ، وأن أحدهما من المؤمنين ، والآخر من الكفار ، وإن كان ظاهر اللفظ في المخرج واحدا ، وكذلك المفهوم من الظلم الذي ذكر في قوله : { وَمَن يَظْلِم مِّنكُمْ نُذِقْهُ عَذَاباً كَبِيراً } [ الفرقان : 19 ] غير المفهوم من الظلم الذي قال آدم : { رَبَّنَا ظَلَمْنَآ أَنفُسَنَا } [ الأعراف : 23 ] ، والمفهوم من الضلال الذي قال موسى : { فَعَلْتُهَآ إِذاً وَأَنَاْ مِنَ ٱلضَّالِّينَ } [ الشعراء : 20 ] غير المفهوم من ضلال فرعون وسائر الكفرة ، وكذلك الفسق ، ومثل هذا كثير ، لا يجب أن نفهم من أمثال هذا شيئاً واحداً أو معنى واحدا ، وإن كان اللفظ لفظا واحداً ؛ ولكن على اختلاف الموقع . وفي الآية دلالة عصمة رسول الله ، وألا يكون منه ما يستحق الأذى بحال ، وقد يكون من المؤمنين والمؤمنات ما يستوجبون الأذى ويستحقونه ؛ حيث ذكر الأذى لرسول الله مطلقاً مرسلا غير مقيد بشيء ؛ حيث قال : { إِنَّ ٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ } ، وذكر أذى المؤمنين مقيداً بشرط الكسب ؛ حيث قال : { وَٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا ٱكْتَسَبُواْ } ؛ فدل شرط الكسب على أنهم قد يكتسبون ما يستحقون الأذى ، ويكون منهم ما يستوجبون ذلك ، وأما الرسول فلا يكون منه ما يستحق ذلك أو يوجب له ، ولا قوة إلا بالله . واللعن : هو الطرد في اللعنة ، طردهم عن رحمته ، وبعدهم عنها ، والبهتان : قيل : هو أن يقال [ فيه ] ما ليس فيه ؛ فبهت : قيل : تحير وانقطع حجاجه . وقال بعضهم : { وَٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا ٱكْتَسَبُواْ } أنزل في قوم همتهم الزنا بالإماء ، وكانت الحرائر يومئذ يخرجن بالليل على زي الإماء فيتابعونهن ، ويطلبون [ ما يطلبون ] من الإماء ؛ فكان ذلك يؤذيهم ويتأذين بذلك جدّاً ؛ فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك ؛ فنزل { وَٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا ٱكْتَسَبُواْ } ، ثم أمرن عند ذلك بإدناء الجلباب وإرخائه عليهن ؛ ليعرفن أنهن حرائر ، ونهين أن يتشبهن بالإماء ؛ لئلا يؤذين ، وهو قوله : { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ ٱلْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ } . وقال بعضهم : نزل هذا بالمدينة في نساء المهاجرين ؛ وذلك أن المهاجرين قدموا إلى المدينة ، وهي مضيقة ، ومعهم نساؤهم ؛ فنزلوا مع الأنصار في ديارهم ؛ فضاق الدور عليهم ، فكانت النساء يخرجن بالليل إلى البراز ، فيقضين حوائجهن هنالك ، فكان المريب يرصد النساء بالليل ، فيأتيها فيعرض عليها ، وإنما كانوا يطلبون الولائد والإماء ، فلم تعرف الأمة من الحرة بالليل ؛ لأن زيهن كان واحداً يومئذ ؛ فذكر نساء المؤمنين ذلك إلى أزواجهن ما يلقين بالليل من أهل الريبة والفجور ؛ فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فنزل فيهم : { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ ٱلْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ … } إلى آخر ما ذكر : أمر الحرائر بإرخاء الجلباب وإسداله عليهن ؛ ليكون علما بين الحرائر والإماء . وروى عن عمر - رضي الله عنه - أن جارية مرت به متقنعة ؛ فضربها بالدرة ، وقال : " اكشفي قناعك ، ولا تتشبهي بالحرائر " ، وأمر الإماء بكشف ما ذكر ، والحرائر بستر ذلك . وقد أمر الحرائر في سورة النور بضرب الخمر على الجيوب بقوله : { وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ } [ النور : 31 ] ؛ لئلا يظهر الزينة التي على الجيوب ، ونهين أن يظهرن ويبدين زينتهن للأجنبيين إلا ما ظهر منها ، وأمرن في هذه الآية على إرخاء الجلباب وإسداله عليهن ؛ ليعرفن أنهن حرائر ؛ فلا يؤذين بما ذكرنا . ثم اختلف في الجلباب : قال بعضهم : هو الرداء ، والجلابيب : الأردية ، وهو قول القتبي : أمرن أن يلبسن الأردية والملاء . وقال أبو عوسجة : الجلابيب : المقانع ، الواحد : جلباب ، يقال : تجلببي ، أي تقنعي ، وهو الذي يكون فوق الخمار . وفي الآية دلالة رخصة خروج الحرائر للحوائج ؛ لأنه لو لم يجز لهن الخروج لم يؤمرن بإرخاء الجلباب على أنفسهن ؛ ولكن ينهاهن عن الخروج ؛ فدل أنه يجوز لهن الخروج للحاجة ، والله أعلم . وقوله : { لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ ٱلْمُنَافِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ } . جائز أن يكون قوله : { لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ ٱلْمُنَافِقُونَ } عما سبق ذكره من التعرض للنساء بالزنا والفجور بهنّ ؛ وإنهم هم الفاعلون لذلك بهنّ . وأما المسلمون فلا يحتمل أن يتعرضوا لشيء من ذلك [ في ذلك ] الوقت ؛ فقال : { لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ ٱلْمُنَافِقُونَ } ومن ذكر ، عن ذلك يفعل بهم ما ذكر . وقال بعضهم : إن أهل النفاق كانوا يرجفون أخبار العدو ويذيعونها ، ويقولون : قد أتاكم عدد وعدة من العدو ؛ كقوله : { ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَٱخْشَوْهُمْ } [ آل عمران : 173 ] : كانوا يجبنونهم ويضعفونهم ؛ لئلا يغتروا أولئك الكفرة ؛ يسرون النفاق والخلاف لهم ، ويظهرون الوفاق ويسرون فيما بينهم ، ويتناجون بالإثم والعدوان ومعصية الرسول ؛ فنهوا عن ذلك ؛ حيث قال : { فَلاَ تَتَنَاجَوْاْ بِٱلإِثْمِ وَٱلْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ ٱلرَّسُولِ } [ المجادلة : 9 ] ؛ فنهوا عن ذلك ؛ فقال هاهنا : { لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ ٱلْمُنَافِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ } عن صنيعهم ذلك ، { لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لاَ يُجَاوِرُونَكَ فِيهَآ إِلاَّ قَلِيلاً } . قال بعضهم : { لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ } ، أي : لنسلطنك عليهم . وقال بعضهم : لنحملنك عليهم . وقال بعضهم : لنولعنك بهم . وكأن الإغراء هو التخلية بينه وبينهم ؛ حتى يقابلهم بالسيف ويقتلهم ، وكان قبل ذلك يقابلهم باللسان ، لم يأمره بالمقابلة بالسيف إلى هذا الوقت ، وأخبر أنهم { مَّلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوۤاْ } . أي : مطرودون أينما وجدوا ؛ لأن اللعن هو الطرد ، وأنهم يقتلون تقتيلا ، وأنهم لا يجاورونك إلا قليلا فيما لا تعلم بهم . وقوله : { وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ } قال بعضهم : هم الزناة ، و { ٱلْمُنَافِقُونَ } ، هم المنافقون ، { وَٱلْمُرْجِفُونَ } : ليسوا بمنافقين ؛ ولكنهم قوم كانوا يحبون أن يفشوا الأخبار ، ويقال : الإرجاف : هو تشييع الخبر . وجائز أن يكون المنافق هو الذي كان مع الكفرة في السر حقيقة ، والذي في قبله مرض : هو الذي في قلبه ريب واضطراب ، لم يكن مع الكفرة لا سرّاً ولا ظاهراً ، والذي بين الكافر والمنافق . وقوله : { سُنَّةَ ٱللَّهِ فِي ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلُ } . قال بعضهم : سنة الله في الأمم السالفة والإهلاك من الكفار . وجائز أن يكون قوله : { سُنَّةَ ٱللَّهِ } في أهل النفاق من الأمم السالفة - ما ذكر في هؤلاء . وقال مقاتل : { فِي ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلُ } : أهل بدر حين أسروا وقتلوا ، والله أعلم .