Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 37, Ayat: 167-178)
Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ثم قوله : { لَكُنَّا عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ } بنصب اللام على ظاهر ما قالوا ، يخبر أن يكون من المخلصين بكسر اللام ، أي : لو كان كذا ، فنحن نخلص له التوحيد والعبادة ، لكن المخلص أن يخلصنا الله لو كان كذا ، والله أعلم . ثم أخبر أنهم كفروا ما آتاهم البيان وأن أولئك المتقدمين إنما أهلكوا لما ذكر محمد - عليه الصلاة والسلام - لكنهم عاندوه وكابروه وكفروا به . وقوله - عز وجل - : { فَكَفَرُواْ بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } . علم عيان ومشاهدة ؛ إذ عرفوا علم خبر بالحجة والآيات ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا ٱلْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ ٱلْمَنصُورُونَ * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ ٱلْغَالِبُونَ * فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّىٰ حِينٍ } ، اختلف فيه : قال بعضهم : إن الرسل - عليهم السلام - كانوا منصورين لم يغلب رسول قط فإنما قتل : الأنبياء ورسل المرسلين الذين يبلغون رسالة الرسل إلى قومهم ويخبرون عنهم ، فأما الرسل أنفسهم فهم لم يقتلوا ولا قتل أحد منهم ؛ عصمهم الله تعالى عن الناس وعما هموا بهم . وقال بعضهم : إنهم منصورون لما نصر العاقبة لهم ؛ إذ لم يكن رسول إلا وقد كانت العاقبة له وإن غلب في الابتداء . وقال بعضهم : { إِنَّهُمْ لَهُمُ ٱلْمَنصُورُونَ } بالحجج والآيات والبراهين أنهم يغلبون بحججهم وآياتهم ويرفعون بها الشبه والتمويهات ، والله أعلم . ويستدل صاحب التأويل الأول بقوله - عز وجل - : { وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ } [ آل عمران : 146 ] ، وفي بعض القراءات : { قُتِلَ معه ربيون كثير } { فَمَا وَهَنُواْ لِمَآ أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا ٱسْتَكَانُواْ } [ آل عمران : 146 ] أخبر أنهم وإن قتلوا فإنهم لم يهنوا ولم يضعفوا ، ثم قال - عز وجل - : { وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا ٱغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِيۤ أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وٱنْصُرْنَا عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْكَافِرِينَ } [ آل عمران : 147 ] ، ثم أخبر أنه آتاهم الله ذلك حيث قال : { فَآتَاهُمُ … } [ آل عمران : 148 ] كذا ، والله أعلم ؛ دل [ أنه ] وإن غلبوا وقتلوا فهم المنصورون . ثم قوله : { إِنَّهُمْ لَهُمُ ٱلْمَنصُورُونَ } ذكر { إِنَّهُمْ لَهُمُ } بحرفين ومعناهما واحد على التأكيد ؛ كقوله - عز وجل - : { وَإِنَّا لَنَحْنُ ٱلصَّآفُّونَ } [ الصافات : 165 ] ، وقوله : { إِنَّنِيۤ أَنَا ٱللَّهُ } [ طه : 14 ] ، وإن كان الواحد [ كافياً ] كما في قوله - عز وجل - : { وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ ٱلْغَالِبُونَ } [ الصافات : 173 ] أي : رسلنا أو أتباعنا وأولياؤنا هم الغالبون على ما ذكرنا ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّىٰ حِينٍ } . يحتمل أي : لا تكافئهم بأذاهم إياك إلى حين أو لا تقاتلهم ، فكيفما كان ففيه وجهان من الدليل : أحدهما : دليل على رسالته حيث أخبر أنهم يكونون على الكفر إلى الحين الذي ذكر ويهلكون على ذلك حيث قال : { فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّىٰ حِينٍ } . والثاني : فيه دليل حفظه إياه وعصمته عما كانوا يهمون به من القتل والإهلاك ؛ حيث منعه من مقاتلتهم ونهاه عن التعرض لهم إلى وقت ، على المعلوم ما كان منهم من الهم بقتله وإهلاكه لو وجدوا السبيل إليه ؛ فدل أن الله - عز وجل - قد عصمه وحفظه عنهم حين قال لهم ما قال حيث قال - عز وجل - : { وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ } ؛ كقوله : { فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ } [ هود : 55 ] .