Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 7, Ayat: 34-36)
Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله - عز وجل - : { وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ } . اختلف فيه : قال بعضهم : { لِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ } : [ هو بعث الرسول إليها أي لا يهلكون إلا بعد ] بعث الرسل إليهم ، فإذا أتاهم الرسول ، فكذبوه وعاندوا ، فعند ذلك يهلكون ، وهو كقوله : { وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولاً } [ الإسراء : 15 ] ، وقوله : { وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ ٱلْقُرَىٰ حَتَّىٰ يَبْعَثَ فِيۤ أُمِّهَا رَسُولاً } [ القصص : 59 ] . ويحتمل أن لكل أمة أجلاً لا تهلك قبل بلوغ أجلها لا تستأخر ولا تستقدم . فهذا يرد على المعتزلة ؛ لأنهم يقولون : إن من قتل إنما هلك قبل بلوغ أجله ، ويجعلون القاتل منه مستقدماً لأجل ذلك المقتول ، والله - تعالى - يقول : { لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ } . وقوله - عز وجل - : { فَإِذَا جَآءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ } : إذا جاء لا يستأخرون ، وإذا لم يجئ لا يستقدمون . وقوله - عز وجل - : { يَابَنِيۤ ءَادَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ } . قال أهل التأويل : { إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ } ، أي : سيأتينكم رسل منكم ، أو سوف يأتيكم [ يقصون عليكم ثم يحتمل قوله : ] { يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي } ، أي : هداي ؛ كقوله : [ { فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } [ البقرة : 38 ] فعلى ذلك قوله { يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي } أي : هداي ] { فَمَنِ ٱتَّقَىٰ وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } . ويحتمل الآيات : الحجج والبراهين التي يضطر أهلها إلى قبولها إلا من عاند وكابر . { فَمَنِ ٱتَّقَىٰ } . اتقى الشرك . { وَأَصْلَحَ } . وآمن بالله وعمل صالحاً . { فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } . وقوله : { فَمَنِ ٱتَّقَىٰ } يحتمل : اتقى ما نهى الرسل أو اتقى المهالك ، وأصلح فيما أمر به الرسل ، أو أصلح أمره وعمله . { فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ } في ذهاب ما أكرمهم به مولاهم ولا فوته ؛ لأن خوف الفوت مما ينقص [ النعم ] . { وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } : تبعاته وآفاته : يخبر أن نعيم الآخرة على خلاف نعيم الدنيا . وقوله - عز وجل - : { وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَٰتِنَا وَٱسْتَكْبَرُواْ عَنْهَآ أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَٰبُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَٰلِدُونَ } . ظاهر تأويلها ، وقد ذكرنا في غير موضع حتى لم يأخذوا على أحد منهم . وفي قوله : { يَابَنِيۤ ءَادَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ } له على خلقه منن كثيرة ونعم عظيمة ، حيث بعث الرسل من جنس المرسل إليهم : أحدها : أن كل ذي جنس وجوهر يستأنس بجنسه وجوهره ، ويستوحش بغيره ، فمنَّ عليهم ؛ [ حيث بعث ] الرسل من جنسهم وجوهرهم ، يستأنس بعضهم ببعض ويألف بعضهم بعضاً ؛ فذلك آخذ للقلوب وأدعى إلى الاتباع والإجابة . والثاني : بعث الرسل من قومهم الذين نشئوا بين أظهرهم ، وعرفوا صدقهم وأمانتهم ؛ ليعلموا أنهم صادقين فيما يدعون من الرسالة ؛ حيث لم يظهر منهم الكذب والخيانة قط ، حتى لم يأخذوا على أحد منهم الكذب . والثالث : أن الرسل لو كانوا من غير جنسهم وغير جوهرهم ، لم يعرفوا ما أوتوا من الآيات والبراهين أنها آيات وحجج ؛ لما لا يعلمون أن وسعهم لا يبلغ هذا ، وطوقهم لا يصل إلى ذلك ، وإذا كانوا منهم يعرفون ذلك إن أتوا بشيء خرج عن وسعهم أنها آيات . وقوله - عز وجل - : { وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَٰتِنَا } . قال الحسن : ديننا . ويحتمل { بِآيَٰتِنَا } حججنا [ أي : كذبوا بحججنا ] فإذا كذبوا بحججه كفروا به ؛ لأنه - عز وجل - لا يعرف من طريق الحس والعيان ؛ ولكن إنما يعرف من طريق الحجج والآيات والدلائل ؛ فيكون الكفر بآياته وحججه كفراً به ، ويشبه أن تكون آياته آيات الرسالة وحججها . ويحتمل آياته - هاهنا - رسله ، أي : كذبوا برسلنا ، سمى رسله آياته ؛ لأن أنفس الرسل كانت آيات للخلق تدلهم على وحدانية الله ، ورسالتهم من أعلام جعلت من أنفسهم من صدقهم وأماناتهم . { وَٱسْتَكْبَرُواْ عَنْهَآ } . أي : استكبروا عن التدبر فيها والنظر . { أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَٰبُ ٱلنَّارِ } . لأنهم يصحبون النار والسبب الذي يوجب لهم النار أبداً ؛ فسموا أصحاب النار بذلك ؛ كما يقال : صاحب الدار وصاحب الدابة ؛ لأنه هو يصحبها دائماً ؛ فعلى ذلك هؤلاء سموا أصحاب النار ؛ لما هم يصحبونها دائِماً أبداً ، والله أعلم .