Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 150-152)

Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله - عز وجل - : { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيْنَ ٱللَّهِ وَرُسُلِهِ } يحتمل وجهين : يحتمل قوله - تعالى - : { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ … } [ أي : تريدون ] أن يفرقوا بين الله ورسله ؛ فيكون قوله : { يَكْفُرُونَ بِٱللَّهِ } : في الدهرية ؛ لأنهم يكفرون بالله ، ولا يؤمنون به ، ويقولون بقدم العالم ، فذلك فيهم ، وقوله : { وَرُسُلِهِ } يكون في الذين يؤمنون بالله ويكفرون بالرسل كلهم . وقوله - عز وجل - : { وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيْنَ ٱللَّهِ وَرُسُلِهِ } : في الذين كفروا ببعض الرسل وآمنوا ببعض الرسل ، ويقولون : نؤمن ببعض ونكفر ببعض . ثم أخبر - عز وجل - عنهم جميعاً - مع اختلاف مذاهبهم - أنهم كفار ، وحقق الكفر فيهم بقوله - تعالى - : { أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْكَافِرُونَ حَقّاً } . ويحتمل أن يكون فيمن آمن ببعض الرسل وكفر ببعض [ الرسل ] ؛ فيكون الكفر ببعض الرسل كفراً بالله ، وبجميع رسله ، وبجميع كتبه ؛ لأن كل واحد من الرسل يدعو الخلق كلهم إلى الإيمان بالله ، والإيمان بجميع الرسل والكتب ، وإذا كفر بواحد منهم - كفر بالله وبالرسل جميعاً ، والله أعلم . [ وقوله - تعالى - : { وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذٰلِكَ سَبِيلاً } . أي : ويتخذون غير ذلك سبيلا ؛ على طرح إرادة " أن " ، أي : يتخذون بين ذلك ، أي : بين إيمان ببعض الرسل ، وكفر ببعض الرسل - ديناً ؛ فذلك لا ينفعهم إذا كفروا ببعض الرسل ] . وقوله : { أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْكَافِرُونَ } . يحتمل وجهين : يحتمل : أولئك هو الكافرون الذين حق عليهم الكفر بالله . والثاني : يكفرون ببعض الرسل ؛ أنهم - وإن كفروا ببعض الرسل - فقد حق عليهم الكفر بالله تعالى ؛ لأن الكفر بواحد من الرسل كفر بالله وبالرسل جميعاً . وقوله - عز وجل - : { وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُّهِيناً } . [ قوله : { مُّهِيناً } ] : يهانون فيه . ثم نعت المؤمنين فقال - عز وجل - : { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُواْ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ } . يعني : من الرسل ، وقالوا : { آمَنَّا بِٱللَّهِ وَمَآ أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَآ أُنزِلَ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ } [ البقرة : 136 ] إلى آخر ما ذكر . وفي الآية دلالة نقض قول المعتزلة ؛ لأنهم لا يسمون صاحب الكبيرة مؤمناً ، وهو قد آمن بالله ورسله ولم يفرق بين أحد من رسله ؛ فدخل في قوله - تعالى - : { أُوْلَـٰئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ } وهم يقولون : لا يؤتيهم أجورهم . { وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً } . أخبر - عز وجل - أنه لم يزل غفوراً رحيماً ، وهم يقولون : لم يكن غفورا رحيما ولكن صار غفورا رحيماً ، وبالله العصمة .