Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 123-129)

Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنتُمْ بِهِ قَبْلَ أَن آذَنَ لَكُمْ } . هذا يدلّ على أن الإيمان هو التصديق لا غير ؛ لأنه لما قال السحرة { آمَنَّا بِرَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } قال لهم فرعون : { آمَنتُمْ بِهِ } وهم لم يأتوا بسوى التصديق ، دلّ على أن الإيمان هو التصديق الفرد لا غير . وقوله - عز وجل - : { إِنَّ هَـٰذَا لَمَكْرٌ مَّكَرْتُمُوهُ فِي ٱلْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُواْ مِنْهَآ أَهْلَهَا } هذا من فرعون نوع من التمويه على قومه كما قلنا في الابتداء { إِنَّ هَـٰذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ } هو حرف التمويه والتلبيس على قومه فعلى ذلك قوله : { إِنَّ هَـٰذَا لَمَكْرٌ مَّكَرْتُمُوهُ } هو تمويه منه وتلبيس على قومه ، لئلا يؤمنوا كما آمن السحرة برب موسى . وقوله : { إِنَّ هَـٰذَا لَمَكْرٌ مَّكَرْتُمُوهُ } . أي : شيء صنعتموه فيما بينكم وبين موسى ، وهو كما قال في آية أخرى : { إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ ٱلَّذِي عَلَّمَكُمُ ٱلسِّحْرَ } [ طه : 71 ] . وقوله - عز وجل - : { لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِّنْ خِلاَفٍ } . هذا لجهله بأشدّ العقوبة والنكال ، وإلا لم يوعدهم بقطع الأيدي والأرجل من خلاف ؛ إذ ذلك أيسر وأقل في العقوبة من [ القطع من ] جانب ، والقطع من جانب أشدّ وأنكل من القطع من خلاف ؛ إذ القطع من خلاف لا يمنع القيام ببعض المنافع ، ولا يعمل في إتلاف النفس ؛ إذ جعل ذلك حدّاً في بعض العقوبات ، ولم يجعل القطع من جانب عقوبة بحال ، فدل أنه أشد وأنكل ، ويعمل في إهلاك النفس ، والقطع من خلاف لا يعمل ، دلّ أنه لجهله ما قال . أو أن اختار القطع من خلاف ليكون مؤنة الصلب عليهم لا عليه ؛ لأن المقطوع من خلاف قد يمكن له الصعود على الخشبة ، والثاني : لا ، والله أعلم . وقوله : { قَالُوۤاْ إِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ } . وقال في موضع آخر { لاَ ضَيْرَ } [ الشعراء : 50 ] ، هذا - والله أعلم - يخرج على وجهين : [ أحدهما ] : على الإقرار منهم بالبعث ، والإيمان به . والثاني : وعيد منهم لفرعون [ لعنه الله ] ؛ حيث أوعدهم بقطع الأيدي والأرجل والصلب وغير ذلك من العقوبات ، فقالوا : إنا وأنت إلى ربنا منقلبون ، فتجزى وتعاقب جزاء صنيعك بنا . وقوله - عز وجل - : { وَمَا تَنقِمُ مِنَّآ إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَآءَتْنَا } . قيل فيه بوجهين : قيل : قوله : { وَمَا تَنقِمُ مِنَّآ } أي : وما تعيب علينا ، وتطعن إلا بما كان منا من الإيمان بآيات ربنا لما جاءتنا ، وهو ما جاءهم من الآيات . وقيل : وما تعاقبنا وما تنقم منا إلا أن آمنا بآيات ربنا ، وكان الحق عليك - [ وعلينا ] - أن تؤمن بها كما آمنا نحن . وقوله - عز وجل - : { رَبَّنَآ أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً } . قوله : { أَفْرِغْ } . قيل : أنزل علينا صبراً . وقيل : أتمم لنا صبراً . وقيل : اصبب علينا صبراً ، وهو كله واحد . ثم يحتمل سؤالهم الصبر لما لعله إذا فعل بهم بما أوعد من العقوبات لم يقدروا على التصبر ، [ على ذلك ] فيتركون الإيمان ؛ لذلك سألوا ربهم الصبر على ذلك ليثبتوا على الإيمان به . { وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ } . سألوا ربهم - أيضاً - التوفي على الإسلام ، وهكذا كان دعاء الأنبياء ، كما قال يوسف : { تَوَفَّنِى مُسْلِماً … } [ يوسف : 101 ] الآية . [ وكذلك أوصى إبراهيم ] بنيه ؛ حيث قال : { إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَىٰ لَكُمُ ٱلدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُم مُّسْلِمُونَ } [ البقرة : 132 ] ، وهكذا الواجب على كل مسلم ومؤمن أن يتضرع إلى الله في كل وقت ، ويبتهل إليه في كل ساعة ؛ لئلا يسلب الإيمان لكسب يكتسبه ؛ إذ الأنبياء والرسل - عليهم السلام - مع عصمتهم كانوا يخافون ذلك ليعلم أن العصمة لا تسقط الخوف ، ولا تؤمن [ عن ] الزلات . وقوله : { رَبَّنَآ أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً } دلالة على أنهم علموا أنهم إذا أفرغ عليهم الصبر صبروا ؛ إذ لو لم يعلموا ذلك لم يكن لسؤالهم الصبر معنى ، فهذا على المعتزلة في قولهم : إنه يفرغ ولا يصبرون ، وإنه قد أعطاهم غاية ما يصلح في الدين ، فدلّ سؤالهم ذلك على أنه لم يعطهم ، وأن عنده مزيداً لو أعطى لهم ذلك كان . { وَقَالَ ٱلْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَونَ أَتَذَرُ مُوسَىٰ وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُواْ فِي ٱلأَرْضِ } وقوله : [ لتفسدوا في الأرض ] . قال بعضهم : في إخراجكم من أرض مصر وإفسادهم العيش عليكم ، أو ما ذكروا من ترك عبادة فرعون وخدمته . { وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ } وقد قرئ : بآلهتك فمن قرأه : { وَآلِهَتَكَ } حمله على العبادة ، أي : يذرك وعبادتك ، ومن قرأه بآلهتك ، وهو قول ابن عباس ومجاهد ، قالوا : إن فرعون [ لعنه الله ] قد كان جعل لقومه آلهة يعبدونها ؛ ليتقربوا بعبادتهم تلك الأصنام إلى فرعون ، على ما كان يعبد أهل الشرك الأصنام دون الله ، ويقولون : { مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلْفَىۤ } [ الزمر : 3 ] [ فقالوا ] : { وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ } التي جعلت لهم . وقال آخرون : إن فرعون كان يعبد الأصنام والأوثان على ما عبد غيره . وقال غيرهم : لا يحتمل أن يكون هو [ عبد ] الأصنام ، ولكن [ جعل ] لقومه الأصنام على ما ذكرنا . ألا ترى أنه قال : { أَنَاْ رَبُّكُمُ ٱلأَعْلَىٰ } [ النازعات : 24 ] ثم قال [ اللعين ] : { سَنُقَتِّلُ أَبْنَآءَهُمْ وَنَسْتَحْيِـي نِسَآءَهُمْ } . قال بعضهم : قوله : { سَنُقَتِّلُ أَبْنَآءَهُمْ } يعني : رجالهم ، { وَنَسْتَحْيِـي نِسَآءَهُمْ } ؛ لأنه لا يحتمل قتل الأبناء ، ولم يكن منهم إليه صنع إنما كان ذلك من الرجال . وقال بعضهم : قد كان فرعون يقتل أبناء بني إسرائيل في العام [ الذي قيل له : إنه يولد مولود يذهب بملكك ، ويغير دين أهل الأرض ، فلم يزل يقتلهم في ذلك العام [ الذي قيل له : إنه يولد مولود يذهب بملكه ] ويترك البنات ، فذلك قوله : { سَنُقَتِّلُ أَبْنَآءَهُمْ وَنَسْتَحْيِـي نِسَآءَهُمْ } ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ } قيل : مسلطون عليهم . فإن قيل لنا : ما الحكمة في ذكر هذه القصص والأنباء السالفة في القرآن ؟ قيل : لوجوه - والله أعلم - : [ أحدها : ] أن فيها دليل إثبات رسالة محمد صلى الله عليه وسلم ونبوته ؛ لأن هذه القصص والأنباء كانت في كتبهم [ ثابتة ] مبينة ، وقد علموا أن لسانه كان على غير ما كانت كتبهم ، وعرفوا أنه لم يختلف إلى أحد ممن يعرف ذلك ؛ ليتعلم منه ، ولا سمع عن أحد منهم ثم أنبأهم على ما كانت ، دل أنه إنما عرف ذلك بمن يعلم علم الغيب . والثاني : أن البشر جبلوا على حبّ السماع للأخبار والأحاديث ، وحبب ذلك في قلوبهم حتى إن واحداً منهم يولد أحاديث وينشئها من ذات نفسه لأن يستمعوا في ذلك إليه ويسمعوا منه ، فذكر لهم هذه الأنباء والقصص ليكون استماعهم إليها وسماعهم لها ، وذلك أحسن وأوفق إذ أخبر أن ذلك أحسن القصص ؛ بقوله : { نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ ٱلْقَصَصِ } [ يوسف : 3 ] . والثالث : ذكر لهم هذا ليعلموا ما حل بهم في العاقبة من الهلاك والاستئصال ، وأنواع العذاب لفسادهم وتكذيبهم الرسل ، وما عاقبة المفسد منهم والمصلح ؛ ليكون ذلك زجراً لهم عن صنيع مثلهم . والرابع : ذكر ذلك ليعرفوا كيف كانت معاملة الأنبياء والرسل أعداءهم ، ومعاملة الأعداء الرسل ليعاملوا أعداءهم مثل معاملتهم . والخامس : أنهم كانوا ينكرون أن يكون من البشر رسولٌ ، فأخبر أن الرسل الذين كانوا من قبل كانوا كلهم من البشر . والسادس : أنهم كانوا يعبدون هذه الأصنام والأوثان ، ويقولون : بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون ، { وَإِنَّا عَلَىٰ ءَاثَارِهِم مُّقْتَدُونَ } [ الزخرف : 23 ] ، فأخبر أن كان في آبائهم السعداء ، وهم الأنبياء والأشقياء ، فكيف اقتديتم أنتم بالأشقياء منهم ؟ : ! وهلا اتبعتم السعداء دون الأشقياء ! والسابع : فيها أن كيف الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عرفنا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ومن يأمر به ، ومن ينهي عنه . وأيضاً إن فيه ذكر الصالحين منهم بعدما ماتوا وانقرضوا فكانوا بالذكر كالأحياء . وقوله - عز وجل - : { قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ ٱسْتَعِينُوا بِٱللَّهِ وَٱصْبِرُوۤاْ } . يحتمل قوله : { ٱسْتَعِينُوا بِٱللَّهِ } : على أداء طاعته ، وبما يتقربون إلى الله تعالى ويكون لهم زلفى لديه . أو أن يقول لهم : استعينوا بالله بالنصر لكم والظفر ، واصبروا على أذاهم والبلاء . { إِنَّ ٱلأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ } . يحتمل هذا وجهين : [ يحتمل ] أن يخرج ذلك من موسى مخرج الوعد لهم بالنصر والظفر على الأعداء ، وجعل الأرض لهم من بعد إهلاك العدو ، وهو كما ذكر في موضع آخر : { وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ فِي ٱلأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ ٱلْوَارِثِينَ } [ القصص : 5 ] الآية . ويحتمل أن يخرج ذلك منه مخرج التصبر على الرضاء بقضاء الله - تعالى - أن الأرض له يصيرها لمن يشاء ، فاصبروا أنتم على البلاء ، وارضوا بقضائه . { وَٱلْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ } . قال الحسن : { وَٱلْعَاقِبَةُ } ، أي : الآخرة للمتقين خاصّة ، وأمّا الدّنيا فإنها بالشركة بين أهل الكفر وأهل الإسلام ، يكون لهؤلاء ما لأولئك ، وأمّا الآخرة فليست للكفار إنما هي [ للمؤمنين ] خاصّة ، وهو ما ذكر في آية أخرى : { وَلَوْلاَ أَن يَكُونَ ٱلنَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَّجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِٱلرَّحْمَـٰنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِّن فِضَّةٍ … } [ الزخرف : 33 ] الآية ، فعلى ذلك هذا ، والله أعلم . وقال غيره : { وَٱلْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ } أي عاقبة الأمر بالنصر ، والظفر للمتقين على أعدائهم ، وإن كان في الدفعة الأولى عليهم . وقوله - عز وجل - : { قَالُوۤاْ أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِينَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا } يخرج هذا على وجهين : أحدهما : أن يخرج مخرج استبطاء النصر والظفر لهم ، كأنهم استبطئوا النصر وإهلاك العدو والظفر عليهم ، فقال لهم موسى عند ذلك : { قَالَ عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ } . والثاني : أن يخرج ذلك منهم مخرج الاعتذار لموسى لما خطر ببال موسى أنهم يقولون : إن ما أصابهم من البلايا والشدائد إنما كان لسببه ولمكانه ، فقالوا ذلك له اعتذاراً منهم له أن قد أصابنا ذلك نحن من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا ؛ لئلا يوهم أنهم يقولون ذلك أو يخطر بباله ذلك ، والله أعلم . وجائز أن يكونوا قالوا ذلك على التعيير له والتوبيخ ، يقولون : لم يزل يصيبنا من الأذى لسببك ولأجلك من قبل أن تأتينا من الاستخدام ، ومن بعد ما جئتنا من أنواع الضرر . وقوله - عز وجل - : { قَالَ عَسَىٰ رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي ٱلأَرْضِ } والعسى من الله واجب ، فوعدهم إهلاك العدو واستخلافهم في الأرض . وقال بعض أهل التأويل في قوله : { أُوذِينَا } : في سببك { مِن قَبْلِ أَن تَأْتِينَا } بالرسالة ، يعنون بالأذى : قتل الأبناء واستخدام النساء ، { وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا } بالرسالة : من الشدائد التي أصابتهم من بعد ، لكن الأول أقرب وأشبه . وقوله - عز وجل - : { فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ } . يحتمل هذا - أيضاً - وجهين : أحدهما : أن يجعل لكم الأرض ، ويوسع عليكم الرزق يمتحنكم في ذلك ويبتليكم ، لا أنه يجعل لكم ذلك على غير امتحان تعملون ما شئتم في ذلك . والثاني : يمتحنكم بالشدائد والبلايا ؛ لينظر كيف تصبرون على ذلك . ويحتمل وجهاً آخر وهو : أن يقول لهم : عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض ، فينظر كيف تشكرون ربكم فيما أنعم عليكم . وقوله : { فَيَنظُرَ } كيف الواقع لكم من [ الجزاء والثواب ] . وقوله : { قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ ٱسْتَعِينُوا بِٱللَّهِ وَٱصْبِرُوۤاْ } : أمرهم - والله أعلم - بطلب المعونة من الله تعالى على قضاء جميع حوائجهم ديناً ودنيا ، ويحتمل أن يكون على طلب التوفيق لما أمر به ، والعصمة عما حذَّرَ عنه ، وكذلك الأمر البين في الخلق من طلب التوفيق والمعونة من الله ، والعصمة عن المنهي عنه جرت به سنة الأخيار ، وبالله المعونة . ثم لا يصح ذلك على قول المعتزلة ؛ لأن الدعاء بالمعونة على أداء ما كلف وقد أعطى ؛ إذ على قولهم لا يجوز أن يكون مكلفاً قد بقي شيء مما به أداء ما كلف عند الله ، وطلب ما أعطى كتمان للعطية ؛ وكتمان العطية كفران ، فيصير كأن الله أمر بكفران نعمه وكتمانها وبطلبها منه تعنتاً ، وظن مثله بالله كفر ، ثم لا يخلو من أن يكون عند الله ما يطلب فلم يعط التمام إذاً ، أو ليس عنده ، فيكون طلبه استهزاء به ؛ إذ من طلب إلى آخر ما يعلم أنه ليس عنده فهو هازئ به في العرف مع ما كان الذي يطلب إما أن يكون لله ألا يعطيه مع التكليف ، فيبطل قولهم لا يجوز أن يكلف وعنده ما به الصلاح في الدين فلا يعطي ، أو ليس له ألا يعطي فكأنه قال : اللهم لا تجر ولا تظلم ومن هذا علمه بربه فالإسلام أولى به ، فهذا مع ما لا يدعو الله أحد بالمعونة ، وإلاَّ ويطمئن قلبه أنه لا يزلّ عند المعونة ، ولا يزيغ عند العصمة ، وليس مثله يملك الله عند المعتزلة ، ولا قوة إلا بالله .