Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 35-37)
Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله - عز وجل - : { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱبْتَغُوۤاْ إِلَيهِ ٱلْوَسِيلَةَ } . يحتمل أن تكون الآية صلة ما مضى من الآيات ؛ من ذلك قوله - تعالى - : { إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ ٱلآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلْمُتَّقِينَ } ، أخبر أنه إنما يتقرب بقربانه المتقي ، وقال : { إِنَّمَا جَزَآءُ ٱلَّذِينَ يُحَارِبُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ … } الآية ، ثم قال تعالى : { وَٱبْتَغُوۤاْ إِلَيهِ ٱلْوَسِيلَةَ … } : أي : ابتغوا بتقوى الله عن معاصيه القربة والوسيلة . و { ٱلْوَسِيلَةَ } : القربة وكذلك الزلفة ، يقال : توسل إليَّ بكذا ، أي : تقرب ؛ وهو قول القتبي ، وقوله : { وَأُزْلِفَتِ ٱلْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ } [ الشعراء : 90 ] : أي : قربت . وقوله - عز وجل - : { وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ … } الآية . يحتمل هذا وجهين : أحدهما : جاهدوا أنفسكم في صرفها عن معاصيه إلى طاعته ؛ وهو كقوله - تعالى - : { وَٱلَّذِينَ جَاهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا } [ العنكبوت : 69 ] . ويحتمل : أن جاهدوا مع أنفسكم وأموالكم أعداء الله في نصرة دينه ، وبالله التوفيق . وقوله - عز وجل - : { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَّا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُواْ بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ } كان الذي يمنعهم عن الإسلام والإيمان بالله وبالرسل قضاء شهواتهم ، وطلب العزة والشرف بالأموال ، فأخبر : { لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَّا فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُواْ بِهِ } ؛ في صرف العذاب عن أنفسهم { مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ } ، ولا ينفعهم ذلك ، يذكر هذا - والله أعلم - ليصرفوا أنفسهم عن معاصي الله ، والخلاف له بأدنى شيء يطلبون من الأموال والشهوات ، وأخبر أنه لو كان لهم ما في الأرض ومثله معه ليفتدوا بعذاب يوم القيامة ، ما نفعهم ذلك ، وما تقبل منهم . والحكمة في ذكر هذا - والله أعلم - ليعلموا أن الآخرة ليست بدار تقبل فيها الرشا كما تقبل في الدنيا . وقوله - عز وجل - : { وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } . دل هذا على أن من العذاب ما لا ألم فيه من نحو الحبس والقيد ، فأخبر أن عذاب الآخرة أليم كله ، ليس كعذاب الدنيا : منه ما يكونُ ، أليماً ومنه ما لا يكون . وقوله - عز وجل - : { يُرِيدُونَ أَن يَخْرُجُواْ مِنَ ٱلنَّارِ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنْهَا … } الآية . يحتمل قوله - عز وجل - : { يُرِيدُونَ أَن يَخْرُجُواْ مِنَ ٱلنَّارِ } : أي : يطلبون ويسألون الخروج منها من غير عمل الخروج نفسه . ويحتمل قوله - تعالى - : { يُرِيدُونَ أَن يَخْرُجُواْ مِنَ ٱلنَّارِ } ولكن يردون ويعادون إلى مكانهم ؛ كقوله - تعالى - : { كُلَّمَآ أَرَادُوۤاْ أَن يَخْرُجُواُ مِنْهَآ أُعِيدُواْ فِيهَا } [ السجدة : 20 ] أي : يجتهدون في الخروج منها { أُعِيدُواْ فِيهَا } ؛ فيه دليل أنهم يعملون عمل الخروج ؛ ولكن يردون ويعادون فيها .