Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 5, Ayat: 6-7)
Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله - عز وجل - : { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى ٱلصَّلاةِ فٱغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى ٱلْمَرَافِقِ } : لو حملت الآية على ظاهرها لكان لا سبيل لأحد [ على ] القيام [ بأداء ] ما فرض الله عليه من الصلاة ؛ لأنه كلما قام إلى الصلاة يلزمه الوضوء ؛ فلا يزال يبقى فيه ، لكنها على الإضمار ؛ كأنه قال : " إذا قمتم إلى الصلاة وأنتم محدثون ، فاغسلوا وجوهكم وأيديكم [ إلى المرافق ] " ؛ وإلا فظاهر الآية يوجب ما ذكرنا ، لكن الحدث مضمر فيه . ومن الناس من يوجب الوضوء لكل صلاة بظاهر هذه الآية ، وقد جاء عن الصحابة - رضوان الله عليهم أجمعين - الفعل بذلك : روي عن أبي بكر ، وعمر ، وعثمان - رضي الله عنهم - أنهم توضئوا لكل صلاة . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو ذلك ، وروي " أن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - صلى الظهر ، ثم قعد في الرحبة ، فلما حضرت العصر دعا بكوز من ماء ، فغسل يديه ووجهه وذراعيه ورجليه ، وشرب فضله ، وقال : " هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل " ، وقال : " هَذَا وُضُوءُ مَنْ لَمْ يُحْدِثْ " " . وروي عن عبيد بن عمير ، أنه كان يتوضأ لكل صلاة ، وتأول هذه الآية . وروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - " أنه كان يتوضأ لكل صلاة ، فلما كان يوم فتح مكة ، صلى الصلوات كلها بوضوء واحد ؛ فقال عمر - رضي الله عنه - يا رسول الله ، إنك فعلت شيئاً لم تكن تفعله ؟ فقال : " إِنِّي عَمْداً فَعَلْتُهُ يَا عُمَرُ " " وروي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لَوْلاَ أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لأَمَرْتُ فِي كُلِّ صَلاَةٍ الوُضُوءَ ، وَمَعَ كُلِّ وُضُوءٍ السِّوَاكَ " . وكل ما روي من الأخبار بالوضوء لكل صلاة ، هو على الفضل عندنا والاستحباب لا على الحتم ؛ ألا ترى أنه روي عن [ النبي - صلى الله عليه وسلم ] - " أنه صلى الصلوات كلها بوضوء واحد ، وقال : " إِنِّي عَمْداً فعَلْتُهُ " " ؛ دل ذلك [ على ] ما ذكرنا . وقد يحتمل تأويل الآية معنى آخر : ما روي عن بعض الصحابة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراق ماء نكلمه فلا يكلمنا ، ونسلم عليه فلا يرد علينا حتى يأتي أهله فيتوضأ وضوءه للصلاة ؛ فقلنا له في ذلك ؛ حتى نزلت آية الرخصة [ في قوله تعالى ] : { يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى ٱلصَّلاةِ } ؛ فهذا يدل أن معنى الآية على الإضمار : إذا قمتم إلى الصلاة وأنتم محدثون ، فاغسلوا وجوهكم وأيديكم . وروي في تأويل الآية : إذا قمتم من المضجع إلى الصلاة ، فاغسلوا وجوهكم . وقد رويت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة بإيجاب الوضوء من النوم ؛ فكان ذلك شاهداً لهذا التأويل : روي عن ابن عباس عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان ينام ، ثم يصلي الصبح ولا يتوضأ ؛ فسُئل عن ذلك ؟ فقال : " إِنِّي لَسْتُ كَأَحَدٍ مِنْكُمْ ؛ إِنَّهُ يَنَامُ عَيْنَايَ ولاَ يَنَامُ قَلْبِي ، وَلَوْ أَحْدَثْتُ لَعَلِمْتُ " . وروي عن صفوان بن عسال قال : " إذا كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر يأمرنا ألا ننزع خفافنا إذا أدخلناهما طاهرتين ، ولا نخلعهما من غائط ، ولا بول ولا نوم ، إلا من جنابة " . فهذه الأحاديث توجب الوضوء من النوم مجملاً ، وجاء حديث آخر مفسراً بإيجاب الوضوء إذا نام مضطجعاً : روي عن ابن عباس - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " لَيْسَ عَلَى مَنْ نَامَ قَاعِداً وُضُوءٌ حَتَّى يَضْطَجِعَ ، فَإِذَا اضْطَجَعَ اسْتَرَخَتْ مَفَاصِلُهُ " . [ فهذا يفسر ] الأخبار التي جاءت مجملة . وقد جاءت الأخبار أنه إذا نام في الصلاة قائماً أو قاعداً أو ساجداً ، فلا وضوء عليه ؛ فيدل ذلك على أن النوم في الصلاة ليس بحدث . وروي عن ابن عمر - رضي الله عنه - قال : لا يجب الوضوء حتى يضع جنبه وينام . فهذا يؤيد ما قلنا مع ما اجتمع أهل العلم في أن الوضوء ليس بواجب على من قام إلى الصلاة وهو غير محدث ؛ فكان التأويل ما ذكرنا . وقوله - عز وجل - : { فٱغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ } . [ الخطاب من ] الله - عز وجل - بغسل الوجه : ما يعرف أهله الوجه ؛ فالتكلم فيه والتحديد أنه من كذا إلى كذا فضل تكلم . والأمر بالغسل يرجع إلى ما ظهر وعرف أهله أنه وجه ، وكذلك الأمر بمسح الرأس ، يرجع إلى ما عرف أهله أنه رأس ، وليس كالأذنين ؛ لأن معرفة الأذنين أنهما من الرأس سمعي ؛ لأنهما لا تعرفان أنهما من الرأس إلا بالسمع ، وكذلك الأمر بغسل اليد ، وغسل الرِّجل ، يقع على ما يعرف الناس ، وعرف الناس اليد إلى الإبط ، والرجل إلى الركبة ؛ فخرج ذكر المرافق في غسل الأيدي على إخراج ما وراء المرافق ، وكذلك ذكر الكعب في الرجل ؛ لإخراج ما وراء الكعب ؛ لأن اسم اليد على الإطلاق يقع من أطراف الأصابع إلى الإبط . وقوله - عز وجل - : { وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى ٱلْكَعْبَينِ } . قرءوا بالنصب ، وقرءوا بالخفض : قال بعضهم : من قرأ بالنصب ، فهو يرجع إلى الغسل ؛ نسقاً على الوجه ، وبالخفض يرجع إلى المسح : مسح الخفاف ؛ نسقاً على مسح الرأس ، لكن هذا بعيد ؛ لأنه تناقض : لا يجوز أن يأمر بالغسل والمسح جميعاً . ومعنى الخفض ؛ لقرب جواره بقوله - تعالى - : { وَٱمْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ } ، وقد يجوز ذلك ؛ نحو قوله تعالى : { وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ * وَحُورٌ عِينٌ * كَأَمْثَالِ ٱللُّؤْلُؤِ ٱلْمَكْنُونِ } [ الواقعة : 21 - 23 ] ، فمن قرأ بالخفض إنما قال : لقرب الجوار بالخفض ؛ فعلى ذلك الأول ، ثم الحكمة من الأمر بغسل هذه الأعضاء ؛ ليذكرهم تطهير باطنهم . والمعنى في غسل هذه الأعضاء الظاهرة - والله أعلم - لمعنيين : أحدهما : [ أما اليد ] ؛ شكراً لما بها يتناول ويقبض . وأما الرجل ؛ لما بها يمشي ، وبها يصل إليه . والوجه ؛ لأنه مجمع الحواس التي بها يعرف عظيم نعم الله - عز وجل - من نحو : البصر ، والفم ، وغيرهما من الحواس التي يكون بها التلذذ والتشهي . أو أمر بذلك ؛ تكفيراً لما ارتكب بهذه الحواس من الإجرام ؛ لأنه بها يُرتكب جُلُّ الآثام ، وبها يوصل إليها من : المشي ، والقبض ، وغير ذلك . وقوله - عز وجل - : { وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَٱطَّهَّرُواْ } . قيل : اغتسلوا : تأخذ الجنابة الظواهر من البدن وبواطنه ، والحدث لا يأخذ إلا الظواهر من الأطراف ؛ لأن السبب الذي يوجب الجنابة لا يكون إلا باستعمال جميع ما فيه من القوة ؛ ألا ترى أنه به يضعف إذا أكثره وبتركه . يقوى ؟ ! فعلى ذلك أخذ جميع البدن ظاهره وباطنه . وأما الحدث : فإن سببه يكون بظواهر هذه الأطراف ، من نحو : الأكل والشرب ، والحدث ليس باستعمال كل البدن ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَآءَ أَحَدٌ مِّنْكُمْ مِّنَ ٱلْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ ٱلنِّسَآءَ … } الآية . ذكر المرض والسفر والمجيء من الغائط ، والملامسة ، ثم الحكم لم يتعلق باسم المرض ولا باسم السفر ؛ ولكن باسم الغائط ، ولكن كان متعلقاً لمعنى فيه ؛ ففيه دلالة جواز القياس ؛ لأنه ذكر الغائط والمجيء منه ، والغائط : هو المكان الذي تقضى فيه الحاجات ، والمراد منه : المعنى وهو قضاء الحاجات ؛ فهذا أصل لنا أن النص إذا ورد لمعنى ، فوجد ذلك المعنى في غيره - وجب ذلك الحكم في ذلك الغير ، فإذا عدم الماء في المكان الذي يعدم ، وإن لم يكن سفراً - يجوز التيمم فيه ؛ وكذلك إذا خاف الضرر من الماء - جاز له التيمم ، [ وإن لم يكن ] مريضاً ؛ لأنه ليس أباح ذلك للمريض باسم المرض ولا باسم السفر ؛ ولكن لمعنى فيه . وقوله - عز وجل - : { أَوْ لاَمَسْتُمُ ٱلنِّسَآءَ } : قد ذكرنا فيما تقدم أن الملامسة : هي الجماع ؛ كذلك روي عن علي وابن عباس - رضي الله عنهما - وقال ابن عباس : " الملامسة والمباشرة والإفضاء والرفث والغشيان كله جماع ، ولكن الله كريم يكني " . وقوله - عز وجل - : { فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً } . جعل الطهارة بالماء والتراب ؛ لأنه بهما معاش الخلق ، وبهما قوام الأبدان ، حتى جعل جميع أغذية الخلق وجل مصالحهم منهما ؛ فعلى ذلك جعل قيام هذه العبادات بهما ، والله أعلم . ثم الحكمة في وجوب الطهارة وجهان : أحدهما : ما ذكرنا : أن يذكرهم طهارة الباطن . والثاني : تكفيراً لما ارتكبوا بهذه الجوارح من الإجرام ، أو شكراً لما أنعم عليهم من المنافع التي جعل لهم فيها من القبض والبسط ، والتناول والأخذ والمشي ، وغير ذلك مما يكثر . ثم الحكمة في جعل الطهارة في أطراف البدن للتزين والتنظيف ؛ لأنه يقدم على الملك الجبار ، ويقوم بين يديه ويناجيه ، ومن أتى ملكاً من ملوك الأرض يتكلف التنظيف والتزيين ، ثم يدخل عليه ؛ فعلى ذلك هذا ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { وَإِن كُنتُم مَّرْضَىۤ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَآءَ أَحَدٌ مِّنْكُمْ مِّنَ ٱلْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَلَمْ تَجِدُواْ مَآءً فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً } : قال عبد الله بن مسعود وعمر - رضي الله عنهما - : " الملامسة : ما دون الجماع " ، وقالا : " إن الجنب لا يتيمم ، وإن لم يجد الماء شهراً " . وإنما قالا : " إنه لا يتيمم " ؛ لما قالا : " إن اللمس ما دون الجماع " ؛ فلم يدخل الجنب في هذه الآية ، فأوجبوا عليه الغسل بقوله - تعالى - : { وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَٱطَّهَّرُواْ } ، وجعلا قول الله - تعالى - : { وَلاَ جُنُباً إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغْتَسِلُواْ } [ النساء : 43 ] على مرور الجنب في المسجد ، ولم يجعله على أنه يصلي إذا كان مسافراً ولم يجد الماء بالتيمم ، فهذا الذي منع عبد الله أن يطلق للجنب أن يصلي بالتيمم على [ كل ] حال . فأمل علي وابن عباس - رضي الله عنهما - فإنهما جعلا اللمس الذي ذكره الله - تعالى - في هذه الآية الجماع ، وقالا : " كنى الله - تعالى - عن الجماع بالمسيس والغشيان والمباشرة " ، وجعل قول الله - تعالى - : { إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغْتَسِلُواْ } [ النساء : 43 ] في المسافر الذي لم يجد الماء وهو جنب . وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أنه أذن للجنب من الجماع أن يتيمم : إذا لم يجد الماء ؛ فكان ذلك حجة على من منع الجنب من التيمم " . ثم قول الشافعي قول ثالث خارج عن قول الصحابة والسلف جميعا - رضوان الله عليهم أجمعين - لأنه يزعم أن اللمس هو الجماع وما دونه ، فذلك ابتداع في الآية قولاً وتفسيراً ؛ خالف فيه ما روي في تفسيرها عن الصحابة جملة والسلف ؛ لذلك كان مخطئاً مبتدعاً ، وأصله أن الله - تعالى - ذكر الوضوء وأمر به في الآية ، وهو قوله - تعالى - : { إِذَا قُمْتُمْ إِلَى ٱلصَّلاةِ فٱغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ … } الآية : ولم يذكر الحدث ، وأمر بالاغتسال من الجنابة ، وهو قوله : { وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَٱطَّهَّرُواْ } ولم يذكر من أيِّ جنابة ؟ ثم ذكر الحدث في قوله : { أَوْ جَآءَ أَحَدٌ مِّنْكُمْ مِّنَ ٱلْغَائِطِ } ؛ فعلى ذلك قوله - تعالى - : { أَوْ لاَمَسْتُمُ ٱلنِّسَآءَ } كان بياناً لما تقدم من الأمر بالاغتسال من الجنابة ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً } ، قيل : اقصدوا صعيداً طيباً ، والصعيد : هو وجه الأرض . وقوله : { طَيِّباً } قال بعضهم : الطيب : ما يُنبت من الزرع وغيره . وقال آخرون : الطيب - هاهنا - هو الطاهر ؛ روي عن رسول الله صلى الله عليه سلم قال : " جُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ مَسْجِداً وَطَهُوراً ، أَيْنَمَا أَدْرَكَتْنِيَ الصَّلاَةُ تَيَمَّمْتُ وَصَلَّيْتُ " أخبر أن الأرض جعلت له مسجداً وطهوراً ؛ فكان قوله : " طهوراً " تفسيراً لقوله : " طيباً " ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { فَٱمْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ } . قد ذكرنا فيما تقدم أن التيمم ضربتان : ضربة للوجه ، وضربة لليدين إلى المرفقين . وقوله - عز وجل - : { مَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ } . يحتمل هذا وجهين : يحتمل ما يريد أن يضيق عليكم ليأمركم بحمل الماء إلى حيثما كنتم في الأسفار وغيره ؛ [ ولكن جعل لكم التيمم ، ورخص لكم أن تؤدوا ما فرض عليكم به ، ولم يكلفكم حمل الماء في الأسفار وغيره ، ] والله أعلم . ووجه آخر : ما أراد الله بما تعبدكم من أنواع العبادات أن يجعل عليكم من حرج ؛ ولكن أراد ما ذكر . وقوله - عز وجل - : { وَلَـٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ } . يحتمل يريد ليطهركم به : بالتوحيد والإيمان به وبالرسل جميعاً . ويحتمل قوله : { يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ } من الذنوب والآثام التي ارتكبوها ؛ كقوله - تعالى - : { إِنَّ ٱلْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ ٱلسَّـيِّئَاتِ } [ هود : 114 ] . ويحتمل : التطهير من الأحداث والجنابات كما قال أهل التأويل . وقوله - عز وجل - : { وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ } . تمام ما ذكرنا من التوحيد والإيمان والهداية لدينه ، والتكفير مما ارتكبوا ، ويجوز أن يكون هذا في قوم علم الله أنهم يموتون على الإيمان ؛ حيث أخبر أنه يتم نعمته عليهم . وقوله - عز وجل - : { وَٱذْكُرُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ } . أمر - والله أعلم - بشكر ما أنعم عليهم من أنواع النعم . { وَمِيثَاقَهُ ٱلَّذِي وَاثَقَكُم بِهِ } . يحتمل الميثاق : ميثاق الخلقة وشهادتها ؛ إذ خِلْقَةُ كُلِّ أحد تشهد على وحدانيته وربوبيته . ويحتمل الميثاق الذي ذكر : ميثاق قول قالوه وقبلوا ما دعوا إليه . وقوله : { إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا } قال بعضهم : أجبنا دعوتك ، وأطعنا أمرك . وقال آخرون : سمعنا قولك ، وأطعنا أمرك . وقوله - عز وجل - : { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } . في ترك ما أمركم ربكم ، وارتكاب ما نهاكم . { إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ } . وهو على الوعيد .