Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 9, Ayat: 86-87)

Tafsir: Taʾwīlāt ahl as-sunna

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قوله - عز وجل - : { وَإِذَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُواْ بِٱللَّهِ وَجَاهِدُواْ مَعَ رَسُولِهِ } . أي : إذا أنزلت سورة فيها { أَنْ آمِنُواْ بِٱللَّهِ } ، لا أنها تنزل سورة بهذا الحرف ، ولكن فيها ذكر { أَنْ آمِنُواْ بِٱللَّهِ وَجَاهِدُواْ مَعَ رَسُولِهِ } ، وهو كقوله : { فَإِذَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا ٱلْقِتَالُ } [ محمد : 20 ] ، وقوله : { أَنْ آمِنُواْ بِٱللَّهِ } بقلوبهم ؛ لأنهم قد أظهروا الإيمان باللسان ، وهم لم يكونوا مؤمنين بالله حقيقة . وقوله - عز وجل - : { ٱسْتَأْذَنَكَ أُوْلُواْ ٱلطَّوْلِ مِنْهُمْ } . قيل : أولوا الطول : هم أهل الغنى والسعة . وقيل : أولوا الطول : أهل الفضل والشرف الذين كانوا يصدرون لآرائهم ، وينظرون إلى تدبيرهم ، وقد كان في أهل النفاق أهل السعة والغناء ، وأهل النظر والتدبير . وقوله - عز وجل - : { وَقَالُواْ ذَرْنَا نَكُنْ مَّعَ ٱلْقَاعِدِينَ } . استأذنوا في القعود عن الجهاد - والله أعلم - لما كانوا يوالون أهل الكفر سرّاً ، فكرهوا القتال مع الأولياء ، أو كانوا يتخلفون ويمتنعون عن الخروج إلى القتال ؛ [ لفشلهم وبغيهم ؛ لأنهم لم يكونوا يعملون لعواقب تتأمل إنما كانوا يعملون لمنافع حاضرة ؛ لذلك كانوا يمتنعون عن الخروج إلى القتال ] ، وأما أهل الإيمان : فإنهم إنما يعملون للعواقب ، وكذلك أهل الكفر إنما يقاتلون أهل الإيمان إما غنيمة في العاقبة يتأملون ، لكنهم كانوا يستأذنون في القعود ، ويكونون مع القاعدين ، يرون من أنفسهم أن لهم العذر في القعود . ثم قوله : { ذَرْنَا نَكُنْ مَّعَ ٱلْقَاعِدِينَ } يحتمل : مع القاعدين من الضعفاء والمرضى والصبيان ، حتى إذا أتاهم العدو من بعد ما خرج الرجال منهم إلى قتال العدو ، يقومون لدفع العدو عن هؤلاء . أو يكون قولهم : ذرنا نكن مع القاعدين من أهل العذر ، يرون أنفسهم أنهم أهل العذر ، ولم يكن [ لهم ] عذر في ذلك ؛ كقوله : { إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ } [ الأحزاب : 13 ] الآية ، فعلى ذلك الأول يحتمل هذا . وقوله - عز وجل - : { رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ ٱلْخَوَالِفِ } . قيل : مع النساء ، فهذا حرف تعيير وتوبيخ ، أي : رضوا بأن يكونوا في مشاهد النساء دون مشاهد الرجال . وقوله - عز وجل - : { وَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ } . أن للإيمان نوراً يبصر به عواقب الأمور ، ويرفع الحجاب والستر عن القلوب وعن الأمور فتراها بادية ظاهرة ، وللكفر ظلمة تستر الظاهر من الأمور والبادى منها ، فتستر تلك الظلمة قلبه ، فذلك الطبع ، وقد ذكرنا الوجه فيه في غير موضع ، والله أعلم . { فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ } . ما يلحقهم من التعيير برضاهم بالقعود مع الخوالف ، والفقه : هو معرفة الشيء بمعناه الدال على نظيره ، منعت تلك الظلمة أن تعرف الأشياء بمعانيها وبنظائرها للحجاب الذي ذكرنا .