Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 40, Ayat: 66-68)
Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله - عز وجل - : { قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لَمَّا جَآءَنِيَ ٱلْبَيِّنَـٰتُ مِن رَّبِّي } . كان الكفرة دعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عبادة ما عبدوا هم من الأصنام ، فقال : إني نهيت عن ذلك ، وهو كما ذكر في غير آي من القرآن ، حيث قال : { قُلْ إِنِّيۤ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ ٱللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ ٱلدِّينَ } [ الزمر : 11 ] ، وقوله - عز وجل - : { وَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُشْرِكَينَ } [ الأنعام : 14 ] وغير ذلك من الآيات . وقوله : { لَمَّا جَآءَنِيَ ٱلْبَيِّنَـٰتُ مِن رَّبِّي } ، يحتمل وجهين : إن كان المراد من البينات القرآن أو الآيات التي جعلت معجزة له ، على ما قاله أهل التأويل - فهو على التأكيد والإبلاغ ، فإنه كان النهي عن عبادة غير الله تعالى والشرك بالله لازماً قبل مجيء الرسل وما أتوا من البينات على ما تقدم ، والله أعلم . والثاني : يحتمل قوله : { لَمَّا جَآءَنِيَ ٱلْبَيِّنَـٰتُ مِن رَّبِّي } : العقل الذي يعرف به ذلك ، ويكون قوله : { جَآءَنِيَ } أي : ظهر لي ؛ كقوله تعالى : { جَآءَ ٱلْحَقُّ } [ الإسراء : 81 ] أي : ظهر الحق ، والله أعلم . وقوله : { وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } . أي : أمرت أن أجعل الخلق وكل شيء لله سالماً خالصاً لا أشرك فيه غيره ، والله الموفق . وقوله : { هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ } بذكرهم الوجوه التي بها يوصل إلى معرفة شكر ما أنعم عليهم ؛ قال : { هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن تُرَابٍ } أي : خلق أصلكم من تراب ، { ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ } أي : خلقكم من نطفة ، يذكرهم هذا ؛ ليعلم خلقه إياهم من تراب - أعني : خلق أصلهم ليس باستعانة منه بذلك التراب ؛ لأنه لو كان على الاستعانة منه ، لكان لا معنى لخلق أنفسهم من الماء على الصورة التي جعلهم من تراب وعلى جنسه ؛ إذ ليس في الماء من آثار التراب شيء ، ولا في الماء والنطفة من آثار العلقة شيء ، ولا في العلقة من آثار الطفولية شيء من اللحم والعظم والجلد والشعر وغير ذلك ، ليس في التراب معنى الماء ولا في الماء معنى التراب ، ولو كان على الاستعانة بذلك لكان المخلوق من أحدهما لا يكون مثل المخلوق من الآخر في تركيبه وتصويره ، وهما يختلفان في أنفسهما ، وكذلك ما ذكر من تقلبه من حال إلى حال وتبديله من نوع إلى نوع ، وليس في كل [ حال ] يقلب إليها من الحال التي كانت شيء ولا من شبهها ؛ ليعلم أن كل ذلك إنما كان بقدرة ذاتية وعلم ذاتي وتدبير ذاتي كذلك ، لا باستعانة شيء مما ذكر ولا سبب له في ذلك ، ولكن كان بمعنى جعل فيه كان ذلك كذلك بوجود ذلك المعنى ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { ثُمَّ لِتَـبْلُغُوۤاْ أَشُدَّكُـمْ } أي : تبلغوا حتى يشتد كل شيء منكم من البينة والعقل وغير ذلك . وقوله : { ثُمَّ لِتَكُـونُواْ شُيُوخاً وَمِنكُمْ مَّن يُتَوَفَّىٰ مِن قَبْلُ } . أي : منكم من يتوفى من قبل أن يبلغ شيخاً . وقوله : { وَلِتَبْلُغُوۤاْ أَجَلاً مُّسَمًّى } . أي : لتبلغوا الأجل الذي جعل لكم . وقوله : { وَلَعَلَّـكُمْ تَعْقِلُونَ } : ما بين لكم وذكر لكم . وقوله : { هُوَ ٱلَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ } . أي : وهو الذي يخلق حياة كل شيء ويخلق موت كل شيء ، وعلى قول المعتزلة : يجوز أن يسمى كل عبد : محييا مميتاً ؛ لقولهم : إن القتيل ليس بميت بأجله ، بل ميتة القاتل ، وقولهم : إن المتولدات من الفعل هي فعل ذلك الفاعل ؛ فعلى قولهم هذا يجوز تسمية كل أحد : محيياً مميتاً . وقوله - عز وجل - : { فَإِذَا قَضَىٰ أَمْراً فَإِنَّمَا } . يترجم بقوله : { كُن } من غير أن كان منه كاف ونون ، فذلك تكوينه - والله الموفق - وقد ذكرنا هذا فيما تقدم على الإبلاغ .