Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 59, Ayat: 18-21)

Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله - عز وجل - : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } . الأصل إذا ذكرت حال بين العبد وبين سيده ، لم يكن بد من إضمار يدخل في ذلك ، مثاله قوله : { إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ } [ النحل : 128 ] ، يعني : أنه معهم في النصر والمعونة ، وقوله : { لَمَعَ ٱلْمُحْسِنِينَ } [ العنكبوت : 69 ] : في التوفيق والولاية . وكذلك قوله - عز وجل - : { ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } ؛ لأنه لا يحتمل أن يتقوا الله حتى يكون معهم في التقوى ؛ إذ ظاهر اللفظ يقتضي هذا ؛ كقوله : { وَكُونُواْ مَعَ ٱلصَّادِقِينَ } [ التوبة : 119 ] ، أي : في الصدق ، وإذا ثبت فيه الإضمار كان الوجه في ذلك أحد معانٍ : إما أن يقول : اتقوا حق الله - تعالى - أن تضيعوه ، أو اتقوا حده أن تعدوه وتبطلوه ، أو اتقوا سخطه واتقوا مخالفته ، أو اتقوا الأسباب التي تستوجبون بها مقت الله تعالى . ويحتمل أن يراد من التقوى في هذه الآية أوامره ونواهيه ، على ما وصفنا أن [ لفظ ] التقوى إذا أطلق جاز أن يراد به الأوامر والنواهي ، وإذا ذكر مقابلة أمر كان المعنى منه محارمه ونواهيه ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ } ، قال [ بعضهم ] : من عمل بما أمر في هذه الآية سلم من تبعات الآخرة ؛ لأنه إذا شعر قلبه أن الذي يفعله يقدمه لغد امتنع عن ارتكاب ما يجب أن يستحي منه أو يخرب عليه في ذلك الوقت ، وأتى بما يستر عليه ، والله أعلم . ويحتمل أن يكون معنى الآية على النظر لما قدمته نفسه للغد ، وذلك أنه إذا تذكر ، فنظر فيما قدمت نفسه للغد ، وذلك أنه دعاه إلى أحد أمرين : إما إلى التوبة عن السيئة التي قدمها أو إلى الشكر على الحسنة التي يتعاطاها ، وكل ذلك منه زيادة في الخير ، فكان الواجب ألا يغفل المرء عن ذلك ، والله أعلم . ويحتمل أن يكون هذا على المستأنف من الأفعال أنه ينظر فيما يريد أن يقدمه لغد ، فإن كانت عاقبته الهلاك : انتهى عنه ، وإن كانت عاقبته النجاة : مضى عليه وأتى به ، والله أعلم . ويحتمل قوله : { ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ } أن يكون المراد منه : الاتقاء عن ترك النظر لما تقدمه نفسه لغد ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } : ذكر قوله : { ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } مرة أخرى ، والآية واحدة ، يحتمل وجهين : أحدهما : أن يكون المراد من الأول : أن اتقوا مخالفة الله في أوامره ونواهيه ، وفي الثاني : اتقوا سخطه وعقوبته . والثاني : أنه خرج على التكرار على ما جرت العادة في الكلام في التكرير عند الوعيد على التأكيد ؛ كقوله - تعالى - : { هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ } [ المؤمنون : 36 ] ، وكقوله : { أَوْلَىٰ لَكَ فَأَوْلَىٰ * ثُمَّ أَوْلَىٰ لَكَ فَأَوْلَىٰ } [ القيامة : 34 - 35 ] ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } . فيه تحريض على المراقبة والتيقظ وقت فعله ؛ لأن من علم وقت فعله أن الله - تعالى - مطلع على ما يرتكبه من الذنوب ويقربه من الشرور ، امتنع عنها وازدجر ، وقالوا : في قوله - تعالى - : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } وعيد من أربعة أوجه : أحدها : في قوله : { ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } . والثاني : في قوله : { وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ } . والثالث : في قوله : { ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } . والرابع : في قوله : { إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } . ثم ذكر هذا الوعيد خرج بعدما خاطب المؤمنين ، كقوله - تعالى - : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ } ، فكان الوعيد في المؤمنين أكثر من الوعيد في الكفرة ، لكن المؤمنين يوعدهم عما هي معدة للكافرين ؛ لئلا يعملوا عملا يستوجبون بذلك ما أعد للكافرين ، وهو كقوله - تعالى - : { وَٱتَّقُواْ ٱلنَّارَ ٱلَّتِيۤ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ } [ آل عمران : 131 ] ، ثم إن الله - عز وجل - سمى الآخرة باسم الغد ؛ لسرعة مجيئه ، وسمى الدنيا باسم الأمس ؛ لسرعة فنائها ، وهو كقوله : { فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِٱلأَمْسِ } [ يونس : 24 ] ، فيذكرهم ويعظهم بهذه الآية ؛ ليتفكر كل أحد في نفسه ما به : خلق للعبث ، أم خلق لأمر عظيم ؟ على ما ذكره الله ، تعالى . وقوله - عز وجل - : { وَلاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ نَسُواْ ٱللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ } . قال بعض المفسرين : { نَسُواْ ٱللَّهَ } ، أي : نسوا العمل لله ، والنسيان هو الترك ، أي : تركوا العمل الواجب لله - تعالى - فأنساهم أنفسهم ، أي : خذلهم الله - تعالى - بما نسوا . ثم الوجه عندنا في الآية : أن ليس أحد من البشر يعمل عملا إلا وهو يأمل بذلك نفعاً لنفسه ؛ إذ من لا يعمل للنفع فهو عابث في الشاهد في ذلك العمل ؛ فهؤلاء الكفرة لما لم يأتمروا بأمر الله - تعالى - ولم يطيعوا ، وتركوا العمل له - صار تركهم العمل لله - والعمل له عمل لأنفسهم - فصاروا تاركين العمل لأنفسهم ؛ فكأنه قال : نسوا أنفسهم ؛ فصاروا منسيين . وقوله - عز وجل - : { فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ } ، أي : خلق فعل النسيان والترك فيهم : أضاف اختيار النسيان إليهم ، ثم أضاف الإنساء إلى نفسه وأثبت فعله فيه ، وليس هذا على أن تقدم منهم فعل النسيان ، ثم هو أنساهم بعد ذلك ؛ لكن على أن خلق ذلك فيهم وقتما اختاروا ذلك الفعل ، وهو كقولهم : هداه الله - تعالى - فاهتدى ، واهتدى فهداه الله ؛ فذلك كله في وقت واحد ؛ فكذلك هذا في الخذلان والنسيان : لما اختار هو فعل النسيان خلق الله - تعالى - ذلك النسيان فيه ، كما خلق الهداية والكفر باختياره ، ولا يجوز أن يحمل ذلك على تقدم بعض على بعض . وقوله - عز وجل - : { فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ } كقوله : { نَسُواْ ٱللَّهَ } ؛ إذ قوله - تعالى - هذا داخل في قوله : { نَسُواْ ٱللَّهَ } ؛ إذ العمل لله هو العمل لأنفسهم ، والعمل لأنفسهم هو العمل للذي أريد به وجه الله ؛ فلذلك قلنا بأن المراد منهما ما في الآخرة . ويحتمل وجهاً آخر ، وهو أنهم لما تركوا طاعة الله فخذلهم الله - تعالى - بتركهم أمر الله تركهم أنفسهم لهم [ فلم يهتدوا ] ثَمَّ للخيرات والطاعات ، وهذا من أشد العقوبات . ويحتمل أن يكون معناه : أي : يجازيهم في الآخرة جزاء ما عملوا بأن تركهم في الآخرة في العذاب الدائم ؛ فيكون ذلك جزاء لهم بما عملوا في الدنيا وبما تركوا من الإيمان بالله تعالى ، وهذان التأويلان يرجعان إلى ما ذكر من الخذلان فيما فعلوا ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { أُولَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَاسِقُونَ } . فالفسق هو الخروج عن أمر الله تعالى . وقوله - عز وجل - : { لاَ يَسْتَوِيۤ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ وَأَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ هُمُ ٱلْفَآئِزُونَ } . أي : الناجون ، والفوز : هو الظفر بالحاجة ، ثم قوله - عز وجل - : { لاَ يَسْتَوِيۤ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ وَأَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ } يحتمل وجهين : أحدهما : ألا يستووا في الدنيا ، أو لا يستووا في الآخرة ، فإن كان على الأول فمعناه : لا يستوي عمل أهل الجنة في الدنيا في العقول [ و ] عمل أهل النار ، إذ عمل أهل النار بالذي يستقبحه العقول ، وأما أفعال أهل الجنة الداعية إليها بالتي يستحسنها العقول ؛ لأن عمل هؤلاء بالذي ظهر بالبراهين والحجج ، وليس لعمل أولئك براهين وما أقيم بالبراهين والحجج فهو في العقول أحسن من الذي لا برهان عليه ، وكذلك كل عمل يستحق صاحبه عليه الثواب فهو في العقول مستحسن ، وما يستحق صاحبه عليه العقاب فهو في العقول مستقبح ؛ فلم يستويا . وأما الوجه الثاني : لا يستوي جزاء أهل النار [ و ] جزاء أهل الجنة ؛ إذ في الجنة النعيم الدائم وفي النار الشدة والنقمة الدائمة ؛ فلم يستويا ، يذكرهم الله - تعالى - هذا ؛ لينتهوا عن غفلتهم ، ويعملوا لله - تعالى - حتى يستوجبوا بها الثواب في الآخرة . وقوله - عز وجل - : { لَوْ أَنزَلْنَا هَـٰذَا ٱلْقُرْآنَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ ٱللَّهِ … } الآية . اختلف الناس في تأويل هذه الآية : [ قال بعضهم : هي ] على التمثيل ، وهي على التنبيه والتذكير ، وذهبوا في ذلك إلى أن العرب إذا استقبلهم أمر ، وأرادوا أن يصفوه بالعظم والشدة كانوا يضربون الأمثال بما يعظم ذلك عندهم وصفه - لم يكن يريدون به الحقيقة في ذلك ، وهو كقولهم عند شدة الأمر : أظلم علي ما بين السماء والأرض ، وكقولهم : ضافت علي الأرض برحبها ، وكما وصف الله - تعالى - من أمر لوط - عليه السلام - : { وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً } [ هود : 77 ] . فهذا القول من العرب إنما كان على التمثيل فيما يريدون أن يصفوا الشيء بغايته لا على الحقيقة ؛ لأنه معلوم أن الدنيا عليه كما كانت لم تتغير ، وكذلك لم يظلم عليه ذلك ، لكنهم تكلموا على التمثيل من شدة ما نزل بهم من الأمر ، وكذلك قوله - تعالى - : { لَوْ أَنزَلْنَا هَـٰذَا ٱلْقُرْآنَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ ٱللَّهِ … } ، يقول : لو كانت هذه الحجج أنزلت على جبل مع صلابته وشدته ، لخضع لله - تعالى - وانصدع ؛ من خشيته على وجه التمثيل ، لكن قلوب هؤلاء أقسى منه ؛ حيث لم تخضع ولم تخشع ، وهو كقوله : { كَٱلْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً } [ البقرة : 74 ] ؛ إذ الحجارة قد تكون فيها منافع : نحو خروج الماء وغيره ، فأما قلوب هؤلاء الكفرة فليس فيها شيء من المنافع ، بل هي قاسية لا تخشع ولا تتصدع ، وعلى ذلك حملوا تأويل قوله - تعالى - : { تَكَادُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ } [ مريم : 90 ] على التمثيل ، ليس على حقيقة ذلك . وقال قائلون : { لَوْ أَنزَلْنَا هَـٰذَا ٱلْقُرْآنَ عَلَىٰ جَبَلٍ } : إنه حقيقة ذلك الفعل منه : وهو الانصداع والخشوع ، وكذلك تأويل قوله : { تَكَادُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ } [ مريم : 90 ] ، فمعناه : لو كان نزول هذا القرآن وما فيه من الأحكام والأمانات التي أوجب على البشر على الجبل ، وكان هو بحيث يملك قبول ذلك باختياره لقيام شرائطه - لكان هو يفزع ويخضع ويتصدع من خشية الله - تعالى - وكان لا يقبل ؛ مخافة ألا يمكنه أداء ما لزمه بنزوله ، وهو كقوله - تعالى - : { إِنَّا عَرَضْنَا ٱلأَمَانَةَ عَلَى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱلْجِبَالِ … } الآية [ الأحزاب : 72 ] : فيقول : معناه : لو أنزلنا هذه الأمانات التي في هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً ؛ إذ الأمانات التي في هذا القرآن مما قد يلزم المرء لا يمكن أداؤها كلها ؛ لأن الأمانات مما يكثر عدها ، فضلا من أن يمكن أداؤها ؛ فعلى هذا التأويل يخرج على حقيقة التصدع أن لو أنزل عليه - مع عظمه وصلابته - لانصدع ؛ فعلى هذا تنبيه للخلق وتذكير لهم . وقال بعضهم : إن في هذه الآية تذكير الرسول صلى الله عليه وسلم منته عليه وعلى جميع الرسل : لولا فضل الله ومنته على الرسل ، لكان لا يطيق أحد من الرسل حمل ما في الكتب ، ولا أداء ما افترض مدَّكرٌ ؛ فيسر عليهم وثقل العمل بما فيه ، فيقولون كذلك . وقوله - عز وجل - : { لَوْ أَنزَلْنَا هَـٰذَا ٱلْقُرْآنَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ ٱللَّهِ } : لثقل ما فيه ، لكنه [ نزله ] عليك ، ويسر ذكره [ و ] وفقك تبليغ ما فيه إلى أهله . وقال قائلون : إن الله - تعالى - لما أراد أن ينزل التوراة على موسى - عليه السلام - وكانت في لوح من زبرجدة حمراء - أمر الملائكة أن يحملوها فلم يطيقوا حملها ، ثم أمرهم أن يحملوا كل حرف منها ، فلم يطيقوا ذلك ؛ فخفف الله - تعالى - على موسى - عليه السلام - حتى حمل ذلك ، فكذلك ذكر ذلك في عيسى وداود - عليهما الصلاة والسلام - ثم خفف ذلك على الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - فكأنه يقول لرسوله صلى الله عليه وسلم : { لَوْ أَنزَلْنَا هَـٰذَا ٱلْقُرْآنَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ . … } كذا ، لكنه خفف ذلك عليك كما خفف على الأنبياء من قبلك ، وإليه يذهب الكلبي ، لكن إن صح هذا الخبر فإن ذلك الثقل لم يكن في تلك الكتابة التي في الألواح ، لكن ذلك فيما يلزمهم من العمل بذلك من أداء الأمانات وغيرها ؛ لأنه - تعالى - أخبر أنه لو كان أنزل هذا القرآن على جبل { لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ ٱللَّهِ } ، وقال في موضع آخر : { إِنَّا عَرَضْنَا ٱلأَمَانَةَ … } الآية [ الأحزاب : 72 ] . ثم كانت تلك الألواح قد احتملها الأرض ، وأمكن لموسى - عليه السلام - حملها ؛ فكذلك هذا القرآن كله والتوراة والإنجيل والزبور مما قد يحتمل حقيقة ، ويمكن كتابته في قليل الألواح ، ثبت أن المراد من ذكره ليس هو الحروف ، إنما كان على ما فيه من الأمر والنهي وأداء الأمانات واتقاء الله حق تقاته ، لا على نفس تلك الألواح ، وهذا الذي ذكرنا هو تأويل القوم في نزول هذه الآية ، فأما أنا لا علم لي بحقيقة تأويل هذه الآية ، ولولا أن في الآية تذكيراً وتنبيهاً لكنا نقول : هي من المتشابه المكتوم الذي لا يفسر ، لكنه لما خرج مخرج التذكير واستئداء شكر ما سهل علينا قراءته - احتجنا إلى تأويله . وقوله - عز وجل - : { وَتِلْكَ ٱلأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ } . هو ظاهر .