Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 33, Ayat: 7-8)
Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ ٱلنَّبِيِّيْنَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَى ٱبْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِّيثَاقاً غَلِيظاً } . قال بعضهم : خصّ هؤلاء ؛ لأن أهل الشرع من الرسل هم هؤلاء ؛ كقوله : { شَرَعَ لَكُم مِّنَ ٱلدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحاً … } الآية [ الشورى : 13 ] ، لكنه قد ذكر في آية أخرى ما يدل أن غير هؤلاء كان لهم أيضاً شرع ؛ كقوله : { إِنَّآ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ كَمَآ أَوْحَيْنَآ إِلَىٰ نُوحٍ وَٱلنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ … } الآية [ النساء : 163 ] . وجائز أن يكون تخصيص هؤلاء بأخذ الميثاق ؛ لأنهم هم أولو العزم من الرسل ؛ حيث قال : { فَٱصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُواْ ٱلْعَزْمِ مِنَ ٱلرُّسُلِ } [ الأحقاف : 35 ] أو يكون لا على تخصيص لمن ذكر ؛ ولكن على إرادة الكل ، والله أعلم . ثم اختلف في أخذ الميثاق : قال بعضهم : أخذ ميثاقهم على أن يبشر بعضهم ببعض : يبشر نوح بإبراهيم ، وإبراهيم بموسى ، وموسى بعيسى ، وعيسى بمحمد ، عليهم الصلاة والسلام . وقال بعضهم : أخذ ميثاقهم ؛ ليصدّق بعضهم بعضا ، وأن يدعوا إلى عبادة الله ، وأن ينصحوا لقومهم . وجائز أن يكون ما ذكر من أخذ الميثاق منهم لما ذكر على أثره : { لِّيَسْأَلَ ٱلصَّادِقِينَ عَن صِدْقِهِمْ } : أخذ منهم الميثاق في تبليغ الرسالة إلى قومهم ؛ ليسألهم عن صدقهم أنهم قد بلغوا . { وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِّيثَاقاً غَلِيظاً } . لأن تبليغ الرسالة إلى الفراعنة منهم وأعداء الله صعب شديد ، مخاطرة ، فيه هلاك النفس وفوات الروح ، وهو ما قال : { يَـٰأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ … } الآية [ المائدة : 67 ] . وقوله : { لِّيَسْأَلَ ٱلصَّادِقِينَ عَن صِدْقِهِمْ } . الصدق أكثره إنما ينفع في الإنباء والإخبار ، كقوله : { وَٱلَّذِي جَآءَ بِٱلصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ } [ الزمر : 33 ] : وهو ما أخبرهم وأنبأهم من القرآن وغيره . وقال في آية أخرى : { وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً } [ الأنعام : 115 ] صدقاً في نبئه ، وعدلا في حكمه ، ثم صدقه في النبأ ، وعدله في الحكم ، سميّ القرآن : مرة صدقاً ، ومرة عدلا ، ومرة حقّاً ، فالحق يجمع الأمرين : النبأ والحكم جميعاً ، والصدق يكون في النبأ خاصة ، والحكم في العدل . ثم يحتمل سؤاله الصادقين ، وهم الرسل ، عن صدقهم وجهين : أحدهما : يسألهم عن تبليغ ما أمرهم بالتبليغ إلى قومهم ، وعن إنباء ما ولاهم الإنباء أن نبئوا أولئك : هل بلغتم وهل أنبأتم أولئك ؟ والثاني : يسألهم عن إجابة أولئك لهم : هل أجابوكم إلى ما دعوتم ؟ لأن منهم من أجابهم وصدقهم ، ومنهم من لم يجب ولم يصدّق ؛ فيخرج السؤال عمن أجاب على التقرير ، ومن لم يجب على التنبيه والتوبيخ ، وهو يسأل الفريقين جميعاً : الرسل عن التبليغ ، والمرسل إليهم : عن الإجابة ؛ كقوله : { فَلَنَسْأَلَنَّ ٱلَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ ٱلْمُرْسَلِينَ } [ الأعراف : 6 ] والله أعلم .