Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 6, Ayat: 84-87)
Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله - عز وجل - : { وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ } . يحتمل ما ذكرنا من رفع الدرجات ما ذكر من [ هبة ] هؤلاء . وفيه دليل أن ما يكون له من الفضل في هبة أولاده يكون ذلك في أولاد أولاده . وقوله - عز وجل - : { كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحاً هَدَيْنَا مِن قَبْلُ } : الهداية هدايتان : [ هداية ] إصابة الحق ، وهداية العلم بالحق ، وهي هداية البيان ، فهذه الهداية مما يشترك فيها المسلم والكافر جميعاً . وأما هداية إصابة الحق : فهي خاصة للرسل والأنبياء والمسلمين جميعاً . والهداية - هاهنا - هي إصابة الحق لا العلم بالحق ؛ لأنهم اشتركوا جميعاً في العلم بالحق : الكافر والمسلم . { وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ } . قيل : ذرية إبراهيم . وقيل : ذرية نوح كانوا جميعاً من ذرية نوح وإبراهيم ومن ذكر من الرسل . وقوله - عز وجل - : { وَكَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ } . [ أي : كذلك نجزي المحسنين ] بالذكر والشرف والثناء الحسن إلى يوم القيامة ؛ كما جزى هؤلاء الرسل بالذكر والشرف والثناء الحسن في ملأ الناس . ويحتمل أن يذكروا في ملأ الملائكة ؛ كما ذكروا في ملأ الخلق في الأرض . ويحتمل : { وَكَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ } في الآخرة بالثواب ورفع الدرجات والجزاء الجزيل ، ثم ذكر في فريق : أنه { وَكَذَلِكَ نَجْزِي ٱلْمُحْسِنِينَ } ، وذكر في فريق آخر : { كُلٌّ مِّنَ ٱلصَّالِحِينَ } ، وذكر في فريق : { وَكُلاًّ فَضَّلْنَا عَلَى ٱلْعَالَمِينَ } ، وهذا - والله أعلم - ليس على تخصيص كل فريق بما ذكر من الذكر ، ولكن على الجمع أنهم محسنون صالحون مفضلون على العالمين . ثم يحتمل التفضيل لهم بالنبوة : أنهم فضلوا على العالمين بالنبوة . ويحتمل : أنهم كانوا مفضلين على العالمين بالإحسان والصلاح ، لو لم يكن لهم رسالة ولا نبوة . ثم يحتمل أنه سماهم محسنين باختيارهم الحال التي كانوا أهلا للرسالة والنبوة ، فإن كان هذا فهم الرسل خاصة . ويحتمل : محسنين باختيارهم الهداية وإصابة الحق ، فإن كان هذا فهو مما يشترك الأنبياء وأهل الإسلام فيه . وقوله - عز وجل - : { وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ } : أما آباؤهم : من تقدمهم ، وذرياتهم : من تأخرهم ، وإخوانهم : الذين يقارنونهم . وقيل : ذرياتهم محمد صلى الله عليه وسلم . وقيل : المؤمنين من بعدهم . وقوله - عز وجل - : { وَٱجْتَبَيْنَاهُمْ } . يحتمل : اجتباهم بالنبوة والرسالة . { وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } : فذلك لهم خاصة . ويحتمل : اجتبيناهم بالتوحيد ودين الإسلام ، فذلك يعم الأنبياء والمؤمنين جميعاً ؛ لأنه اجتباهم بذلك جميعاً . ويحتمل : اجتباهم بما ذكر من رفع الدرجات والفضائل ، ويكون صلة قوله : { نَرْفَعُ دَرَجَٰتٍ مَّن نَّشَآءُ } [ الأنعام : 83 ] ، وذلك - أيضاً - يعم الرسل والمؤمنين ، والله أعلم بذلك . وفي قوله : { وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ … } الآية : دلالة أن من آبائهم وذرياتهم من لم يجتبهم بقوله : { وَمِنْ } ؛ إذ " من " هو حرف للتبعيض .