Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 167-170)

Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله - عز وجل - : { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } . أي : كفروا بآيات الله . { وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ قَدْ ضَلُّواْ ضَلَٰلاً بَعِيداً } . أي : قد تاهوا وتحيروا تحيراً طويلا . ويحتمل : { قَدْ ضَلُّواْ ضَلَٰلاً بَعِيداً } أي : هلكوا هلاكاً لا نجاة لهم ، وقد ذكرنا هذا فيما تقدم في غير موضع . وقوله - عز وجل - : { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَظَلَمُواْ } . أي : كفروا بآيات الله وحججه ، وظلموا أمر الله وتركوه . ويحتمل قوله - تعالى - : { وَظَلَمُواْ } حيث جعلوا أنفسهم لغير الله ، وجعلوا العبادة لمن دونه ، وهو إنما خلقهم ؛ ليجعلوا عبادتهم له ، فقد وضعوا أنفسهم في غير موضعها ؛ لذلك وصفهم بالظلم ؛ لأن الظلم : وضع الشيء [ في ] غير موضعه . ويحتمل : ظلموا أنفسهم ، وإن كانوا لا يقصدون ظلم أنفسهم ؛ فإن حاصل ذلك يرجع إلى أنفسهم ؛ فكأنهم ظلموا أنفسهم ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { لَمْ يَكُنِ ٱللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً * إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ } . كأنه على الإضمار بألا يهديهم في الآخرة طريقاً إلا طريق جهنم . ويحتمل ما قال أهل التأويل ، قالوا : لا يهديهم طريق الإسلام إلا طريق جهنم : طريق الكفر والشرك هما طريقا جهنم في الدنيا ، والإسلام هو طريق الجنة في الدنيا . وهذه الآية والآية الأولى في قوم علم الله أنهم لا يؤمنون أبداً ، ويموتون على ذلك ؛ حيث أخبر أنه - عز وجل - لا يغفر لهم ، ولا يهديهم . { خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً وَكَانَ ذٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيراً } . ظاهر . وقوله - عز وجل - : { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدْ جَآءَكُمُ ٱلرَّسُولُ بِٱلْحَقِّ مِن رَّبِّكُمْ } . يحتمل قوله : { بِٱلْحَقِّ مِن رَّبِّكُمْ } : بالحق الذي لله عليكم . ويحتمل : { بِٱلْحَقِّ مِن رَّبِّكُمْ } بالحق الذي لبعضكم على بعض ، قد جاءكم الرسول من الله ببيان ذلك كله . ويحتمل [ قوله ] : { قَدْ جَآءَكُمُ ٱلرَّسُولُ بِٱلْحَقِّ مِن رَّبِّكُمْ } الحق الذي هو ضد الباطل ونقيضه ، وفرق بينهما ، وأزال الشبه ؛ إن لم تعاندوا ولم تكابروا . { فَآمِنُواْ خَيْراً لَّكُمْ } . لأن الذي كان يمنعهم عن الإيمان بالله حب الرياسة ، وخوف زوال المنافع التي كانت لهم ؛ فقال : { فَآمِنُواْ خَيْراً لَّكُمْ } ؛ لأن ذلك لكم في الدنيا ، والآخرة دائم لا يزول ؛ فذلك خير لكم من الذي يكون في وقت ثم يزول عنكم عن سريع . وقوله - عز وجل - : { وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ للَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ … } الآية . يخبر - والله أعلم - أن ما يأمر خلقه وينهى ليس يأمر وينهى لحاجة له أو لمنفعة ؛ ولكن يأمر وينهى لحاجة الخلق ومنافعهم ؛ إذ من له ما في السماوات وما في الأرض وملكهما - لا يقع له حاجة ولا منفعة ، وهو غني بذاته . وقوله - عز وجل - : { وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً } . عليماً : عن علم بأحوالكم خلقكم ، لا عن جهل ، وعليماً بما به صلاحكم وفسادكم . { حَكِيماً } : حيث وضع كل شيء موضعه . ويحتمل قوله - تعالى - { وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ للَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } وجهاً آخر ، وهو : [ الذي تكفرونه ] يقْدرِ أن يخلق خلقاً آخر سواكم يطيعونه ؛ إذ له ما في السماوات وما في الأرض ، والله أعلم .