Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 8, Ayat: 7-8)

Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله - عز وجل - : { وَإِذْ يَعِدُكُمُ ٱللَّهُ إِحْدَى ٱلطَّآئِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ } ذكر في بعض القصة أن عير قريش حين أقبلت من الشام ، خرج أصحاب رسول الله نحوهم على ما يخرج إلى العير غير متأهبين للحرب ، وخرجت قريش من مكة تغيث عيرها فهي الطائفة الأخرى ، ووعد لهم أن إحدى الطائفتين لهم إما العير وإما العسكر أنهم ينصرون عليهم { وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ ٱلشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ } أي : التي ليس فيها حرب ، ثم يكون لكم العير وهي أهون شوكة وأعظم غنيمة ، كانوا يودون ذلك . وقوله - عز وجل - : { وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ ٱلشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ } لما لم تكونوا مستعدين للقتال والحرب ، وكان بهم ضعف وفي أولئك قوة وعدة ، والله أعلم . قال الله تعالى : { وَيُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ } يحتمل - والله أعلم - يريد أن يظهر الحق بأنه منه من غير وجود الأسباب منهم ، وهو كما ذكر في قوله : { قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ ٱلْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَأُخْرَىٰ كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ ٱلْعَيْنِ } [ آل عمران : 13 ] أخبر أن في غلبة أولئك مع ضعف أبدانهم وقلة عددهم وقصور أسباب الحرب من السلاح والعدة وغير ذلك ، وقوة أبدان أولئك وكثرة عددهم وعدتهم وتأهبهم واستعدادهم لذلك - آية عظيمة ، فأراد أن يظهر الحق بالآية ؛ ليعلم كل منهم أنه إنما كان ذلك بالله لا بهم ، وهو ما قال : { فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ رَمَىٰ } [ الأنفال : 17 ] أخبر أنه كان بالله ذلك لا بهم . ويحتمل قوله { بِكَلِمَاتِهِ } بالوعد الذي وعد رسول الله بمكة بالنصر والظفر لهم ، فأراد أن يظهر ذلك ويحققه . ويحتمل : { بِكَلِمَاتِهِ } بعلمه وأمره . ويحتمل { بِكَلِمَاتِهِ } بحججه ، أي يوجب [ الحق ] ويظهر بحججه وبراهينه . ويحتمل { بِكَلِمَاتِهِ } البشارات التي بشر بها المؤمنين بالنصر لهم والظفر والعداوة التي كانت منهم . ويحتمل { بِكَلِمَاتِهِ } ملائكته الذين بعثهم [ مددا لهم ] يوم بدر على ما ذكر ، فأضافهم إليه تعظيماً لهم وإجلالاً ، على ما سمى عيسى روح الله وكلمته وموسى كليم الله ؛ تعظيماً لهم وإجلالاً ، فعلى ذلك هذا ، والله أعلم . { وَيَقْطَعَ دَابِرَ ٱلْكَافِرِينَ } يحتمل : يقطع آثار الكافرين يقتلون جميعا ويستأصلون حتى لا يبقى لهم أثر ، ويحتمل : يقطع ما أدبرهم حتى لا يأتيهم مدد . وقوله - عز وجل - : { لِيُحِقَّ ٱلْحَقَّ } أي ليظهر الحق ويوجبه ، يقال : حق كذا ، أي وجب : ويحتمل ليظهر [ حق ] الحق ويظهر بطلان الباطل ، أو أن يقال : قوله : { لِيُحِقَّ ٱلْحَقَّ وَيُبْطِلَ ٱلْبَاطِلَ } ما ذكرنا : يجب الحق ويجيء ويذهب الباطل ؛ كقوله : { جَآءَ ٱلْحَقُّ وَزَهَقَ ٱلْبَاطِلُ } [ الإسراء : 81 ] أي ذهب ، فعلى ذلك هذا : يجيء ، [ الحق ويجب ] ويذهب الباطل وإن كره المشركون فإن قيل في قوله { كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى ٱلْمَوْتِ } .