Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 6, Ayat: 133-135)

Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله - عز وجل - : { وَرَبُّكَ ٱلْغَنِيُّ ذُو ٱلرَّحْمَةِ } ، هذا يرد على الثنوية مذهبهم ؛ لأنهم يقولون : إنه إنما خلق الخلائق لمنافع نفسه ؛ لأنه ليس بحكيم من فعل فعلا لا يقصد منفعة نفسه ، فأخبر - عز وجل - أنه غني بذاته ، وإنما يقصد غيره المنفعة [ بفعله لحاجة تقع له ] ، وضرورة تصيبه [ يقصد بالفعل ] قصد قضاء الحاجة ودفع الضرورة عن نفسه . فأمّا الله - سبحانه وتعالى - فهو الغني بذاته ، إنما خلق الخلائق لمنافع أنفسهم ، وهو غني عن خلقه على ما أخبر . وقوله - عز وجل - : { وَرَبُّكَ ٱلْغَنِيُّ } . يحتمل : غني عن تعذيب أولئك الكفرة ، أي : لا لمنفعة له في تعذيبهم يعذبهم أو لحاجة له ؛ ولكن الحكمة توجب ذلك . أو أن يكون صلة قوله : { يَٰمَعْشَرَ ٱلْجِنِّ وَٱلإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنْكُمْ } [ الأنعام : 130 ] . يقول : لم يرسل إليكم ، ولا امتحنكم بالذي امتحنكم لحاجة نفسه أو لمنفعة له ؛ إذ هو غني بذاته . وقوله - عز وجل - : { ذُو ٱلرَّحْمَةِ } . يحتمل وجهين : يحتمل : ذو الرحمة فلا يعجل عليهم بالعقوبة . والثاني : ذو الرحمة لما خلق الخلائق ، وجعل لبعض ببعض الانتفاع بهم والاستمتاع ، وإنما خلقهم لمنافع أنفسهم . ويحتمل قوله : { ذُو ٱلرَّحْمَةِ } : مَنْ قَبِلَ رحمته صار أهلا لها ، فأما من لم يقبل رحمته فإنه ذو انتقام منه . وقوله - عز وجل - : { إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِن بَعْدِكُمْ مَّا يَشَآءُ } . لأنه غني بذاته لم يخلقكم لمنافع نفسه أو لحاجته ، إن شاء أذهبكم واستخلف غيركم ، ولو كان خلقه الخلق لمنافع نفسه لكان لا يذهب بهم ويستخلف [ من ] بعدهم ما يشاء . { كَمَآ أَنشَأَكُمْ مِّن ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ } . يخبر عن غناه عنهم ، وعن سلطانه ، وقدرته أنه يقدر على إهلاككم واستئصالكم وإنشاء قوم آخرين . كأن خلق الخلائق من جواهر مختلفة لا توالد فيهم ، ثمّ جعل في الآخر التوالد والتناسل ويستخلف بعض من بعض بالتوالد والتناسل . وقوله - عز وجل - : { إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لآتٍ } . من الوعد والوعيد . أو أن يكون قوله : { إِنَّ مَا تُوعَدُونَ } : من النصر لرسوله والمعونة له لآت وكائن . { وَمَآ أَنتُم بِمُعْجِزِينَ } . قيل : بفائتين ربكم . وقيل : وما أنتم سابقين الله بأعمالكم الخبيثة حتى لا يجزيكم الله بها . وأصله : { وَمَآ أَنتُم بِمُعْجِزِينَ } ، أي : لا تعجزون ربكم عن تعذيبكم وعقوبتكم . وقوله - عز وجل - : { قُلْ يَٰقَوْمِ ٱعْمَلُواْ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ } . قيل : على جديتكم . وقيل : على منازلكم وجدتكم . ولكن تأويله - والله أعلم - : { ٱعْمَلُواْ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ } أي : ما أنتم عليه ، ثم يحتمل هذا وجوهاً : يحتمل { ٱعْمَلُواْ عَلَىٰ مَكَانَتِكُمْ } ، أي : على ما أنتم عليه من أمر الدين ، { إِنَّي عَامِلٌ } : على ما أنا عليه من أمر الدين ؛ كقوله : { لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ } [ الكافرون : 6 ] . ويحتمل أن يكونوا هموا أن يمكروا برسول الله ؛ فقال : امكروا بي إني ماكر بكم ؛ كقوله : { وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ ٱللَّهُ } [ الأنفال : 30 ] . ويحتمل أن يكونوا يطلبون الدوائر والهلاك على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويكيدونه ؛ كقوله : { فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ } [ هود : 55 ] هذه الكلمة تستعمل في انتهاء المكابرة غايتها وجود المعاندة غايتها بعد الفراغ من الحجج والآيات ؛ كقوله : { لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ } [ الكافرون : 6 ] . وقوله - عز وجل - : { فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } . يحتمل فسوف تعلمون من تكون له العاقبة . ويحتمل : فسوف تعلمون بالهلاك من كان محقّاً بالوعيد . أو سوف تعلمون من المحق بما أوعد وخوف . وقوله - عز وجل - : { إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ ٱلظَّٰلِمُونَ } [ يحتمل : لا يفلح الظالمون ] ، ما داموا في ظلمهم . ويحتمل : أن يكون ذلك في قوم مخصوصين . ويحتمل : في الآخرة : لا يفلح الظالمون .