Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 108-109)

Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله - عز وجل - : { يَسْتَخْفُونَ مِنَ ٱلنَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ ٱللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ } . يحتمل وجهين : يحتمل : { يَسْتَخْفُونَ مِنَ ٱلنَّاسِ } ، أي : يحتشمون من الناس أن يعلموا بصنيعهم ، ولا يحتشمون من الله ، على علم منهم أنه لا يخفى عليه شيء . ويحتمل : { يَسْتَخْفُونَ مِنَ ٱلنَّاسِ } ، أي : يسترون سرَّهم من الناس . وكذلك رُوي في حرف حفصة : ولا يستترون من الله ، ولكن الله يطلع الناس على ما يسرون . { وَهُوَ مَعَهُمْ } ، أي : لا يخفى عليه شيء . وقوله : { يَسْتَخْفُونَ مِنَ ٱلنَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ ٱللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ } - على وجهين : أحدهما : على نفي القدرة وإثباتها : أن لهم ذلك في الإخفاء من الناس ، وليس لهم في الإخفاء عن الله . والثاني : على قلة المبالاة : يعلم باطلاع الله - تعالى - عليهم ، وتركهم مراقبة الله في الأمور ، واجتهادهم في ذلك عن الخلق ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَىٰ مِنَ ٱلْقَوْلِ } عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال : { إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَىٰ مِنَ ٱلْقَوْلِ } يقول : من العمل والفرية [ على اليهودي ] بالسرقة . وقيل : يبيتون : أي يؤلفون القول فيما بينهم ، فيقولون : [ يأتي ] به النبي ، فيقول له كذا وكذا ؛ ليدفعوا عن صاحبهم الخيانة والتهمة ، وهو طعمة ؛ على ما قيل في القصة : إنه سرق درع رجل فرماها في دار يهودي . وقيل : إنه خبأها في دار يهودي ، فلما طلب منه حلف بالله أنه ما سرق . وقيل : التبييت : هو التقدير بالليل ، وقد ذكرناه في قوله : { بَيَّتَ طَآئِفَةٌ مِّنْهُمْ … } الآية [ النساء : 81 ] . وقوله - عز وجل - : { وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطاً } . هو على الوعيد ؛ أي : عن علم منه يفعلون هذا ، لا عن عفلة ؛ كقوله - تعالى - : { وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ ٱلظَّالِمُونَ } [ إبراهيم : 42 ] ، لكنه يؤخره إلى يوم على علم منه ذلك ، وعلى الإعلام أن الله لم يزل عالماً بما يكون منهم ، وعلى ذلك امتحنهم ، وبالله التوفيق . وقوله : - عز وجل - : { هَا أَنْتُمْ هَـٰؤُلاۤءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } . قيل : يعني : أصحاب طعمة ؛ أي : لو خاصمتم عنهم يا هؤلاء في الدنيا . { فَمَن يُجَادِلُ ٱللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } . أي : لا أحد يخاصم عنهم يوم القيامة . { أَمْ مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً } يخاصم عنهم يوم القيامة . وقيل : كفيلا ، أي : في الدفع عنهم ؛ كقوله - تعالى - : { ٱلَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيۤ آيَاتِ ٱللَّهِ } [ غافر : 35 ] ، أي : في دفعها وإرادة أن يدحضوا بالباطل . وقيل : رقيبا . وقيل : كفيلا . والوكيل : هو القائم بحفظ الأمور ، والقاضي للحوائج ، والمزيح للعلل .