Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 7, Ayat: 158-158)

Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله - عز وجل - : { قُلْ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً } . فيه دلالة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مبعوثاً إلى الناس كافة ، وكذلك روي أنه صلى الله عليه وسلم قال : " بعثت إلى الأحمر والأسود " ، وسائر الأنبياء بعثوا إلى أقوام خاصة ، وإلى البلدان والقرى المعروفة المحدودة . وفيه أنه لما خاطبه أن يقول للناس : { إِنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيْكُمْ } أنه لا سبيل له إلى أن يخاطب الناس والخلق جميعاً فيقول : { إِنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً } ، ولكن إنما يكون ببعث الرسل إليهم ، فينزل قول الرسول أنه رسول الله إليكم منزلة قول نفسه : { إِنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيْكُمْ } ، فانتشر ذكره بتبليغ الرسل إليهم ، كأنه هو بلغ ذلك وقال لهم : { إِنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيْكُمْ } ، أو أن الله - عز وجل - سخر الخلق حتى بلغ بعضهم بعضاً رسالته ، حتى فشا خبره ، وانتشر ذكره في جميع آفاق الأرض شرقاً وغرباً ، وذلك من عظيم آيات نبوته ورسالته . ثم بيَّن أنه رسول مَنْ فقال : رسول { ٱلَّذِي لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ } ، وذكر تخصيص السماوات والأرض وإن كان له ملك الكل ؛ لما هما النهاية في ملك البشر [ عند البشر ] . أو ذكر هذا ؛ ليعلموا أن من في السماوات والأرض له عبيده وإماؤه . أو ذكر هذا ؛ ليعلموا أن التدبير فيهما جميعاً لواحد ؛ حيث اتصلت منافع السماء بمنافع الأرض على بعد ما بينهما . وقوله - عز وجل - : { لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } ذكر هذا ؛ لأن العرب سمت كل معبود إلهاً ، وهم كانوا يعبدون الأصنام دونه ويسمونها آلهة ، فنفى الألوهية عمن يعبدونهم دونه ، وأثبتها له ، وأخبر أنه هو المستحق لاسم الألوهية والعبادة لا غيره ؛ لأنه يحيي ويميت ، ومن يعبدون دونه لا يملك الإحياء ولا الإماتة ، وذكر [ هذا ] - والله أعلم - الحياة والموت ؛ لأنه ليس [ شيء ] ألذ وأشهى في الشاهد من الحياة ، ولا أمر ولا أشد من الموت ؛ ليرغبوا في ألذ ما غاب عنهم ، وينفروا عن الأمر والأكره مما غاب عنهم ، والله أعلم . أو ذكر أنه يحيي ويميت ؛ ليدل أنه فعل واحد ، لا عدد . وقوله - عز وجل - : { فَآمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ ٱلنَّبِيِّ ٱلأُمِّيِّ ٱلَّذِي يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ } . كان صلى الله عليه وسلم هو السابق إلى كل خير ؛ فعلى ذلك دعا الخلق [ إليه ] ؛ كقوله : { وَأَنَاْ أَوَّلُ ٱلْمُؤْمِنِينَ } [ الأعراف : 143 ] { وَأَنَاْ أَوَّلُ ٱلْمُسْلِمِينَ } [ الأنعام : 163 ] ؛ فعلى ذلك إنما أمر بالإيمان [ به ] بعد ما آمن هو . وجائز أن يكون قوله : { يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ } أي : آمن رسول الله بالله وكلماته التي كانت في الكتب الماضية ، فأخبر بها على ما في كتبهم ؛ ليعرفوا أنه إنما عرفها بالله تعالى . وقوله - عز وجل - : { وَكَلِمَاتِهِ } اختلف فيه ؛ قال عامة أهل التأويل : كلماته : القرآن . وذكر في بعض القراءات : " وكلمته " بلا ألف ، فصرف التأويل إلى عيسى ؛ كأنه قال : آمنوا بالله وبمحمد وبعيسى . ويحتمل أن يكون قوله : { وَكَلِمَاتِهِ } ما أعطاه من الحلال ، والحرام ، والأمر ، والنهي ، والحكمة ، والأحكام التي أمر بها وشرعها لنا ، على ما ذكر في إبراهيم أنه ابتلاه بكلمات فأتمهن ، والله أعلم . وقوله - عز وجل - : { وَٱتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ } . قد ذكرنا الاتباع له ، فإذا اتبعوه اهتدوا .