Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 40-42)

Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله - عز وجل - : { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ } وقوله - تعالى - : { وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً } و { نَقِيراً } [ النساء : 124 ] { وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّـٰمٍ لِّلْعَبِيدِ } [ فصلت : 46 ] . ذكر هذا - والله أعلم - لئلا يظن جاهل إذا رأي ألم الأطفال والصغار وما يحل بهم أن ذلك ظلم منه لهم ، لكن ذلك - والله أعلم - ليعلم أن الصحة والسلامة إفضال من الله - تعالى - لهم ، لا لحق [ لهم عليه في ] ذلك ؛ إذ له أن يخلق كيف شاء : صحيحاً ، وسقيماً ، ثم من ظلم آخر في الشاهد إنما يظلم لإحدى خلتين : إما لجهل بالعدل والحق ، وإما لحاجة تمسه يدفع ذلك عن نفسه ، فيحمله على الظلم ، فالله - سبحانه وتعالى - غني بذاته ، عالم ، لم يزل يتعالى عن أن تمسه حاجة ؛ أو يخفى عليه شيء مع ما كان معنى الظلم في الشاهد هو التنازل مما ليس له بغير إذن من له وكل الخلائق من كل الوجوه له ؛ فلا معنى ثَمَّ للظلم . ثم قيل في الذَّرَّة : إنها نملة ، وكذلك في حرف ابن مسعود - رضي الله عنه - : " مثال نملة " . وقيل : مثقال حبة ، وهو على التمثيل ، ليس على التحقيق ، ذكر لصغر جثته أنه لا يظلم ذلك المقدار ، فكيف ما فوق ذلك ؟ ! ، لا أن مثله يحتمل أن يكون ، لكن لو كان فهو بتكوينه ، وبالله التوفيق . وقوله - عز وجل - : { وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَٰعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً } . هذا على المعتزلة ؛ لأنهم يقولون : من ارتكب كبيرة يخلد في النار ومعه حسنات كثيرة ، فأخبر عز وجل - : { وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَٰعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً } وهي الجنة ، وهذا لسوء ظنهم بالله ، وإياسهم من رحمته . عن أنس - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إِنَّ الله - تعالى - لاَ يَظْلِمُ المُؤْمِنَ حَسَنَةً يُثَابُ عَلَيْهَا إِمَّا رِزْقٌ فِي الدُّنْيَا ، وإِمَّا جَزَاءٌ فِي الآخِرَةِ " . وعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يَقُولُ اللهُ - تَعَالَى - : أَخْرِجُوا مِنَ النَّارِ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ إِحْسَانٍ " قال أبو سعيد - رضي الله عنه - : فمن شك في ذلك فليقرأ : { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ … } الآية . وقوله - عز وجل - : { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ } . يقول : بالنبي ، يعني : بنبيها وجئنا بك يا محمد على هؤلاء شهيداً عليهم ، يعني : على أمته ، شهيداً بالتصديق لهم ؛ لأنهم يشهدون على الأمم للرسل أنهم بلغوا ما أرسلوا [ به لما ] هو دليل صدقهم ، وقامت براهينهم بالرسالة صارت شهادة على هؤلاء ؛ أي : لهؤلاء ؛ على هذا التأويل ؛ كقوله - تعالى - : { وَمَا ذُبِحَ عَلَى ٱلنُّصُبِ } [ المائدة : 3 ] أي : لها ويحتمل عليهم لو كذبوا وزلوا . وقوله : { فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ } يعني : نبيها ، { وَجِئْنَا بِكَ } يا محمد على أمتك شهيداً على تبليغ الرسالة . وقوله - عز وجل - : { يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَعَصَوُاْ ٱلرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّىٰ بِهِمُ ٱلأَرْضُ } قيل فيه بوجوه : إذا ميز الله أصحاب اليمين وأصحاب الشمال ، قال للوحش والطير والسباع : " كُونِي تُرَاباً " ؛ فتكون تراباً ، فعند ذلك يتمنون أن يكونوا تراباً مثل الوحش [ فسويت بهم ] الأرض . وعن ابن عباس - رضي الله عنه - قال : يجحد أهل الشرك يوم القيامة أنهم ما كانوا مشركين ، فينطق الله - تعالى - جوارحهم ؛ فتشهد عليهم ؛ فيودون أنهم كانوا تراباً ؛ كقوله : { يٰلَيْتَنِي كُنتُ تُرَاباً } [ النبأ : 40 ] وقوله - تعالى - : { يٰلَيْتَهَا كَانَتِ ٱلْقَاضِيَةَ } [ الحاقة : 27 ] ؛ فذلك قوله - سبحانه وتعالى - : { لَوْ تُسَوَّىٰ بِهِمُ ٱلأَرْضُ } ليتنا لم نبعث ولم نحيا ، ويقرأ " تُسَوّى " و " تَسَوّى " " وتَسَّوى " ، و " تُسْوَى " ، و " تستوى " ، و " تُسْوَى " ، وفي حرف حفصة : " لو تستوى بهم الأرض " . وقوله - عز وجل - : { وَلاَ يَكْتُمُونَ ٱللَّهَ حَدِيثاً } . قيل : لما أنطق الله - تعالى - جوارحهم وشهدت عليهم حين أنكروا أن يكونوا مشركين بقوله - تعالى - : { إِلاَّ أَن قَالُواْ وَٱللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } [ الأنعام : 23 ] - لم يستطيعوا أن يكتموا الله حديثا . ويحتمل : على الاستنئاف : لا يكتمون الله حديثاً . ويحتمل : أن يكونوا يودّوا في الآخرة ويتمنوا أن لم يكونوا كتموا في الدنيا حديثاً .