Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 38, Ayat: 17-26)

Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ويكون قوله - عز وجل - : { ٱصْبِر عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ } على ما تقدم من قولهم : إنه ساحر [ و ] إنه كذاب ، وإنه اختلق هذا القرآن من ذات نفسه ونحوه ، ويؤيد ذلك قول سعيد بن جبير قال : ذكرت لهم الجنة فاشتهوا ما فيها ، فقالوا : { رَبَّنَا عَجِّل لَّنَا قِطَّنَا } أي : نصيبنا من الجنة . وقوله - عز وجل - : { وَٱذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ } . يحتمل قوله - عز وجل - لرسوله صلى الله عليه وسلم : { وَٱذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ } وجوهاً : أحدها : أن اذكر نبأ داود ، ونبأ من ذكر في هذه السورة من قوله : { وَٱذْكُرْ عَبْدَنَآ أَيُّوبَ } { وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ } ، ومن ذكرهم - عليهم السلام - وعلى محمد في هذه السورة ، أي : اذكر نبأهم الذي لم يكن لتعرفه أنت ولا قومك من قبل هذا ، لعلهم يصدقونك ويؤمنون بك ؛ كقوله - عز وجل - : { تِلْكَ مِنْ أَنْبَآءِ ٱلْغَيْبِ نُوحِيهَآ إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَآ أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هَـٰذَا فَٱصْبِرْ إِنَّ ٱلْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ } [ هود : 49 ] . والثاني : قوله - عز جل - : { وَٱذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ } ، أي : اذكر صبر هؤلاء على أذى قومهم وتكذيبهم إياهم ؛ لتصبر على أذى قومك وتكذيبهم إياك كما صبر أولئك ؛ كقوله - عز وجل - : { فَٱصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُوْلُواْ ٱلْعَزْمِ مِنَ ٱلرُّسُلِ } [ الأحقاف : 35 ] . والثالث : اذكر داود ومن ذكر من الأنبياء ، أي : اذكر لهم المصدقين وما يكون لهم من الكرامات والثواب ، كما ذكرت لهم المكذبين وما نزل بهم من العذاب ، لعلهم يرجعون ويصدقونك ؛ ليعلموا من هلك منهم بم هلك ؟ أو ليعلموا أن في أوائلهم المصدقين له والمؤمنين ، فكيف اتبعتم المكذبين منهم دون المصدقين ؟ ! والله أعلم . ويحتمل قوله - عز وجل - : { وَٱذْكُرْ عَبْدَنَا } ، أي : اذكر جهد داود وجهد من ذكر من هؤلاء في العبادة والدين وأمثال ذلك يحتمل ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { ذَا ٱلأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ } . قال عامة أهل التأويل : { ذَا ٱلأَيْدِ } ، أي : القوة على العبادة . وجائز أن يكون قوله - عز وجل - : { ذَا ٱلأَيْدِ } في أمر الله ، [ أو ] في أمر الدين ؛ لأنه ألين له الحديد حتى كان يتخذ منه الدروع وغيرها من الأسلحة ، وسخر له الطير والجبال حتى كان يسبح معهم بالعشي والإشراق ، وحتى كان يستعمل ما اتخذ الحديد فيمن شاء من أمر الدين من المحاربة مع الأعداء والدرء عن أهل الإسلام والدفع عنهم ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { إِنَّهُ أَوَّابٌ } . قال بعضهم : { أَوَّابٌ } مطيع لله ، مقبل على طاعته . وقال بعضهم : { أَوَّابٌ } ، أي : مسبح لله ، ذكر أنه كان كثير التسبيح ؛ وكذلك قال - عز وجل - { يٰجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ } [ سبأ : 10 ] ، أي : سبحي معه ، هذا محتمل . وجائز أن يكون قوله - عز وجل - : { أَوَّابٌ } ، أي : رَجَّاع إلى الله ، يرجع إليه في كل أمر وإليه يفزع في كل نائبة وحادثة . وقال بعضهم : { ذَا ٱلأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ } ، أي : ذا الإحسان والعمل الصالح { أَوَّابٌ } ، أي : تواب . وقتادة يقول : ذا القوة في العبادة ، وذا الفقه في الإسلام ، وذا البصر في الدين . وقال أبو عوسجة : { قِطَّنَا } ، أي : كتابنا ، يقال : قططت - أي : كتبت - أقط قطا ، فأنا قاط ، والكتاب مقطوط ، والقط - أيضاً - : القطع ، يقال : قططت أظفاري ، والقط : الدهر ، ويقال : قطي : أي : حسبي ، وقطك أي : [ حسبك ] . قال القتبي : القط : الصحيفة المكتوبة ، وهي الصك . وقوله - عز وجل - : { إِنَّا سَخَّرْنَا ٱلجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِٱلْعَشِيِّ وَٱلإِشْرَاقِ } . هو على التقديم والتـأخير كأنه قال - عز وجل - : { إنا سخرنا الجبال يسبحن } ، أخبر أنه سخر الجبال والطير وما ذكر لداود كي يطعنه ويسبحن معه ، وفيه لطف من الله - عز وجل - : في هذه الأشياء والخصوصية لداود في ذلك ؛ حيث صير الجبال والطير بحيث يقفن وقت تسبيح داود معه على ما أخبر عز وجل . وفيه أن الله - عز وجل - حيث صير الجبال مع شدتها وصلابتها بحيث تعرف وقت تسبيح داود ، وتعرف تسبيحه وتسمعه وتلين له ، فجائز أن يجعل قلب الكافر بحيث يلين ويخضع لله بلطفه ؛ إذ قلبه ليس أشد قسوة وصلابة من الجبال ، فإذا جعل لطفه فيها لانت وخضعت ؛ فعلى ذلك إذا جعل ذلك اللطف في قلب الكافر لا يحتمل ألا بلين ولا يخضع ؛ إذ هو ليس بأصلب وأشد من الجبال التي ذكرنا ، والله أعلم . وأما الخصوصية له : فإن الله - عز وجل - جعل بكل من الرسل خصوصية في شيء ، لم يجعل مثل تلك الخصوصية لآخر في ذلك الشيء بعينه بلطفه ، وخصوصية داود : ما ذكر من تسخير ما ذكر له من الجبال والطير والتسبيح معه ، وما ذكر من إلانة الحديد له وغير ذلك من الأشياء ، وخصوصية سليمان ما ذكر من تسخير الرياح له وحملها إياه حيث شاء إلى ما شاء مسيرة شهر بغدوة ومسيرة شهر بعشية ، حيث قال - عز وجل - : { وَلِسُلَيْمَانَ ٱلرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ } [ سبأ : 12 ] ، وما ذكر من فهم نطق الطير والنطق معه وفهمه تسبيحا ونحو ذلك كثير ، ومثل هذا ما قد جعل لرسول الله صلى الله عليه وسلم حيث ذكر أنه أخذ أحجارا فسبحن في يده حتى سمع ذلك من حضره ، وما ذكر أن أصابعه يسبحن ونحوه كثير ، فلكل منهم خصوصية في شيء ليست تلك لغيره ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { وَٱلطَّيْرَ مَحْشُورَةً } . أي : مجموعة مسخرة ، أي : سخرت له الطير أيضاً . وقوله - عز وجل - : { كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ } . قال بعضهم : كل له مطيع . وقال بعضهم : كل له مسبح ، فإن كان قوله - عز وجل - : { كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ } ، أي : مطيع ، فهو يحتمل مطيع لداود ، وإن كان الأواب هو المسبح ، فهو لا يحتمل لداود ، لكن لله تبارك وتعالى ، والله أعلم . ثم قوله - عز وجل - : { يُسَبِّحْنَ بِٱلْعَشِيِّ وَٱلإِشْرَاقِ } جائز أن يكون لا على إرادة حقيقة العشي والإشراق ، ولكن على إرادة التسبيح معه في كل وقت ؛ فيكون العشي كناية عن الليل والإشراق كناية عن النهار ، يخبر أنهن يسبحن في كل وقت من الليل والنهار ، والله أعلم . ويحتمل أن يكون يسبحن في العشيات والغدوات خاصة ؛ كقوله - عز وجل - لرسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال : { وَٱصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِٱلْغَدَاةِ وَٱلْعَشِيِّ } [ الكهف : 28 ] ، والله أعلم . ثم جائز أن يكون ما ذكر من تسبيح هذه الأشياء صلاة { يُسَبِّحْنَ } أي : يصلين لله ؛ كقوله - عز وجل - : { أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱلطَّيْرُ صَآفَّاتٍ } [ النور : 41 ] ، ثم قال - عز وجل - : { كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاَتَهُ وَتَسْبِيحَهُ } [ النور : 41 ] دل أن لها صلاة ، والله أعلم . ومن الناس من يقول : تسبيح هذه الأشياء التي ذكر هو تسبيح خلقة لا تسبيح نطق وكلام ، لكن لو كان على هذا ، لكان لا معنى لذكر تسبيحهن مع داود - عليه السلام - إذ ذا مع داود وغيره في كل وقت ؛ دل أنه على تسبيح النطق ، وإن كان على الصلاة ، فهو ألا يجوز الصلاة لأحد حتى تشرق الشمس وترتفع ؛ حيث ذكر إشراق الشمس ، والله أعلم . ثم من الناس من حمل قوله - عز وجل - : { وَٱلإِشْرَاقِ } على صلاة الضحى ، وهو قول ابن عباس - رضي الله عنهما - ذكر عنه أنه سأل أم هانئ عن صلاة الضحى : هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل في بيتها ؟ فأخبرته أنه فعل ، قال ابن عباس - رضي الله عنهما - : وقلت : أي : صلاة الإشراق ، وهذه صلاة الإشراق ، يعني : صلاة الضحى ، والله أعلم . وسميت صلاة الضحى : صلاة الأوابين . وقوله - عز وجل - : { وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ ٱلْحِكْمَةَ } . قال عامة أهل التأويل في قوله : { وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ } : لأنه كان يحرسه كل ليلة ثلاثة وثلاثون ألفاً من بني إسرائيل ، لكن ليس فيما ذكروا كثير شد الملك وتقويته إنما هو وصف ضعف إلا أن يعنوا بما ذكروا : كثرة أعوانه وأنصاره وفضل أتباعه وحواشيه ؛ فعند ذلك يحتمل ما ذكروا ، فأما في نفس ما ذكروا من الحرس له والحفظ ، فليس فيه كثير شد ولا فضل منقبة . وجائز أن يكون غير هذا أشبه له وأولى بما ذكر ملكه ، وهو يخرج على وجهين : أحدهما : شد ملكه بما ذكر من إلانة الحديد ، حتى كان يتخذ منه لباساً من الدروع وغيرها منه أسباب الحرب والتأهب لها وما يصلح للقتال ما لم يعط مثله لأحد سواه ، فينقطع بذلك طمع المنازعين له في ذلك والراغبين في ملكه ، ويأمن هو بذلك ذهابه ، فهو شد ملكه ، والله أعلم . والثاني : شد ملكه بما ذكر من تسخير الجبال له والطير والتسبيح معه ، وما ذكر من طاعة هذه الأشياء له والخضوع لأمره ، فمن بلغ أمر ملكه هذا المبلغ الذي وصف من طاعة من ذكره والتسخير له وعبادته لله تعالى وطاعته لربه في نفسه حيث قال - عز وجل - : { وَٱذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا ٱلأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ } لم يقصد أحد من ملوك الأرض قصده ولا طمع في زوال ملكه إليه بحال ، وهذا أشبه أن يجعل تأويل شد ملكه الذي ذكر - والله أعلم - مما قاله أهل التأويل . قوله - عز وجل - : { وَآتَيْنَاهُ ٱلْحِكْمَةَ } . قال بعض أهل التأويل : { وَآتَيْنَاهُ ٱلْحِكْمَةَ } أي : النبوة { وَفَصْلَ ٱلْخِطَابِ } ، أي : البينة على المدعي ، واليمين على المدعى عليه ، لكن ليس فيما ذكروا من جعل البينة على المدعي وجعل اليمين على المنكر كثير منقبة وخصوصية ؛ إذ قد أعطينا نحن مثله ، وقد ذكر على الخصوصية له . ثم جائز أن يكون ما ذكر من الحكمة أنه آتاها له : إحكام أمره فيما بينه وبين ربه : العبادة له - أي : لله تعالى - والطاعة له في كل وقت ؛ على ما وصفه حين قال : { ذَا ٱلأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ } ، أي : ذا القوة والجهد في العبادة لله والطاعة له فيهم ، وإنزال كل منهم منزلة وتأليف قلوب بعضهم من بعض ، وجمعهم على دين واحد ، ومذهب واحد حتى لم يقع تنازع ولا خلاف في الدين ، والله أعلم . وعلى ذلك يخرج قوله - عز وجل - : { وَفَصْلَ ٱلْخِطَابِ } ، أي : قطع الخصومات فيما بينهم على التأليف والتلطف وإيصال كل إلى حقه من غير أن يقع بينهم خشونة أو ضغينة ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { وَفَصْلَ ٱلْخِطَابِ } . قال بعضهم : ما ذكرنا من القضاء بين الخصوم بالبينة على المدعي واليمين على المنكر ، وليس في ذلك كثير منقبة ولا خصوصية . وقال بعضهم : هو " أما بعد " وهذا أيضاً ليس بشيء ، والأصل فيه ما ذكرنا ، والله أعلم . والخطاب : هو الخصومة ؛ قال أبو معاذ : الخطاب : كالجدال والخصام ، تقول : خاطبته [ خطاباً و ] مخاطبة و [ جادلته ] جدالاً ومجادلة فكل " فاعل " له مصدران : فعال ومفاعلة . وقال أبو عوسجة : الفصل : القضاء ، والخطاب : الخصومة ، تقول : خاطبت الرجل ، أي : خاصمته . والإشراق : هو طلوع الشمس ووقوعها في كل ناحية بنورها ؛ كقوله - عز وجل - : { وَأَشْرَقَتِ ٱلأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا } [ الزمر : 69 ] ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { وَهَلْ أَتَاكَ نَبَؤُاْ ٱلْخَصْمِ } . قد ذكرنا في غير موضع أن حرف الاستفهام من الله - عز وجل - يخرج على الإيجاب ، أو على التقرير والتنبيه . ثم قوله - عز وجل - : { أَتَاكَ نَبَؤُاْ ٱلْخَصْمِ } على وجهين : أحدهما : أي : قد أتاك نبأ الخصم فتفكر فيه كيف ابتلاه الله - عز وجل - وفتنه [ على ] ما ذكر ؟ ! والثاني : قوله - عز وجل - : { وَهَلْ أَتَاكَ نَبَؤُاْ ٱلْخَصْمِ } أتاك وأرسل إليك نبأه وخبره : أن كيف ابتلاه وفتنه ؟ ! وعلى هذا يجوز أن يكون قوله - عز وجل - : { وَٱذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ } ، أي : اذكر ما قربه هو ، أو اذكر متقربه إياه ، أو اذكر خصومة الخصمين إليه ، أو اذكر ما أعطى هو من الحكمة والحكم وفصل الخطاب . ثم قوله : { نَبَؤُاْ ٱلْخَصْمِ } هو حرف التوحيد والوحدان . وقوله - عز وجل - : { إِذْ تَسَوَّرُواْ ٱلْمِحْرَابَ } . حرف الجماعة ؛ وكذلك قوله - عز وجل - : { إِذْ دَخَلُواْ عَلَىٰ دَاوُودَ } ذكره بالجماعة ؛ وكذلك قوله - عز وجل - : { فَفَزِعَ مِنْهُمْ } ذكر بحرف الجماعة ، وقوله - عز وجل - : { قَالُواْ لاَ تَخَفْ } ، ثم ذكر بحرف التثنية حيث قال - عز وجل - : { خَصْمَانِ بَغَىٰ بَعْضُنَا عَلَىٰ بَعْضٍ } ذكر بعضه بحرف الوحدان والإفراد وبعضه بحرف التثنية وهي قصة واحدة . وقال بعضهم : أما قوله - عز وجل - : { ٱلْخَصْمِ } فهو مصدر ، والمصدر للجمع والفرد والتثنية واحد ، وأما قوله - تعالى - : { تَسَوَّرُواْ } و { دَخَلُواْ } و { قَالُواْ } ، ونحوه قد يقال للاثنين ذلك ؛ لأن الاثنين جماعة ؛ كقوله - عز وجل - : { إِن تَتُوبَآ إِلَى ٱللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا } [ التحريم : 4 ] ، والقلوب جماعة ، وإنما هو قلبان ، وذلك كثير في القرآن ، وذلك جائز في اللغة شائع فيها . وعندنا جائز أن يكون قوله - عز وجل - : { تَسَوَّرُواْ } و { دَخَلُواْ عَلَىٰ دَاوُودَ } و { قَالُواْ لاَ تَخَفْ } ونحوه : أن كان مع الخصمين الملكين ملائكة سواهم شهود على دعواهما وخصومتهما تسوروا معهما ودخلوا معهما عليه فلما فزع منهم { قَالُواْ لاَ تَخَفْ } وإن كان الذي تخاصم بين يديه اثنان ؛ لما لا يحتمل أن يقول داود لأحد الخصمين : { لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَىٰ نِعَاجِهِ } ، ينسبه إلى الظلم ويصفه بالبغي بلا شهود يشهدون ، إلا أن يكون من الآخر إقرار على ما يدعي عليه ، فإذا كان كذلك فيشبه أن يكون ما ذكرنا أنه كان مع الملكين ملائكة آخرون شهود يشهدون على ذلك ، وأن حاصل الخصومة لاثنين منهم ، وفيما أضيف الفعل إلى الجماعة كانوا جماعة في التسور والدخول عليه والقول منهم : { لاَ تَخَفْ } ، وفيما أضيف إلى الاثنين اثنين كانا في الخصومة ، والله أعلم . ثم فيه من الكلام والقول حيث قالا : { خَصْمَانِ بَغَىٰ بَعْضُنَا عَلَىٰ بَعْضٍ } ، و { إِنَّ هَذَآ أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِي نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ } ، وقوله : { أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي ٱلْخِطَابِ } ، ونحوه من الكلام والقول الذي كان منهما كيف حققا ذلك وقطعاه أنهما خصمان ولم يكونا في الحقيقة خصمين وإن لهذا كذا وكذا نعجة ولهذا واحدة ، ولم يكن في الحقيقة ذلك ، وأن هذا بغى على هذا ونحو ذلك من الخصومات التي جرت بينهما ، ولم يكن ذلك كذلك في الحقيقة ، كيف قالا ذلك وحققاه وهم ملائكة والملائكة لا يحتمل أن يكذبوا قط ، أو يرسلهم الله ليكذبوا ؟ ! لكنه - والله أعلم - على التقرير والتمثيل ، أي : لو كان لأحدهما كذا كذا نعجة وللآخر واحدة فغلب صاحب النعاج الكثيرة على صاحب النعجة الواحدة فأخذها ، أليس يكون ظالماً أو يكون باغياً ؟ ! ليس على التحقيق ، ولكن لما ذكرنا يقرران عنده الزلة ويمثلان به القضية ، [ لا ] أن كانت له على ما يقوله أهل التـأويل ويقررونه ، وقد ذكر الله - عز وجل - أشياء كثيرة على التمثيل والتقرير على تقرير أشياء غفلوا عنها وسهوا فيها ليتقرر ذلك عندهم ؛ فعلى ذلك يشبه أن يكون خصومة هؤلاء الملائكة عند داود - عليه السلام - وما كان منهم من القول والخصومة ليتقرر ما كان منه من الهفوة والزلة ليعرف ذلك ويرجع عنه ، والله أعلم . ثم قول أهل التأويل : إن طائراً وقع بين يديه قريباً منه فنظر إليه وصار معجبا به ، فهم أن يأخذه وارتفع إلى كوة المحراب فصعد ليأخذه فوقع بصره على امرأة فأعجبته ، فإن هذا يحتمل أن يكون ، وأما قولهم : أدام النظر أما هذا فإنه لا يحتمل أن يكون مثل داود أو نبي من الأنبياء - عليهم السلام - أنه يديم النظر إلى ما لا يحل النظر إليه ، وأما الأول من الذهاب لطلب ذلك الطائر والنظر إليه أنه من أين ؟ وإلى ماذا ؟ فذلك يحتمل أن يكون ، ثم هو يكون معذوراً في الصعود إلى الكوة والارتفاع للنظر إلى الطائر ؛ لما كان الطيور حشرت له وسخرت في التسبيح معه والطاعة له ، فجائز أن يكون له البحث والفحص عن حال ذلك الطائر على ما أخبر عن سليمان حيث قال - عز وجل - : { وَتَفَقَّدَ ٱلطَّيْرَ فَقَالَ مَالِيَ لاَ أَرَى ٱلْهُدْهُدَ } [ النمل : 20 ] فإذا كان ما ذكرنا : هو في الصعود إلى الكوة والارتفاع إلى ذلك معذوراً ، لكن وقع بصره عليها بلا قصد منه ولا علم بحالها ومال قلبه إليها لحسنها وجمالها ، وذلك ما يكون بلا تكلف ولا صنع ، وذلك مما لا يملك دفعه ؛ نحو ما كان من ميل قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى امرأة زيد [ و ] وعد لها نكاحها حيث قال - عز وجل - : { فَلَمَّا قَضَىٰ زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا } [ الأحزاب : 37 ] وما ذكر من بعث زوجها إلى القتال ليقتل فهذا أيضاً غير محتمل ، لكن يحتمل بعثه إياه ليجاهد أعداء الله وكان ذلك فرضاً عليه ، فصار مقتولا فيه من غير أن يتوهم منه أنه قصد قتله وإهلاكه ، والله أعلم . فإن قيل : كيف عوتب كل هذا العتاب ، حتى بعث إليه الملائكة بالخصومة عنده والتمثيل لما ذكر وتقرير ذلك عنده ، ثم أخبر أنه غفر له بعد طول المدة ، إن كان معذوراً في ذلك غير مؤاخذ به ؟ ! قيل : إن الأنبياء - صلوات الله عليهم - أجمعين كانوا يؤاخذون بأدنى شيء كان منهم ما لا يؤاخذ غيرهم بذلك ، بل يعدّ ذلك منهم من أرفع الخصال وأجلها نحو ما عوتب يونس - عليه السلام - في خروجه من بين قومه ؛ ليسلم دينه أو نفسه ، لكنه خرج بلا إذن كان له من الله ؛ فعوتب لذلك ؛ فعلى ذلك داود - عليه السلام - إنما فعل بلا إذن من الله عز وجل ، والله أعلم . ثم في بعث الملائكة إليه فيما ذكر وجوه من الحكمة وأنواع من الفائدة : أحدها : جواز الحجاب والحرس له ، حيث دخلوا عليه من غير الباب . والثاني : رفع الحجاب عن الخصوم لا على وقت حاجة نفسه حيث دخلوا من غير الباب للخصومة بلا إذن منه . والثالث : قدرة الملائكة على التصور بصورة البشر مع كون النفس الكثيفة موجودة معهم ، وذلك يرد على الفلاسفة مذهبهم أن النفس الروحانية خلقت منتشرة متحركة في كل حال ، لكن الجسد الذي جعل يمنعها عن ذلك ، فإذا نام ذلك الجسد أو مات ذهبت تلك النفس حيث شاءت إلى حاجتها ؛ ألا ترى أن الملائكة قد تسوروا عليه بصورة البشر ، واختصموا إليه خصومة البشر ؟ ! دل على أنه ليس على ما وصفوا هم . ثم قوله - عز وجل - : { إِذْ تَسَوَّرُواْ ٱلْمِحْرَابَ } . قال بعضهم : صعدوا ، وأصل التسور : هو الدخول من العلو والارتفاع وهو النزول من السور وهو الحائط المشرف المرتفع . وقوله - عز وجل - : { فَفَزِعَ مِنْهُمْ } . لما خاف دخول الوهن في ملكه ؛ إذ دخلوا بلا إذن من غير الباب . أو خاف ؛ لما ظن أنهم لصوص مكابرون . أو لما عرف أنهم ملائكة جاءوا بأمر عظيم ونحوه ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { وَلاَ تُشْطِطْ } . أي : لا تجر . وقوله : { أَكْفِلْنِيهَا } . قال بعضهم : أعطينيها . وقال بعضهم يقال : أكفلته ، أي : أعطيته ؛ وهو قول أبي عوسجة . وقال بعضهم : أي : ضمها إلى ، واجعلني كافلها ؛ وهو قول القتبي . وقوله : { وَعَزَّنِي فِي ٱلْخِطَابِ } . قال بعضهم : غلبني في الخصومة . وقوله - عز وجل - : { وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ ٱلْخُلَطَآءِ لَيَبْغِيۤ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ } . ثم استثنى : { إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } ، أي : الذين آمنوا ، واعتقدوا في إيمانهم الأعمال الصالحات ، فإنهم لا يبغون بعضهم على بعض ، ثم أخبر أن من آمن واعتقد في إيمانه العمل الصالح ، أي : من اتقى من المؤمنين قليل و [ من ] ترك البغي قليل منهم ، وهذه الآية شديدة صعبة على ما ذكرنا . وفيه أن المؤمن الذي اعتقد في إيمانه العمل الصالح وترك البغي على غيره - قليل في كل زمان ودهر ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ } . أي : علم داود وأيقن أن خصومة الملكين عنده فيما اختصما فيه محنة له ، هو الممتحن بها ، لا أنهما كانا ممتحنين بذلك ؛ فاستغفر ربه إذ أيقن بذلك أنه هو الممتحن بذلك لا غيره ، والله أعلم . ثم فسر أهل التأويل الظن هاهنا : الإيقان ، أي : أيقن ، وكأن الإيقان هو علم يستفاد بالأسباب ، على ما استفاد داود - عليه السلام - علما بخصومة الملكين عنده ؛ ولذلك لا يضاف الإيقان إلى الله أنه أيقن كذا لأنه علم يستفاد بالأسباب ، وهو عالم بذاته لا بسبب ، وأما العلم فإنه قد يستفاد بسبب وبغير [ سبب ] ؛ لذلك أضيف إليه حرف العلم ولم يضف حرف الإيقان ، والله أعلم . فإن قيل : ما الحكمة في ذكر زلات الرسل - عليهم السلام - والأصفياء في الكتاب ، وهو وصف نفسه أنه غفور وأنه ستور ، وقد أمرنا لنستر على من ارتكب شيئاً من ذلك وبالغفران والعفو ، فكيف ذكر هو زلات أنبيائه وأصفيائه حتى نقرأ زلاتهم في المساجد والمكاتب بأعلى صوت إلى يوم التناد ، وما الحكمة في ذكر ذلك ؟ ! قال الشيخ أبو منصور محمد بن محمد الفقيه - رضي الله عنه - : يخرج ذكر زلات الأنبياء - عليهم السلام - في القرآن وترك الستر عليهم على وجوه : أحدها : ذكرها ؛ ليكون ذلك آية لرسالة محمد صلى الله عليه وسلم ؛ لأن قلوب الخلق وأنفسهم لا يحتمل ذكر مساوئ الآباء والأجداد ، وكذلك لا تحتمل قلوبهم ذكر مساوئ أنفسهم ، فإذا ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك ؛ دل أنه على أمر من الله - عز وجل - يذكر ذلك ؛ ليعلم الناس أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنه عن أمر منه ذكر ذلك ، والله أعلم . والثاني : ذكر زلاتهم امتحاناً منه عباده أن كيف يعاملون رسلهم بعد ما عرفوا منهم الزلات وأظهر عنهم العثرات ؟ وكيف ينظرون بعين الرحمة والرأفة ؟ يمتحنهم بذلك على ما امتحنهم بسائر أنواع المحن . والثالث : ذكر زلاتهم ليعلموا - أعني : الخلق - كيف عاملوا ربهم عند ارتكابهم الزلات والعثرات ؟ فيعاملون ربهم عند ارتكابهم ذلك على ما عامله الرسل بالبكاء والتضرع والفزع إليه والتوبة على ذلك ، والله أعلم . أو أن يكون ذكرها ؛ ليعلم أن ارتكاب الصغائر لا يزيل الولاية ولا يخرجه من الإيمان ، وذلك على الخوارج بقولهم : إن من ارتكب صغيرة أو كبيرة خرج من الإيمان . أو أن يكون ذلك ؛ ليعلم أن الصغيرة ليست بمغفورة ، ولكن له أن يعذب عليها ، وليس على ما قالت المعتزلة أن ليس لله أن يعذب أحداً على الصغيرة ، والله أعلم . وزلات الأنبياء - عليهم السلام - في قلوب الناس ، فخافوا عليها ، فلولا أنهم عرفوا أن لله أن يعذبهم عليها وإلا لم يخافوا منها كل ما ذكر منهم ، يذكر عن الحسن أن داود جزأ الدهر أجزاء : يوماً لنسائه ، ويوماً لعبادة ربه ، ويوماً لقضاء بني إسرائيل ، ويوماً لعباد بني إسرائيل : [ يذكرهم ] ويذكرونه ، ويبكيهم ويبكونه ، فلما كان يوم بني إسرائيل ذكروا فقالوا : هل يأتي على الإنسان يوم لا يصيب به ذنباً ؟ فأضمر داود في نفسه أنه سيطيق ذلك ، قال : فلما كان يوم عبادته غلق أبوابه وأمر ألا يدخل عليه أحد ، فأكب على الزبور يقرأها فابتلي بما ذكروا ، قال : ولذلك سمي : أواباً ، والله أعلم . وابن عباس وهؤلاء قالوا : " إنه كان له تسع وتسعون امرأة ، فكان يكون عند كل امرأة يوماً فإذا كان رأس المائة يفرغ للعبادة ، ففي ذلك اليوم أصابه ما أصابه " . وقال بعضهم في قوله - عز وجل - : { وَعَزَّنِي فِي ٱلْخِطَابِ } أي : غالبني في الكلام ، أراد إذا تكلم أن يكون أبين مني ، وإذا دعا ودعوت كان أكثر مني أو ما قلت أن يكون أعرض ، على ما ذكرنا ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ } . أي : زلته التي كانت منه وعثرته ، وما يقول أهل التأويل : ربه أوحى إليه : أني قد غفرت لك ، لكن لا بد أن يتعلق بك أوريَّا في رءوس الخلائق ، ثم أستوهبك منه أو عوض كذا - فذلك مما لا نقول به ولا نعلم ذلك ، ولا يصح ذلك ، ولا يستقيم على ما ذكرنا نحن : أنه لم يكن منه أوريَّا ما يلحقه ما يذكرون ، إنما أمره بمجاهدة أعداء الله وكان له أن يأمر ، إلا أنه عوتب ؛ لأن الأنبياء - عليهم السلام - كانوا يعاتبون بأدنى شيء كان منهم ، ويعيرون على ذلك ؛ لذلك كان ما ذكرنا ، وقد عرفنا أنه كان منه شيء عوتب عليه ، ثم علمنا أن ربه غفر له بقوله - عز وجل - : { فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ } ، فأما ما سوى ذلك الذي ذكره أهل التأويل فلا نعرفه ، فإن صح شيء منه يقال به ، وإلا الترك أولى به وأسلم . وقوله - عز وجل - : { وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَىٰ وَحُسْنَ مَـآبٍ } . يحتمل قوله - عز وجل - : { لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَىٰ } في باقي عمره ، أي : له في باقي عمره ما يزلفه لدينا ، ويقربه عندنا ، والله أعلم . أو أن يكون له زلفى عنده في الآخرة ، أي : له كرامة ومنزلة ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي ٱلأَرْضِ } . يحتمل قوله : في جملة أهل الأرض من الرسل والأنبياء والملوك وغيرهم على الشريف والوضيع ، والله أعلم . ويحتمل قوله - عز وجل - : { جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي ٱلأَرْضِ } في الرسل خاصة ، وكلا التأويلين يرجعان إلى واحد ، إلا أن أحدهما يرجع إلى العامة منهم ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { فَٱحْكُمْ بَيْنَ ٱلنَّاسِ بِٱلْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعِ ٱلْهَوَىٰ } . ثم لم ينهه عن هوى النفس ، ولكن نهاه عن اتباع هواها أن النفس قد تهوى في الحكم بغير حق حيث قال : { فَٱحْكُمْ بَيْنَ ٱلنَّاسِ بِٱلْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعِ ٱلْهَوَىٰ } ؛ لأن النفس أنشئت على الهوى والميل إلى اللذات والشهوات وعلى ذلك طبعت وبنيت ؛ فيكون في هواها إلى ما تهوى مدفوعاً غير مالك ولا قادر على دفعه ؛ لذلك لم ينه عن هواها ولكن نهاه عن اتباع هواها ، ويقدر على منعها بالعقل وردها إلى اتباع الحق ؛ لذلك كان ما ذكر ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } . ذكر أنه لو اتبع هواها أضله عن سبيله ، ولا كل هوى إذا اتبعه المرء ، أضله عن سبيله ، لكنه إذا اتبعه في شيء بعد شيء يحمله على الإضلال عن سبيله ؛ إذ من ضل عن سبيله إنما يضل لاتباعه هواه ؛ كقوله - عز وجل - : { أَرَأَيْتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ } [ الفرقان : 43 ] : أخبر أن من اتخذ إلها دونه إنما اتخذه بهواه لا بحجة ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدُ بِمَا نَسُواْ يَوْمَ ٱلْحِسَابِ } . أي : تركوا الأعمال التي تعمل ليوم الحساب . أو { بِمَا نَسُواْ } أي : بما تركوا الإيمان به والإقرار ، والله أعلم .