Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 101-102)

Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله : { وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِّنَ ٱلأَعْرَابِ مُنَٰفِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ ٱلْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى ٱلنِّفَاقِ } . أخبر أن من حولهم من الأعراب ومن أهل المدينة - أيضاً - منافقون مردوا على النفاق ، [ فقال بعضهم : المرد في الشيء : هو النهاية في الشرّ . وقال بعضهم : { مَرَدُواْ عَلَى ٱلنِّفَاقِ } ] ، أي : ثبتوا عليه وداموا . وقال بعضهم : { مَرَدُواْ } أي : عتوا عليه وبالغوا فيه . أخبر أنهم لشدة مكرهم وخداعهم وعتوهم { لاَ تَعْلَمُهُمْ } : أنت ، { نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ } ؛ لأن من المنافقين من كان يعرفهم الرسول في لحن القول ، كقوله : { وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ ٱلْقَوْلِ } [ محمد : 30 ] ومنهم من كان يعرفهم في صلاته ؛ كقوله : { وَإِذَا قَامُوۤاْ إِلَى ٱلصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَىٰ } [ النساء : 142 ] ، ومنهم من كان يعرف نفاقه في تخلفه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني : عن الغزو - فأخبر - عز وجل - أن هؤلاء لشدة عتوهم ومكرهم وفضل خداعهم لا تعرف نفاقهم ، نحن نعرف نفاقهم . ثم أخبر أنه سيعذبهم مرتين ؛ قال بعضهم : القتل والسبي . وعن الحسن قال : عذاب في الدنيا وعذاب في القبر . وقال بعضهم : يعذبهم بالجوع والقتل . وقال أبو بكر الأصم : قوله : { سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ } القتل والسبي قبل الموت ، والعذاب الآخر يعذبون في القبر { ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِيمٍ } . ويشبه أن يكون تعذيبه إياهم مرتين ؛ حيث أخذوا بالإنفاق على المؤمنين [ وبنيهم ] وبين المؤمنين عداوة ، وأمروا أيضاً بالقتال مع الكفار وهم أولياؤهم ؛ هذا أحد العذابين ؛ لأنهم أمروا بالإنفاق على أعدائهم ، وأمروا - أيضاً - أن يقاتلوا أولياءهم ، والعذاب الثاني : القتل في القتال . فإن قيل : لم يذكر أن منافقاً قتل . قيل : لم يذكر لعلة أنهم كانوا لا يعرفونهم ؛ لقوله { لاَ تَعْلَمُهُمْ } [ التوبة : 101 ] فإذا لم يعرفوا فيقتلون كما يقتل غيرهم من المؤمنين ، والله أعلم . وقال بعضهم : سنعذبهم مرتين : عند الموت ضرب الملائكة الوجوه والأدبار ؛ كقوله : { يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ } [ محمد : 27 ] ، وفي القبر منكر ونكير { ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِيمٍ } : في الآخرة . وقوله - عز وجل - : { وَآخَرُونَ ٱعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً } . قال عامة أهل التأويل : الآية نزلت في أبي لبابة وأصحابه ، تخلفوا عن غزوة تبوك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فندموا على ذلك ، واعترفوا ، ورجعوا عن ذلك ، وتابوا ، فقبل الله توبتهم ، ووعدهم المغفرة بقوله : { عَسَى ٱللَّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } . وذكر في بعض القصّة " أنه لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم عن غزوته تلك جاء هؤلاء الذين تخلفوا عنه بأموالهم إلى رسول الله ، فقالوا : يا رسول الله ، هذه أموالنا التي خلفتنا عنك ، فخذها فتصدق بها عنا ، فكره أن يأخذها ، فقال : " لم أومر بذلك " " ، فنزل : { خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ } [ التوبة : 103 ] وهذا الوعد لكل مسلم ارتكب ذنباً لم يخرجه من الإيمان ، ثم ندم على ذلك وتاب يرجو - والله أعلم - أن يكون في وعد هذه الآية ؛ لأنه ذكر المؤمنين وما هم عليه ، وذكر المنافقين وما هم عليه ، ثم ذكر الذين خلطوا أعمالهم الصالحة بأعمالهم السيئة ثم ندموا على ذلك وتابوا ، وعد [ الله ] لهم قبول التوبة والمغفرة .