Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 58, Ayat: 9-13)

Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله - عز وجل - : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلاَ تَتَنَاجَوْاْ بِٱلإِثْمِ وَٱلْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ ٱلرَّسُولِ وَتَنَاجَوْاْ بِٱلْبِرِّ وَٱلتَّقْوَىٰ } . إن أهل التأويل صرفوا الآية إلى المنافقين ، وعندنا يحتمل صرف النهي إلى المؤمنين عن التناجي بمثل ما تناجوا أولئك ، أي : لا تتناجوا أنتم يأهل الإيمان فيهم بالإثم والعدوان كما تناجوا فيكم ، يقول : لا تجازوهم بالذي فعلوا هم بكم ، ولكن تناجوا فيهم بالبر والتقوى ، وهو كقوله - تعالى - : { وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ } [ المائدة : 2 ] : نهى المؤمنين أن يجازوهم جزاء الاعتداء الذي كان منهم من صدهم عن المسجد الحرام ؛ بل أمرهم [ بالتعاون ] على البر والتقوى ، قال : { وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلْبرِّ وَٱلتَّقْوَىٰ } [ المائدة : 2 ] ، فعلى ذلك يحتمل هذا ، والله أعلم . وجائز أن يكون في المؤمنين حقيقة على الابتداء ؛ نهيا منه لهم ، يقول : إذا تناجيتم فلا تتناجوا فيما يؤثمكم ويحملكم على العدوان : على المجاوزة عن الحد ، ومعصية الرسول فيما يأمركم وينهاكم ، { وَتَنَاجَوْاْ بِٱلْبِرِّ وَٱلتَّقْوَىٰ } : يحتمل كل أنواع الخير ، وأما التقوى فهو كل ما يقون به أنفسهم عن النار ، وقد تقدم ذكره . وقوله - عز وجل - : { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِيۤ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } . جائز أن يكون هذا الخطاب لهم - أعني : المؤمنين والكافرين الذين يقرون بالحشر - لأن أهل الكتاب وبعض المشركين يقرون بالبعث ، وبعض المشركين ينكرون مع الدهرية . وقوله - عز وجل - : { إِنَّمَا ٱلنَّجْوَىٰ مِنَ ٱلشَّيْطَانِ } . أي : النجوى الذين كانوا يتناجون بالإثم والعدوان ومعصية الرسول ، ليس كل نجوى على ظاهر ما يخرج الخطاب عامّاً ؛ ولكن يرجع إلى النجوى التي ذكرنا ، وهو الذي نهوا عنه . ثم قوله : { إِنَّمَا ٱلنَّجْوَىٰ مِنَ ٱلشَّيْطَانِ } جائز أن يكون معناه : ابتداء النجوى في الشر من الشيطان ، وهو ما ذكر في بعض القصة أن الله - تعالى - لما خلق آدم - عليه السلام - قال إبليس للملائكة : أرأيتم إن فضل هو عليكم ما تصنعون ؟ فأجابوه بما أجابوا ؛ فقال هو : إن فضلت عليه لأهلكنه ، وإن فضل هو علي لأعاديه ، فقد ناجاهم في أمر آدم - عليه السلام - بالشر ، فكان أول النجوى في الشر من الشيطان . وقوله - عز وجل - : { لِيَحْزُنَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } . لولا أن الشيطان في حال الحزن يكون أملك على إفسادهم وإخراجهم من أمر الله - تعالى - وإدخالهم في نهيه ؛ وإلا لم يكن لقوله : { إِنَّمَا ٱلنَّجْوَىٰ مِنَ ٱلشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } معنى ؛ فدل أنه - لعنه الله - في حال الحزن والغضب أملك وأقدر من حال السرور والسعة ، لكنه بما يدعوه إلى اللذات ويمنيه أشياء كان قصده من ذلك أن يوقعه في الضيق والشدة لما هو عليه أقدر في تلك الحال ؛ ولذلك قال لآدم وحواء - عليهما السلام - : { هَلْ أَدُلُّكَ عَلَىٰ شَجَرَةِ ٱلْخُلْدِ وَمُلْكٍ لاَّ يَبْلَىٰ } [ طه : 120 ] تلقاهم بالغرور بالذي ذكر ، ومناهم ما ذكر ، وكان قصده من ذلك إبداء عورتهما وإيقاعهما في الضيق والبلاء ؛ حيث قال : { فَأَكَلاَ مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا … } الآية [ طه : 121 ] ، مكن الله - تعالى - إبليس من الشر بالذي ذكرنا ، ولم يمكن له من إفساد الطعام واللباس والأشربة ونحو ذلك ، وهو دون الأول ، وذلك أكثر ، لكن هذا في الضرر الدنياوي أكثر ؛ فلم يمكنه من إفساد هذه الأشياء تفضلا منه وإحساناً عليهم ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { وَلَيْسَ بِضَآرِّهِمْ شَيْئاً إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ } . أي : ليسوا بضارين لهم فيما يتناجون من الكيد بهم والمكر ، والله أعلم . ثم قال : { وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ } . أي : في دفع من قصدهم من الكيد بهم والمكر والهلاك ، وعليه يتوكلون في النصر لهم والمعونة على أعدائهم ، والتوفيق لهم في كل خير ، وكل هذا وصف المؤمنين وأما المعتزلة ، فهم بمعزل عن هذه الآية ، وكذلك : المؤمنون على قولهم غير متوكلين على الله ؛ لأنهم يقولون : إن الله - تعالى - قد أعطى كلا من النصر والمعونة ما ينتصر على أعدائه وينتقم منهم حتى لا يبقى عنده مزيد ما ينصرهم ويعينهم على شيء ؛ فعلى قولهم لا يقع للمؤمنين في التوكل على الله - تعالى - شيء ؛ لأنه ليس عنده ما ينصرهم ولا ما يعينهم ، فعلى ماذا يتوكلون عليه على قولهم إذا لم يملك ما ذكرنا ، ومن قولهم : إن على الله - تعالى - أن يعطي من المعونة والتوفيق حتى لا يبقى عنده مزيد بشيء فلو منع شيئاً من ذلك لم يعطهم يكون جائراً ، ثم إذا أعطاهم ما ذكروا ، ولا يهتدون ولا ينتصرون ، والله - تعالى - قال : { إِن يَنصُرْكُمُ ٱللَّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ } [ آل عمران : 160 ] ، وقال : { مَن يَهْدِ ٱللَّهُ فَهُوَ ٱلْمُهْتَدِي } [ الأعراف : 178 ] ؛ فدل أن ما قالوا مخالف للكتاب . ثم اختلف في اشتقاق النجوى : فمنهم من قال : هو من النجوة ، وهو المكان العالي المرتفع : وذلك أنهم كانوا يقومون في مكان مرتفع فيتحدثون فيه فإذا رأوا من قصد بهم فيتفرقون ، أو كلام نحو هذا معناه . ومنهم من قال : التناجي : التخالي بما ذكروا ، فيكون معنى قوله : { إِذَا تَنَاجَيْتُمْ } أي : إذا تحاليتم فلا تتخالوا بما ذكر . وقال القتبي : التناجي من التشاور ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُواْ فِي ٱلْمَجَالِسِ فَٱفْسَحُواْ يَفْسَحِ ٱللَّهُ لَكُمْ … } الآية . يخرج على وجهين : أحدهما : وإذا قيل لكم تأخروا في المجلس فتأخروا ، { وَإِذَا قِيلَ ٱنشُزُواْ فَانشُزُواْ } ، أي : ارتفعوا وتقدموا ؛ فيكون قوله : { تَفَسَّحُواْ } إذا كان الحضور أولا هم الذين همتهم السماع والعمل به ثم جاء من يريد التفقه فيه ، فقيل لهم : تأخروا ؛ حتى يقرب من يصير إماماً للناس وفقيهاً لهم . وإذا كان الحضور هم الذين همتهم أن يكونوا هم الأئمة ، ثم جاء بعد ذلك من كان همتهم السماع والعمل به ، قيل للذين تقدموا أولا : ارتفعوا وتقدموا حتى يسمع من حضر بعدكم قول النبي صلى الله عليه وسلم ، والله أعلم . والثاني : أنه إذا كان في المجلس أدنى سعة وفسحة ما يمكن تمكين غيره بالتحريك والتفسح دون القيام يقال لهم : تفسحوا . وإذا لم يمكن ذلك إلا بالقيام قيل لهم : قوموا وارتفعوا وتقدموا . وقوله : { يَفْسَحِ ٱللَّهُ لَكُمْ } يحتمل وجوهاً : أحدها : يفسح الله لكم في القبر ، أو في الآخرة في الجنة ، أو يفسح الله لكم في المجلس أو يفسح لكم فسحة القلب وتوسعة للعلم والحكم ، والله أعلم . وقال الحسن : { إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُواْ فِي ٱلْمَجَالِسِ } ، أي : في القتال والحرب ، { وَإِذَا قِيلَ ٱنشُزُواْ فَانشُزُواْ } ، أي : إذا قيل : انهزوا إلى العدو فانهزوا . قال قتادة : أي : إذا دعيتم إلى خير أو صلاة فأجيبوا . وقيل : هو كل خير : من قتال عدو ، أو أمر بمعروف ، أو نهي عن منكر ، أو حق كائناً ما كان ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { يَرْفَعِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ دَرَجَاتٍ } . أخبر أنه يرفع الله الذين آمنوا ، وأخبر أنه يرفع الله الذين أوتوا العلم من المؤمنين على الذين لم يؤتوا العلم درجات ؛ لفضل العلم على سائر العبادات من الجهاد وغيره ؛ ألا ترى أنه قال في آية الجهاد : { فَضَّلَ ٱللَّهُ ٱلْمُجَٰهِدِينَ بِأَمْوَٰلِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى ٱلْقَٰعِدِينَ دَرَجَةً } [ النساء : 95 ] جعل للمجاهدين على القاعدين فضل درجة ، وللذين أوتوا العلم على الذين لم يؤتوا درجات ؛ ليعلم فضيلة العلم على غيره ، وكذلك قوله - تعالى - : { فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي ٱلدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوۤاْ إِلَيْهِمْ } [ التوبة : 122 ] . قال بعضهم : إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجلس قوماً عند نفسه ؛ ليتفقهوا في الدين ، ويبعث قوماً سرايا ، حتى إذا رجع السرايا أنذرهم الذين تفقهوا في الدين وتعلموا من رسول الله صلى الله عليه وسلم . فإن كان التأويل هذا ؛ ففيه دلالة فضيلة العلم على الجهاد ؛ حتى أحوج أولئك إليهم . وقال بعضهم : كان ينفر من كل قوم طائفة ؛ ليتفقهوا في الدين ، فإذا رجعوا إلى قومهم أنذروا قومهم . وقال قتادة : إن بالعلم لأهله فضيلة ، وإن له على أهله حقّاً ، ولعمري الحق عليك أيها العالم أفضل ، والله يعطي كلا من فضل فضله . وقتادة يقول في قوله - تعالى - : { إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُواْ } : إنهم كانوا إذا رأوا أحدهم مقبلا يضنون بمجالسهم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر الله - تعالى - أن يفسح بعضهم لبعض . وقال مقاتل : أقبل نفر من الأنصار ممن شهد بدراً ، فسلموا على نبي صلى الله عليه وسلم ومن حوله ، فردوا السلام ، وضنوا بمجلسهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يوسعوا لهم ؛ فقال لهم رسول الله : " قم يا فلان ويا فلان " لنفر منهم من الذين لم يشهدوا بدراً ؛ فتكلم في ذلك المنافقون ؛ فنزلت هذه الآية ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا نَاجَيْتُمُ ٱلرَّسُولَ فَقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً } . يشبه أن يكون ما ذكر من مناجاة الرسول - عليه السلام - على وجوه ، والناس في مناجاته طبقات : أحدهم : يناجيه مسترشداً في أمر الدين ، وما ينزل به من النوازل . والآخر : يناجيه افتخاراً به على غيره من الناس ومباهاة منه ؛ ليعلم أن له خصوصية عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وفضلا له عنده ، وهو صنيع المنافقين . والفريق الثالث : يناجونه ؛ ليسمعوا الناس الكذب ويسمعوهم غير الذي سمعوا ، كقوله - تعالى - : { سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ } [ المائدة : 41 ] وهم اليهود وصنيعهم ما ذكر ؛ فجائز أن يخرج المناجاة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الوجوه التي ذكرنا . ثم ما ذكر من تقديم الصدقة على المناجاة يخرج على وجوه : أحدها : أمر بتقديم الصدقة ؛ لعظم قدر رسول الله صلى الله عليه وسلم والخصوصية له ، يطهر بتلك الصدقة ويصير أهلا لمناجاة بها ، وهو كالطهارة التي جعلها سبباً للوصول إلى مناجاة الرب ، سبحانه وتعالى . والثاني : لما خصهم بمناجاة الرسول ، وجعلهم أهلا لها ، أمرهم بتقديم الصدقة ؛ شكراً له منهم بذلك . والثالث : جائز أن يكون أمرهم بتقديم الصدقة ؛ امتحاناً منه إياهم ؛ ليظهر حقيقة أمرهم ، وهو ما جعل الأمر بالجهاد سبباً لظهور نفاقهم وارتيابهم في الأمر ؛ فكذلك الأول ، والله أعلم . وجائز أن يكون الأمر بالصدقة لأهل المناجاة على الذين كانت لهم حوائج عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمنعونه عن قضاء حاجاتهم بالاشتغال بالمناجاة ، أمرهم بالصلة لأولئك ؛ تطييباً لقلوبهم ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { ذَلِكَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَأَطْهَرُ } . أي : أن تقديم الصدقة أطهر لقلوبكم من ترك الصدقة . وقوله : { فَإِن لَّمْ تَجِدُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } . جائز أن يكون هذا الأمر لأهل الغناء دون الفقر ، حتى قال : { فَإِن لَّمْ تَجِدُواْ } ما تصدقون به ، { فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } . وقوله - عز وجل - : { ءَأَشْفَقْتُمْ أَن تُقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ } . قال عامة أهل التأويل : أي : أبخلتم يأهل الميسرة أن تقدموا بين [ يدي ] نجواكم صدقات ؟ وقوله - عز وجل - : { فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُواْ وَتَابَ ٱللَّهُ عَلَيْكُمْ } . أي : تجاوز عنكم إذ لم تفعلوا . { فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَاةَ } . أي : إذا لم تصدقوا تلك الصدقة فآتوا زكاة أموالكم . قال أهل التأويل : نسخ ما أمروا به من الصدقة عند المناجاة بما ذكر : من إقامة الصلاة ، وإيتاء الزكاة . وقوله - عز وجل - : { وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَٱللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } . هذا وعيد ، ثم في قوله : { إِذَا نَاجَيْتُمُ ٱلرَّسُولَ } دلالة قبول خبر الواحد ؛ لأنه يناجيه ولا يعلم به غيره ؛ دل أنه يقبل إذا أخبر به غيره . وفيه أن لا كل مناجاة تكون من الشيطان ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ناجى من ذكر ؛ فدل أن قوله : { إِنَّمَا ٱلنَّجْوَىٰ مِنَ ٱلشَّيْطَانِ } مصروف إلى ما سبق ذكره . وفيه ألا يفهم من ذكر اليد الجارحة لا محالة ؛ فإنه قال : { بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ } ، وليس للنجوى يدٌ ولا بين ، وكذلك قوله : { لاَّ يَأْتِيهِ ٱلْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ } [ فصلت : 42 ] ، ولم يشكل على أحد أنه لم يرد باليد الجارحة هاهنا ؛ فكيف فهم فيما أضيف إلى الله - تعالى - في قوله : { بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ } [ المائدة : 64 ] ، وقول رسول الله صلى لله عليه وسلم : " الصدقة تقع في يد الرحمن " الجارحة ، لولا فساد اعتقادهم في الله - تعالى - وتشبيههم إياه بالخلق . وقال قتادة : أكثروا النجوى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنعهم الله تعالى عنه ، فقال : { إِذَا نَاجَيْتُمُ ٱلرَّسُولَ فَقَدِّمُواْ بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً … } الآية . وعن علي - رضي الله عنه - أنه قال : أنا أول من عمل بها ، تصدقت بكذا ، ثم نزلت الرخصة .