Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 33, Ayat: 63-68)

Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { يَسْأَلُكَ ٱلنَّاسُ عَنِ ٱلسَّاعَةِ } : جائز أن يكون السؤال عنها ما ذكر في آية أخرى حيث قال : { يَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلسَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَٰهَ } [ الأعراف : 187 ] وعن قيامها فقال : { قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ ٱللَّهِ } . ففيه دلالة إثبات رسالة رسوله صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه حين سئل عنها ، فوض أمرها وعلمها إلى الله ، على ما أمر به ، ولو كان غير رسول الله - لكان يجيبهم - علم أو لم يعلم - على ما يفعله طلاب الرياسة ، بل قال : { عِلْمُهَا عِندَ ٱللَّهِ } ؛ دل أنه رسول الله ، فبلغ إليهم ما أمر بالتبليغ إليهم . وقوله : { وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً } . هذا يخرج على الوعيد والتحذير ، وهو يخرج على وجهين : أحدهما : كأنه يقول : اعلم أن الساعة تكون قريباً ؛ على الإيجاب ؛ لأن { لَعَلَّ } من الله واجب ؛ فهو وكل ما هو آتٍ فهو كالكائن . والثاني : على الترجي ، أي : اعملوا على رجاء أنه قريب ، والله أعلم . وقوله : { إِنَّ ٱللَّهَ لَعَنَ ٱلْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً } . لعنهم ، أي : طردهم عن رحمته ؛ لما علم أنهم يختارون الكفر على الإيمان ويختمون عليه . { وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً * خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً } . قوله : { خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً } ينقض على الجهمية قولهم ، وعلى أبي الهذيل العلاف . أما على الجهمية ؛ لأنهم يزعمون أن الجنة والنار تفنيان ولهما النهاية ، وقالوا : لأنا لو لم نجعل لهما النهاية والغاية ، لخرجتا عن علم الله ؛ لأن الشيء الغير المتناهي خارج عن علمه ؛ لكن هذا بعيد ، جهل منهم بربهم ؛ لأن علمه بالشيء الغير المتناهي : أنه غير متناه ، وعلمه بالمتناهي : أنه متناه ، ولا يجوز أن يخرج شيء عن علمه متناهياً كان أو غير متناه ، وبالله العصمة . وأمّا العلاف ؛ فلأنه يقول : إن أهل الجنة وأهل النار يصيرون بحال في وقت ما حتى إذا أراد الله أن يزيد لأحد منهم لذة أو نعمة أو عذابا - لم يملك عليه ، أو كلام نحو هذا ؛ فنعوذ بالله من السرف في القول على الله . وقوله : { لاَّ يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً } . مما طمعوا في الدنيا ورجوا من كثرة الأسباب والحواشي ، أو عبادة الأصنام وغيرها أن ينفعهم ذلك وينصرهم في الآخرة ؛ بل ضل عنهم ذلك وحرموا ؛ على ما أخبر : { وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } [ الأعراف : 53 ] ، والله أعلم . وقوله : { يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي ٱلنَّارِ } . وقال في آية أخرى : { ٱلَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ } [ الفرقان : 34 ] ، وأصله ما ذكر في قوله : { أَفَمَن يَمْشِي مُكِبّاً عَلَىٰ وَجْهِهِ أَهْدَىٰ أَمَّن يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } [ الملك : 22 ] : يفعل بهم في الآخرة على ما كانوا في الدنيا . وقوله : { يَقُولُونَ يٰلَيْتَنَآ أَطَعْنَا ٱللَّهَ وَأَطَعْنَا ٱلرَّسُولاَ } . لا يزال الكفرة قائلين لهذا القول مترددين له في الآخرة ؛ لما رأوا من العذاب حين حل بهم { يٰلَيْتَنَآ أَطَعْنَا ٱللَّهَ وَأَطَعْنَا ٱلرَّسُولاَ } : الرسول المطلق : رسول الله والسبيل المطلق : هو دين الله ، هو المعروف في القرآن . وقوله : { وَقَالُواْ رَبَّنَآ إِنَّآ أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَآءَنَا فَأَضَلُّونَا ٱلسَّبِيلاْ } . قال بعضهم السادة : الملوك ، والكبراء : العلماء . وجائز أن يكون السادة : القادة ، والكبراء : دونهم . و { ٱلرَّسُولاَ } و { ٱلسَّبِيلاْ } : أثبتوا الألف فيه عند الوقف ، وأما عند الوصل فلا ؛ وذلك أن من عادة العرب ألا تقف على الحركة ؛ ولكن تزيد لها ألفاً إذا كانت فتحة ، وإذا كانت كسرة : ياء . وقوله : { رَبَّنَآ آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ ٱلْعَذَابِ } . ظنوا أن يكون لهم بعض التسلي والتفرج ؛ إذا رأوا أولئك الذين أضلوهم في زيادة من العذاب ، على ما يكون للرجل بعض التسلي إذا رأى عدوه في بلاء وشدة ، فلما لم يكن لهم من ذلك تسلٍّ ، بل كان لهم من ذلك زيادة عذاب وشدة ؛ فقالوا عند ذلك : { يٰلَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ ٱلْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ ٱلْقَرِينُ … } الآية [ الزخرف : 38 ] . وقوله : { وَٱلْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً } . جائز أن يكون هذا ، أي : عذبهم عذاباً كبيرا طويلا .