Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 137-137)
Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ٱزْدَادُواْ كُفْراً لَّمْ يَكُنِ … } . عن ابن عباس - رضي الله عنه - قال : نزلت الآية في الذين قال الله - تعالى - في سورة آل عمران : { كَيْفَ يَهْدِي ٱللَّهُ قَوْماً كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوۤاْ أَنَّ ٱلرَّسُولَ حَقٌّ } [ آل عمران : 86 ] . وقيل : إنها نزلت في الذين آمنوا بموسى - عليه السلام - ثم كفروا بعد موسى ، ثم آمنوا بعُزَير ، ثم كفروا بعده ، ثم آمنوا بعيسى - عليه السلام - وبالإنجيل ، ثم كفروا من بعده ، ثم ازدادوا كفراً بمحمد صلى الله عليه وسلم وبالقرآن [ الكريم ] . وهو الأولى . وقيل : غير هذا ، لكن ليس بنا إلى أنها فيهم نزلت حاجة ، ولكن فيه دليل أنها في قوم علم الله أنهم لا يؤمنون أبداً ولا يتوبون ؛ لأنه قال : { لَّمْ يَكُنِ ٱللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً } أخبر أنه لا يغفر لهم ، وهو كقوله - تعالى - : { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ٱزْدَادُواْ كُفْراً لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ } [ آل عمران : 90 ] ؛ لما علم الله أنهم لا يتوبون ؛ وإلا لو آمنوا وتابوا قبلت توبتهم ؛ فعلى ذلك الأول ؛ لما علم الله أنهم لا يتوبون ، ويموتون على ذلك - أخبر أنه لا يغفر لهم . وفيه دليل أنه تقبل توبة المرتد إذا تاب ، ليس - كما قال بعض الناس - أنه لا تقبل توبة المرتد ؛ لأنه أثبت لهم الإيمان بعد الكفر والارتداد بقوله : { آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ آمَنُواْ } ثم كذا ؛ فدل أنه إذا تاب يقبل منه . وقال أصحابنا : يستتاب المرتد ثلاثاً ؛ فإن أسلم وإلا قتل . روي عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال : يستتاب المرتد ثلاثاً . ثم تلا هذا الآية . وعن ابن عمر - رضي الله عنه - كذلك . وعن عمر - رضي الله عنه - أنه قدم عليه رجل من الجيش ، فقال : هل حدث لكم حدث ؛ فقال : إن رجلا من المسلمين ارتد ولحق بالمشركين فأخذناه . فقال : ما صنعتم به ؟ قالوا : قتلناه . قال : هلا أدخلتموه بيتاً ، وأغلقتم عليه بابا ، وأطعمتموه كل يوم رغيفاً ، واستتبتموه ثلاثاً ؛ فإن تاب وإلا قتلتموه . ثم قال : اللَّهُمَّ إني لم أشهد ، ولم آمر ، ولم أرض حين بلغني . وقال أبو حنيفة - رضي الله عنه - : إذا ارتد ثلاثاً ، ثم تاب في كل مرة - فإنه يحبس في الثالثة إذا تاب ؛ حتى يظهر منه خشوع التوبة ، وذلك أثر الثبات على توبته ؛ فإن ظهر ذلك ، فحينئذ يخلى سبيله ؛ لما يحتمل أن تكون توبته فراراً من القتل ؛ فيحبس حتى تظهر حقيقة توبته ؛ لأنه أظهر الفسق ، والفاسق يحبس حتى يظهر خشوع التوبة . وقوله - عز وجل - : { لَّمْ يَكُنِ ٱللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً } . لا يحتمل أن يكون أراد بقوله : { وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً } - البيان ؛ على ما قاله قوم ؛ لأنه قد تولى لهم البيان ، لكنهم تعاندوا ولم يهتدوا ؛ فدل أن ثم معنى منه سوى البيان لم يعطهم ؛ لما علم أنهم لا يهتدون أبداً ، وهو التوفيق ، فهذا يرد على من لا يجعل الهدى إلا بياناً ؛ إذا قد بين لهم ذلك .