Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 40, Ayat: 36-46)
Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله - عز وجل - : { وَقَالَ فَرْعَوْنُ يٰهَامَانُ ٱبْنِ لِي صَرْحاً لَّعَـلِّيۤ أَبْلُغُ ٱلأَسْبَابَ * أَسْبَابَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ فَأَطَّلِعَ إِلَىٰ إِلَـٰهِ مُوسَىٰ } . للمشبهة تعلق بظاهر هذه الآية يقولون : لولا أن موسى - عليه السلام - كان ذكر وأخبر فرعون : أن الإله في السماء ، وإلا لما أمر فرعون هامان أن يبني له ما يصعد به إلى السماء ويطلع إلى إله موسى على ما قال تعالى خبراً عن اللعين . لكنا نقول : لا حجة لهم ؛ فإنه جائز أن يكون هذا من بعض التمويهات التي كانت منه على قومه في أمر موسى - عليه السلام - ومن بعض مكائده التي كانت منه به ؛ من نحو قوله : { سَاحِرٌ كَذَّابٌ } [ ص : 4 ] ، وقوله : { إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ ٱلَّذِي عَلَّمَكُمُ ٱلسِّحْرَ } [ طه : 71 ] ، وقوله : { يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُمْ مِّنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ } [ الشعراء : 35 ] ونحو ذلك من التمويهات التي كانت منه ؛ فعلى ذلك قوله : { ٱبْنِ لِي صَرْحاً … } و { فَأَطَّلِعَ إِلَىٰ إِلَـٰهِ مُوسَىٰ } تمويه منه على قومه بموسى ؛ يقول : إن موسى إنما يدعو إلى إله في السماء فهو نحو إله يكون في الأرض ، يموه بذلك على الناس أمر موسى من غير أن كان من موسى ذكر ، أو أخبر أن الله - تعالى - في السماء على ما كان منه سائر التمويهات وإن لم يكن من موسى ذكر تلك التمويهات له ، والله أعلم . ويحتمل أن فرعون قال ذلك ؛ لما رأى أن البركات والخيرات تنزل من السماء ؛ فظن أنه في السماء . ثم اختلف في الأسباب : قال بعضهم : أسباب السماوات : أبوابها . ويحتمل أسباب السماوات : هي الطرق التي تصعد إلى السماء . وحقيقة الأسباب : هي ما يوصل بها إلى الأشياء ويقصد إليها ، وقد علم اللعين أنه لا يصل إلى ذلك بما ذكر من بناء الصرح ، لكنه أراد بذلك ما ذكرنا من التمويهات والتلبيس على قومه ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { وَإِنِّي لأَظُنُّهُ كَاذِباً } . قال هاهنا : { لأَظُنُّهُ كَاذِباً } بعدما قطع القول فيه : إنه كاذب وإنه كذاب ؛ ليعلم أنه على [ حق ] وأنه صادق ، لكنه يموه بذلك على قومه . وقوله : { وَكَـذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوۤءُ عَمَلِهِ } . قال بعضهم : أي : زين الشيطان عليه سوء عمله . ويحتمل أن يقال : زين له سوء عمله بالأتباع وكثرة الأموال والحشم الذي أعطي له ، زين له سوء عمله بالأسباب التي أعطيت له ، فيكون الله تعالى مزيناً له سوء عمله بإعطاء الأسباب . ويحتمل زين له سوء عمله ، أي : خلق في طبعه أن يرى ذلك حسنا مزيناً وإن كان قبيحاً في نفسه حقيقة على ما تقدم ذكره . وقوله : { وَصُدَّ عَنِ ٱلسَّبِيلِ } . وقرئ : { صَد } بالفتح ، فمن قرأ بالفتح فله معنيان : أحدهما : صد هو بنفسه صدوداً ، والثاني : صد هو الناس عن سبيله صدّاً . ومن قرأ { صُدَّ } بالضم ، أي : لم يوفق ، ولم يرشد ؛ لما علم منه اختيار صده . وقوله : { وَمَا كَـيْدُ فِرْعَوْنَ إِلاَّ فِي تَبَابٍ } . أي : في خسار ، التباب : الخسار ، يقال في قوله : { تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ } [ المسد : 1 ] : أي : خسرت ، ويقال : تبّاً له ، أي : هلاكا له ، وقيل : تبت يد الرجل ، أي : خابت . ثم أخبر عما ذكر ووعظ ذلك الرجل المؤمن من آله ، وهو قوله تعالى : { وَقَالَ ٱلَّذِيۤ آمَنَ يٰقَوْمِ ٱتَّبِعُونِ أَهْدِكُـمْ سَبِيـلَ ٱلرَّشَـادِ } . أي : أبين لكم سبيل الرشاد ، مرة خوفهم بما نزل بأوائلهم بتكذيب الرسل وترك اتباعهم ، ومرة بَيَّنَ سفههم في أنفسهم بسوء صنيعهم ، ومرة وعظهم ونصحهم ودعاهم إلى اتباعه ليبين لهم سبيل الرشاد ويهديهم إليه ، وإن خاف على نفسه الهلاك بعدما أظهر الإيمان ولم يبال هلاك نفسه . وقال الكسائي : الرشاد والرُّشْد والرَّشَد ثلاث لغات ، ولا يقرأ هاهنا غير { ٱلرَّشَـادِ } . ثم قال : { يٰقَوْمِ إِنَّمَا هَـٰذِهِ ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا مَتَاعٌ } . أي : متاع ومنفعة يبلغ إلى منتهى آجالكم ، يبلغ به العاصي والمطيع إلى أجله ، يخبر أنها على الانقضاء والذهاب عن قريب ، ويخبر أن دار الآخرة هي دار القرار ، أي : تقر بأهلها : إن كان أهلها أهل خير قرت بهم خيرا أبداً لا يزول ، وإن كان أهلها أهل شر يقر بهم الشر أبد الآبدين . ثم أخبر عن عدل الله تعالى في أعدائه وفضله في أوليائه حيث قال : { مَنْ عَمِـلَ سَـيِّئَةً فَلاَ يُجْزَىٰ إِلاَّ مِثْلَهَا } . أي : لا يجزى ولا يزيد لهم على مثل جنايتهم ؛ لأن المثل هو العدل في جميع الأشياء ، يخبر ألا يزيد على عقوبة عملهم ، ولكن يجزيهم بمثله ، وأما جزاء الحسنة فإنه يزيد لهم على قدر ما يستوجبون ؛ فضلا منه وإحساناً . ثم فيه دلالة نقض قول المعتزلة : إن صاحب الكبيرة في النار أبداً ؛ لو كان على ما ذكروا كان في ذلك تسوية بين صاحب الكبيرة وبين صاحب الشرك ؛ فإما أن يكون نقصاناً لصاحب الشرك عن مثل عقوبته أو زيادة لصاحب الكبيرة ، وقد أخبر أنه لا يجزى إلا مثلها فذلك خلاف ظاهر الآية . وقوله - عز وجل - : { وَمَنْ عَمِـلَ صَالِحاً مِّن ذَكَـرٍ أَوْ أُنْثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـٰئِكَ يَدْخُلُونَ ٱلْجَنَّةَ } . دل هذا على أن العمل الصالح لا ينفع ولا يجزي إلا من كان منه الإيمان به . وقوله : { يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ } . يحتمل بلا تبعة : ويحتمل بغير تقدير وعدّ ، وقد ذكرناه فيما تقدم . وقوله - عز وجل - : { وَيٰقَوْمِ مَا لِيۤ أَدْعُوكُـمْ إِلَى ٱلنَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِيۤ إِلَى ٱلنَّارِ } . كأنه قال : يا قومِ ، ما لي أدعوكم إلى ما به نجاتكم وأنصح لكم ، وتدعونني أنتم إلى [ ما ] به هلاكي ، فمتى يكون بيننا موالاة واجتماع ؟ ! أي : لا يكون ، إنما يذكر هذا وأمثاله في المواعظ [ إذا ] انتهت غايتها وبلغت نهايتها ، فلما تنجع فيهم ؛ وهو كقوله تعالى : { لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ } [ الكافرون : 6 ] ، وقوله تعالى : { لِّي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ … } الآية [ يونس : 41 ] . ثم فسر ما يدعون إليه وما يدعوهم إليه من النجاة حيث قال : { تَدْعُونَنِي لأَكْـفُرَ بِٱللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَاْ أَدْعُوكُمْ إِلَى ٱلْعَزِيزِ ٱلْغَفَّارِ } . هذا منه تفسير ما دعاهم إلى النجاة وبيان ما يدعونه إلى الهلاك . ثم قوله : { وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ } قد يستعمل قوله : { مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ } في نفي العلم ، أي : ليس ذلك ، وذلك في إثبات العلم بخلافه وضده ؛ يقول : وأشرك به ما ليس لي به علم ولا كان من الشريك وغيره ، أو يقول : تدعونني لأكفر بالله وأشرك به ما ليس لكم به علم ، والله أعلم . ثم بين عجز ما يعبدون من الأصنام وغيرها ، وهو ما قال - عز وجل - : { لاَ جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِيۤ إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي ٱلدُّنْيَا وَلاَ فِي ٱلآخِرَةِ } . { لاَ جَرَمَ } ، أي : حقّاً ؛ يقول - والله أعلم - : بحق أن ما تدعونني إليه ليس له دعوة ، أي : لم تدعكم إلى عبادة نفسها ، أي : الأصنام التي عبدوها ، والأول أشبه ؛ لأنهم كانوا يعبدون تلك الأصنام ؛ رجاء أن تشفع لهم ، فأخبر أنها لا تشفع بقوله : { لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ } ، أي : شفاعة ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { وَأَنَّ مَرَدَّنَآ إِلَى ٱللَّهِ } . يقول - والله أعلم - : إن مرجعنا إلى ما أعد الله لنا ، أعد لكم النار ، وأعد لي الجنة ، { وَأَنَّ ٱلْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ } والمقتصدين من أصحاب الجنة ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { فَسَتَذْكُرُونَ مَآ أَقُولُ لَكُـمْ } . أي : ستذكرون إذا عاينتم ما أعدّ لكم وأعد لنا : أن ما كنتم عليه ودعوتموني إليه دعاءٌ إلى الهلاك ، وما دعوتكم إليه هو دعاءٌ إلى الجنة . أو يقول : ستذكرون ما نصحت بدعائي إياكم إلى ما به نجاتكم . وقوله - عز وجل - : { وَأُفَوِّضُ أَمْرِيۤ إِلَى ٱللَّهِ } ، هذا يخرج على وجوه : أحدها : كأنهم خوفوه وأوعدوه بأنواع الوعيد والتخويف ، فقال عند ذلك : { وَأُفَوِّضُ أَمْرِيۤ إِلَى ٱللَّهِ } ، وأتوكل عليه ، فيحفظني ويدفع عني شركم وما تقصدون بي ، والله أعلم . والثاني : { وَأُفَوِّضُ أَمْرِيۤ إِلَى ٱللَّهِ } أي : عليه أتوكل ، وأَكِلُ في جميع الأمور من الخيرات والشرور ، وهو الكافي لذلك . والثالث : إظهار الحاجة إليه ، والمؤمن أبدا يكون مظهراً للحاجة إلى الله - تعالى - في كل وقت وكل ساعة ، والله أعلم . والرابع : { وَأُفَوِّضُ أَمْرِيۤ إِلَى ٱللَّهِ } أي : لا أشتغل بشيء في أمري أصيره إلى الله ، تعالى . وعلى قول المعتزلة لا يصح تفويض الأمر إلى الله تعالى ؛ لأنهم يقولون : إن عليه أن يعطيه جميع ما يحتاج إليه المكلف حتى لا يبقى عنده مزيد ، وإذا لم يبق عنده شيء ، فليس لتفويض الأمر إليه معنى ، والله الموفق . وقوله - عز وجل - : { فَوقَاهُ ٱللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَـرُواْ } . دل هذا على أنهم قد قصدوا قصد المكر به ؛ حيث أخبر أنه وقاه سيئات ما مكروا ، فجائز أن هموا به قتله ، ويحتمل غيره . ثم يحتمل ما وقاه عن مكرهم بما وقى موسى - عليه السلام - لما أهلكهم وأنجاه من شرهم . ويحتمل توجيه آخر لا نفسره ؛ لأنا لا نحتاج إليه ، وإنما حاجاتنا إلى أن نعلم أنه كان بذل نفسه لله تعالى وحفظه . وقوله - عز وجل - : { وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوۤءُ ٱلْعَذَابِ } . استدل بعض الناس على عذاب القبر بقوله : { ٱلنَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا } وإنما يعرض أرواحهم على النار فتألمت أجسادهم في القبور لذلك ، وكذلك يعرض أرواح أهل الجنة فيتلذذ أجسادهم بتلذذ الأرواح بعد أن أحدث فيها الحياة التي تحقق الألم واللذة هذا في القبور ، ثم إذا دخلوا النار يكون لهم ما ذكر من العذاب ، حيث قال : { وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ أَدْخِلُوۤاْ آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ ٱلْعَذَابِ } ، والله أعلم . وجائز أن يكون ما ذكر من العرض على النار قبل القيامة قبل أن يدخلوا النار ؛ كقوله - تعالى - : { ٱحْشُرُواْ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُواْ يَعْبُدُونَ * مِن دُونِ ٱللَّهِ فَٱهْدُوهُمْ إِلَىٰ صِرَاطِ ٱلْجَحِيمِ * وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُونَ * مَا لَكُمْ لاَ تَنَاصَرُونَ } [ الصافات : 22 - 25 ] يكون عرضهم على النار هو وقت وقفهم للسؤال وحبسهم لذلك ، ثم يدخلون النار ؛ فيكون لهم العذاب الذي ذكر ؛ وهو قول الحسن . ثم قوله : { غُدُوّاً وَعَشِيّاً } . يحتمل قدر غدو وقدر عشي ، فإن كان التأويل في عذاب القبر يحتمل ما قال بعضهم : أن يقال لهم : هذا لكم ما دامت الدنيا . ويحتمل أنه ذكر على إرادة الغدو والعشي حقيقة ذلك كل وقت ، لكن يتجدد التألم والوجع بكل قدر عشي وغدو ، والله أعلم . وذكر عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنها جعلت أرواحهم في أجواف طير سود ، فهي تعرض على النار كل يوم مرتين { غُدُوّاً وَعَشِيّاً } إلى أن تقوم الساعة . فهو تفسير لما ذكر من الغدو والعشي ، ثم إن ثبت هذا عنه فهو سماع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ لأنه باب لا يدرك بالتدبير مع ما روي عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال : إن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا مات أحدكم عرض على مقعده بالغداة والعشي : إن كان من أهل الجنة فمن الجنة ، وإن كان من أهل النار فمن النار ، يقال له : ها ذاك مقعدك حتى يبعث إليه يوم القيامة " فإن ثبت هذا وصح عنه ، فهو دليل لوجوب عذاب القبر ، والله أعلم . وجائز أن يكون قوله : ، أي : يعذبون في الأوقات كلها بعد إدخالهم فيها ، وذكر الغدو والعشي يخرج على سكون النار في أوقات ثم تلتهب ؛ كقوله تعالى : { كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيراً } [ الإسراء : 97 ] ، والله أعلم . فإن قيل : ما الحكمة فيما ذكر من إدخال آل فرعون في أشد العذاب ، والخصوصية لهم في ذلك من بين غيرهم من الكفرة ؟ قيل لوجهين : أحدهما : أن غير موسى من الرسل - عليهم السلام - قد نسبوا إلى السحر كما نسب إليه موسى ، لكن لم يتبين ولا تحقق لقومهم براءة رسلهم فيما قرفهم الرؤساء والقادة منهم بالسحر والكذب بما وجد منهم التمويه على السفلة والأتباع ، وقد تحقق لآل فرعون براءة موسى مما قرفه بالسحر والكذب ، وتبين عندهم صدق ما ادعى من الرسالة ، وذلك مما أقر جميع سحرة فرعون أن ما جاء به موسى حق وما يقوله صدق ، وإيمانهم بموسى - عليه السلام - نهارا جهارا ، واختاروا القطع والصلب ، ولم يمتنعوا عن متابعته ، وما رأوا من انقلاب العصا حية تسعى وتلقف ما صنعوا ؛ فيكون عنادهم أشد ومكابرتهم أكبر ؛ فلذلك استحقوا أشد العذاب ، والله أعلم . والثاني : أن آيات موسى أكثرها كانت حسية وآيات غيره عقلية ، ومعرفة ما كان سبيله الحس مما لا يتمكن فيه شبهة ؛ وقد يتمكن الشبهة فيما كان سبيله العقل ، فيكون عنادهم أشد . وبعد ، فإنهم قد اتبعوا فرعون بما ادعى لنفسه من الألوهية بلا حجة وبرهان طلبوا منه ، وتركوا اتباع موسى - عليه السلام - بما ادعى من الرسالة بعدما أقام على ذلك من البينات والحجج والبراهين ؛ فلذلك قال : " جعلت أرواح آل فرعون في أجواف طير سود يعرضون على النار كل يوم مرتين ، يقال : يا آل فرعون ، هذه داركم " ، قال عبد الله : فذلك عرضها ، فإن ثبت هذا عن ابن مسعود - رضي الله عنه - كان لهم أشد العذاب ، والله أعلم .